إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول









الفصل السادس

أحداث عام 1996

اتجاهات السوق والأسعار وتجاوز حصص الإنتاج

  • في يناير 1996 ارتفع إنتاج أوبك من الزيت الخام إلى نحو 25.75 مليون برميل يومياً،في مقابل 25.50 مليون برميل يومياً في ديسمبر 1995 و 25.47 مليون برميل يومياً في نوفمبر 1995

          بذلك تجاوز إنتاج دول أوبك في هذه الشهور الثلاثة الحصص الإنتاجية المقررة لها، والتي تبلغ نحو 24.52 مليون برميل يومياً، بنحو 1.24 مليون برميل يومياً.

          كان ارتفاع إنتاج السعودية إلى نحو 8.1 مليون ب/ ي بسبب ملء مستودعات التخزين الخاصة بشركة أرامكو السعودية في منطقة البحر الكاريبي.

          وكان ارتفاع إنتاج الإمارات بسبب إعادة تشغيل تسهيلات الإنتاج بعد إغلاقها المؤقت بسبب عمليات الصيانة.

أما دول أوبك الأخرى فقد زاد إنتاجها تجاوزاً كما هي العادة بعدم الالتزام بالحصص المقررة.

          وعلى الرغم من ذلك فقد سجل متوسط السعر الفوري لسلة خامات أوبك السبعة[1] حوالي 18.06 دولاراً للبرميل في شهر يناير 1996 بزيادة قدرها 30 سنتاً للبرميل على متوسط شهر ديسمبر 1995، الذي كان يبلغ 17.76 دولاراً للبرميل. وذلك وفقاً للأرقام الصادرة عن سكرتارية أوبك.

وجهات النظر السائدة بين أعضاء دول أوبك

ويبدو أن هذه الزيادات الأخيرة في الأسعار ترجع إلى أسباب طارئة لن تلبث أن تزول.

          إن ارتفاع أسعار البترول الخام إلى معدلات قياسية لم تحققها منذ زمن بعيد، أغرى أعضاء أوبك بأنه يعكس ارتفاعاً حقيقياً في الطلب العالمي على البترول، واعتبروا ذلك مبرراً كافياً لزيادات مقابلة للإنتاج.

          كانت وجهة النظر الصائبة ـ وتمثلها إيران ـ تدعوا إلى تثبيت سقف إنتاج أوبك وقتئذ، الذي تقرر منذ سبتمبر 1993 ويبلغ 24.52 مليون ب/ ي، وذلك بهدف تغطية الطلب الفعلي على بترول أوبك خلال الربعين الثالث والرابع من عام 1996، حيث يدور الطلب حول 23.7 مليون ب/ ي و 25.6 مليون ب/ ي على التوالي، مع الأخذ في الاعتبار التجاوزات الفعلية لحصص الإنتاج والتي تقدر بنحو 1.5 مليون ب/ ي. وبهذا التصرف يمكن إحكام السيطرة على الأسعار كما أنه يمهد السبيل لاحتمالات عودة صادرات البترول العراقية إلى الأسواق، التي ستَفْرض على دول أوبك خفضاً جبرياً على الإنتاج.

أما من وجهة النظر الثانية فقد انساقت وراء احتمالين هما:

  • ارتفاع معدلات إعادة بناء المخزون الاحتياطي في الدول الصناعية المستهلكة للبترول عن المعدلات العادية خلال الربع الثالث من العام.
  • والارتفاع الموسمي في الطلب على البترول خلال الربع الأخير من العام لقرب حلول فصل الشتاء.

          كان هذا الاتجاه يروق لبعض دول الخليج، التي ترى اعتماد معدلات الإنتاج في ذلك الوقت التي تقدَّر بنحو 26 مليون برميل يومياً سقفاً جديداً للإنتاج خلال النصف الثاني من عام 1996 مع إعادة توزيع الحصص على الأعضاء.

          أما وجهة النظر الثالثة  ـ التي كانت تؤيدها فنزويلا ـ فترى التخلص من قيود الإنتاج وإعادة النظر في تحديد دور أوبك في صناعة الطاقة في ضوء إعادة توزيع حركة البترول العالمية وفق أسس إقليمية تحقق التكامل الجغرافي بين مناطق الإنتاج والاستهلاك.

          معنى هذا، أن هذا الرأي يؤيد نبذ فكرة حصص الإنتاج. وهذا يُعد بمثابة مخاطرة بمستقبل أوبك وبالأسعار، فلم يعد لدى دول أوبك المقدرة المالية على مواجهة انهيار آخر في الأسعار وتكرار ما حدث في مسنتصف الثمانينات.

خلال الفترة من 5 ـ 7 يونيه 1996

          عقد وزراء دول أوبك اجتماعهم العادي نصف السنوي رقم 100 بفيينا لبحث السقف الإنتاجي لأوبك وحصص الدول الأعضاء للنصف الثاني من عام 1996، في ضوء وجهات النظر الثلاث سالفة الذكر.

          وتوصلوا إلى اتفاق على سقف إنتاج جديد يبلغ 25.033 مليون ب/ ي بدلاً من السقف القديم الذي كان يبلغ 24.52 مليون ب/ ي، وهي زيادة تكفي لاستيعاب عودة العراق الجزئية إلى سوق البترول العالمي دون الضغط سلبياً على الأسعار، مع تجميد جميع الحصص بحيث تظل كما هي. ويسري هذا الاتفاق الجديد لمدة ستة شهور حتى نهاية ديسمبر 1996.

          وقد قرر وزراء أوبك إضافة حصة مقدارها 800 ألف ب/ ي للعراق. وبذلك يرتفع إنتاج العراق إلى 1.2 مليون ب/ ي، حيث كان ينتج وقتئذ 400 ألف ب/ ي لمواجهة الاستهلاك المحلي.

          كان من المتوقع أن يسفر عن إي قرار بزيادة إنتاج أوبك انعكاسات سلبية على سوق البترول العالمي. وعلى الرغم من زيادة السقف الإنتاجي الجديد إلى 25.033 مليون ب/ ي، (إلا أن الإنتاج الفعلي لدول أوبك ـ حسب تقرير الوكالة الدولية للطاقة ـ) كان 26 مليون ب/ ي، لكن أسواق البترول تفاعلت بشكل إيجابي مع السقف الإنتاجي الجديد، إذ ارتفعت أسعار البترول إثر الإعلان عن التوصل إلى اتفاق فارتفع سعر خام برنت في لندن يوم 7 يونيه 1996 إلى 18.15 دولاراً للبرميل.

          وعلى الرغم أن الأوساط البترولية توقعت صعوبة المحافظة على مستويات مرتفعة لأسعار البترول مع توقعات زيادة الإنتاج في دول أوبك وخارج أوبك، إلاّ أن هذه التوقعات لم تتحقق ولم تتأثر الأسعار.

          وقد زاد سعر خام برنت المؤرخ من 22.25 دولاراً في 9/ 9/ 1996 إلى 24.67 دولاراً للبرميل في 8/ 10/ 1996.

          كما ارتفع سعر خام العربي الخفيف (السعودية) من 20.62 دولاراً في 9/ 9/ 1996 إلى 22.75 دولاراً للبرميل في 8/ 10/ 1996

وفي يومي 27 و 28 نوفمبر 1996

عُقد الاجتماع الوزاري لأوبك رقم 101 في فيينا بالنمسا (انظر ملحق البيان الختامي لاجتماع أوبك الوزاري (101)، الصادر في 27 - 28 نوفمبر 1996).

          وقد قرر المؤتمر الإبقاء على سقف الإنتاج المتفق عليه وهو 25.03 مليون ب/ ي وحصص الدول الأعضاء حتى نهاية يوليه 1997.

          وعن اتجاهات الأسعار، فقد ورد في تقرير الوكالة الدولية للطاقة عن أوضاع السوق البترولي العالمي في ديسمبر 1996:

أنه في شهر نوفمبر 1996 كان سعر برنت المؤرخ 24.6 دولاراً وسعر برميل خام تكساس  25.3 دولاراً

          كما حقق متوسط السعر الفوري لسلة خامات أوبك السبعة في شهر نوفمبر 1996 نحو 22.24 دولاراً وذلك وفقاً للأرقام الصادرة من سكرتارية أوبك.

أما تقرير الوكالة الدولية للطاقة الصادر في شهر يناير 1997

          فقد أشار إلى زيادة إنتاج الدول الأعضاء في منظمة أوبك من الزيت الخام حوالي 26.60 مليون ب/ ي في شهر ديسمبر 1996 مقابل 26.14 مليون ب/ ي في شهر ديسمبر 1996.

          وبذلك تجاوز إنتاج أوبك سقف الإنتاج المحدد بـ 25.03 مليون ب/ ي وعزت الوكالة معظم الزيادة في إنتاج أوبك إلى زيادة إنتاج العراق بنحو 310 ألف ب/ ي بعد استئناف صادراته وعودتها للأسواق لأول مرة منذ ست سنوات. وقد سجل إنتاج العراق في شهر ديسمبر 1996 نحو 860 ألف ب/ ي بالمقارنة بنحو 550 ألف ب/ ي في نوفمبر 1996 (وهو إنتاج البترول للاستهلاك المحلي والصادرات المحدودة إلى الأردن).

          وكان إنتاج السعودية نحو 8.3 مليون ب/ ي بالمقارنة بحصتها التي تبلغ نحو 8 ملايين ب/ ي، وإنتاج إيران نحو 3.7 مليون ب/ ي  بالمقارنة بحصتها التي تبلغ نحو 3.6 مليون ب/ ي

كما زاد إنتاج فنزويلا ليسجل نحو 3.05 مليون ب/ ي  بالمقارنة بحصتها التي تبلغ نحو 2.36 مليون ب/ ي

          كما أشارت الوكالة الدولية للطاقة إلى زيادة العرض العالمي من الزيت الخام في شهر ديسمبر 1996 بنحو 1.3 مليون ب/ ي ليبلغ نحو 74.7 مليون ب/ ي، ويرجع ذلك إلى زيادة إنتاج أوبك والدول غير الأعضاء في أوبك.

          وأوضحت الوكالة أن بدء الإنتاج من الحقول الجديدة في بحر الشمال وأماكن أخرى وعدم إجراء أعمال صيانة أدى إلى زيادة الإمدادات من خارج أوبك إلى مستوى قياسي جديد بلغ 45.4 مليون برميل يومياً في شهر ديسمبر 1996.

          وعلى ذلك فإن من أسباب زيادة العرض العالمي من الزيت الخام ارتفاع إنتاج بحر الشمال وأمريكا اللاتينية في شهر ديسمبر 1996 بنحو 700 ألف ب/ ي، وتجاوز دول بحر الشمال مستوى الـ 7 ملايين ب/ ي لأول مرة. وكذلك ارتفع إنتاج الصين.

          ومن جهة أخرى أشارت منظمة أوبك إلى أن ارتفاع أسعار الزيت الخام في الأسواق العالمية لا يرجع إلى انخفاض العرض العالمي وإنما كان نتيجة لزيادة الطلب خاصة لأغراض التدفئة لمواجهة الطقس البارد في كل من أوربا وغرب الولايات المتحدة الأمريكية مما سيدعم الأسعار بشكل كبير ولفترة زمنية طويلة.

          وقد أشار التقرير الشهري لأوبك إلى ارتفاع أسعار متوسط سلة خامات أوبك من 23.14 دولاراً للبرميل إلى 24.2 دولاراً للبرميل في أوائل يناير 1997، وهو يعتبر سعراً قياسياً لم تحققه الأسعار منذ عام 1986 فيما عدا بعض فترات حرب الخليج الثانية.

          وأوضح تقرير منظمة أوبك أنه على الرغم من استئناف العراق تصدير بتروله لأول مرة، إلى جانب زيادة إنتاج حقول بحر الشمال، وكميات أخرى محدودة من منطقة خليج المكسيك، إلا أن الطلب كان أقوى، حيث استوعب هذه الكميات التي طرحت في السوق العالمي، مما جعل الأسعار تحقق مستويات قياسية بالمقارنة بما كانت عليه عام 1996.

عائدات دول أوبك البترولية في عام 1996

          شهد عام 1996 ارتفاعاً ملحوظاً في عائدات صادرات الدول الأعضاء في أوبك، حيث قفزت من 139.1 بليون دولار عام 1995 إلى 170.5 بليون دولار عام 1996 بزيادة بنسبة 22.6% محققة مستوى قياسي لم يسجل منذ 14 عاماً.

          ويرجع ذلك إلى ارتفاع مستوى أسعار سلة خامات أوبك إلى 21.33 دولاراً للبرميل مقابل 17.4 دولاراً للبرميل في عام 1995 بزيادة بنسبة 22.6% كما ترجع زيادة العائدات أيضاً إلى زيادة الإنتاج إلى حوالي 25.9 مليون ب/ ي بزيادة بنسبة 3.3% أعلى مستوى تحقق منذ 16 عاماً.

وفي أوائل أغسطس 1996

          صدر قانون أمريكي (داماتو) يقضي بفرض عقوبات على الشركات الأجنبية التي تتعدى استثماراتها في صناعة البترول والغاز في كل من إيران وليبيا 40 مليون من الدولارات في فترة عام.

          وقد أثار هذا القانون معارضة شديدة من دول الاتحاد الأوربي وكندا واستراليا وهي كلها دول حليفة للولايات المتحدة وتستنكر بقوة الإرهاب الدولي، ولكنها تفضل معالجة الوضع بالحوار وليس بفرض العقوبات.

          وتجدر الإشارة إلى التحدي السافر لهذا القانون، بتوقيع إيران وتركيا لصفقة الغاز التاريخية بينهما، التي تبلغ قيمتها 23 بليون دولار، والتي تستورد تركيا بموجبها الغاز الطبيعي من إيران لمدة 22 عاماً.

          وقد أعلنت تركيا أن اتفاقها مع إيران لا ينطوي على أي استثمار بل يقتصر دورها على مد خط أنابيب في الأراضي التركية ليتصل بخط نقل الغاز الإيراني إليها.

          وفي تجاهل صريح للقانون الأمريكي (داماتو) المشار إليه، وقَّعت شركة توتال الفرنسية في نهاية شهر سبتمبر 1997 عقداً مع الشركة الوطنية الإيرانية للبترول لتطوير حقل غاز جنوب فارس الضخم في المياه الإيرانية.

          وسوف تتولى الشركة الفرنسية (توتال) مسؤولية إدارة المشروع لتطوير الحقل الذي تقدَّر احتياطياته بنحو 8 تريليون قدم مكعب، ومن المتوقع أن يبدأ الإنتاج خلال عام 2001

          وقد أشار متحدث باسم توتال الفرنسية أن الصفقة التي تم توقيعها مع إيران تتفق مع القانون الفرنسي ولوائح الأمم المتحدة.

          وعلى جانب آخر أكد الدبلوماسيون الإيرانيون أن توقيع الاتفاق مع توتال يمثل تحدياً للعقوبات الأمريكية، التي تهدف إلى عزل صناعة الطاقة في إيران.

          وأضاف متحدث باسم الخارجية الفرنسية أن شركة توتال تحظى بتأييد الحكومة الفرنسية والاتحاد الأوربي في مواجهة قانون العقوبات الأمريكي. وأن تطبيق قانون داماتو سيشكل سابقة خطيرة في مجال التجارة في القانون الدولي. وأضاف بأن العقد صفقة تجارية وليس سياسية .

          وكذلك وقَّعت إيران اتفاقاً آخر مع باكستان لبناء معمل تكرير مشترك في باكستان طاقته 120 ألف ب/ ي.




[1] خامات أوبك السبعة تشمل: خليط صحارى (الجزائر) ـ ميناس (أندونيسيا) ـ بوني الخفيف (نيجيريا) ـ العربي الخفيف (السعودية) ـ دبي (الإمارات) ـ تياجوانا (فنزويلا) ـ أيسموز (المكسيك).

[2] السعودية لن تعود إلى لعب دور المنتج المرجح` جريدة `الحياة`، العدد الصادر في 12 مارس 1999. معنى المنتج المرجِّح كانت سياسة المملكة العربية السعودية أن تقوم بدور المنتج المرجح منذ عام 1978. وذلك بتعويض السوق العالمي عن النقص الناشئ في إمدادات البترول في حالة قلة العرض، وفي تخفيض إنتاجها في حالة زيادة العرض. وذلك من منطلق مسؤولياتها تجاه الاقتصاد الدولي ومحاولة لتجنيب سوق النفط العالمي أي هزات مدمِّرة.