إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول









الفصل السادس

سجل موجز للمؤتمرات التي تم عقدها خلال عام 1996

في شهر يناير 1996

انعقد المؤتمر الرابع للبترول والغاز في البحرين.

          وقد أعدت الوكالة الدولية للطاقة IEA  دراسة تضمنت تقديراتها لطاقة إنتاج دول الشرق الأوسط الست الرئيسية خلال عام 2000 (السعودية ـ الكويت ـ العراق ـ إيران ـ قطر ـ الإمارات).

          أعربت الدراسة عن قدرة هذه الدول المنتجة للبترول على مواجهة الزيادة المتوقعة في الطلب العالمي على البترول عام 2010.

          وتجدر الإشارة إلى أن دول الشرق الأوسط لديها بالفعل الطاقات الإنتاجية الكافية، وبإمكانها تلبية الزيادة المتوقعة في الطلب بشرط أن تواصل مسيرة الإصلاح الاقتصادي. فهذه الدول الست تملك أكثر من 42% من تجارة البترول العالمية، وتنتج حوالي أكثر من ربع الإنتاج العالمي، وتكمن في أراضيها نحو ثلثي الاحتياطي العالمي الثابت من البترول.

          وقد أبدت الوكالة الدولية للطاقة في دراستها التي أعدتها في إطار المؤتمر المشار إليه مخاوفها تجاه الصعوبات التي من المتوقع أن تمثل عائقاً أمام هؤلاء المنتجين وتحُول دون قدرتهم على تلبية الطلب المتنامي والمتوقع على البترول. ولعل أهمها الصعوبات التي تواجه مركزها المالي والاستثمارات المطلوبة للتوسع المستقبلي في طاقات الإنتاج بالإضافة إلى التزامات خدمة الدين.

          وتضمنت الدراسة توقعات الطلب العالمي على البترول في عام 2010، حيث أشارت إلى أنه سيراوح ما بين 85 ـ 105 مليون برميل يومياً.

          والجدير بالملاحظة أن دول الشرق الأوسط تخطط لزيادة طاقتها بحوالي 5.3 مليون ب/ ي في عام 2000 لتصل إلى حوالي 28.2 مليون ب/ ي. وأن هذا التوسع يتطلب استثمارات مالية ضخمة تقدر بنحو 50 بليون دولار.

          وانتهت الدراسة إلى أن أغلب هذه الدول تعاني من انخفاض نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي، وعجز في ميزانياتها وتناقص في أصولها الخارجية وفي دخلها بالإضافة إلى زيادة النفقات العسكرية والتزامات خدمة الدين.

          ولكن هذه الدول ـ على الرغم من ذلك ـ ستكون قادرة على توفير الاستثمارات الضرورية اللازمة لزيادة طاقتها الإنتاجية، حيث انتهجت مؤخراً سياسات لإصلاح هياكلها الاقتصادية بمجموعة من الإجراءات تمثلت في ترشيد استهلاك البترول ورفع الأسعار المحلية وزيادة صادراتها البترولية وتنويعها، وتوسيع قطاع البتروكيماويات وتحديث البنية الأساسية وترشيد أوجه الإنفاق العام وخفض الإعانات المالية الحكومية وغيرها من الإجراءات اللازمة لتوفير تلك الاستثمارات المطلوبة.

في يوليه 1996

          كانت بداية عصر التحالفات الاستراتيجية بين شركات النفط. حيث أصدرت السعودية مرسوماً ملكياً بإدماج كافة حقوق شركة بترومين في مشروعات التكرير المشتركة، بالإضافة إلى معامل التكرير الخاصة بها داخل شركة أرامكو السعودية والتي سوف تقوم بجميع التزاماتها.

          وفي أغسطس 1998 تم الاندماج الضخم بين شركتي بريتش بتروليم وشركة موبل وفقاً لما تم الاتفاق عليه مع الاتحاد الأوربي، وذلك بتجميع موجودات الشركتين بقيمة دفترية مثبتة في الدفاتر يبلغ حجمها 5 ملايين دولار أمريكي. (تفاصيل هذا الموضوع في أحداث عام 1998)

وفي 10 سبتمبر 1996

          عُقد في سنغافورة مؤتمر بترول آسيا/ الباسفيك الثاني عشر. وترجع أهمية هذا المؤتمر إلى النمو الاقتصادي الكبير الذي تشهده منطقة شرق آسيا، الأمر الذي يجعل منها سوقاً رائجة للبترول. ونظراً لتقارب هذه المنطقة جغرافياً مع منطقة الخليج ـ ذات الاحتياطيات البترولية الهائلة ـ فإن ذلك يزيد من اعتماد كل من المنطقتين على الأخرى.

          وقد أشار وزير البترول السعودي في كلمته التي ألقاها في هذا المؤتمر إلى رغبة السعودية في زيادة الاعتماد المتبادل بينها وبين دول آسيا/ الباسفيك من خلال التكامل والمشاركة في المشروعات البترولية. وأشار إلى مشاركة السعودية في شركة sangyong لتكرير البترول في كوريا الجنوبية وفي مؤسسة بترون في الفلبين، هذا بالإضافة إلى المفاوضات الحالية مع شركات صينية وهندية من أجل تنمية مشروعات تكرير مشابهة.

          ويوضح ذلك استراتيجية السعودية التي تسعى إلى تنويع مصادر دخلها وعدم الاعتماد على صادراتها من البترول كمصدر وحيد للدخل عن طريق زيادة استثماراتها في المشاركة في مشروعات التكرير والبتروكيماويات والتسويق خارج السعودية.

وفي خلال الفترة من 6 ـ 8 ديسمبر 1996

          عُقد المؤتمر العالمي الخامس للطاقة بمنتجع جوا بالهند، وتناول قضايا مستلزمات الاستثمار والتكنولوجيا ومصادر الطاقة البديلة والبيئة.

          افتتح المؤتمر رئيس وزراء الهند بحضور 40 وزيراً وأكثر من 400 عضو من أعضاء الوفود والمشاركين من الدول المنتجة والمستهلكة للبترول والغاز في هذا المؤتمر.

ومن أهداف هذا المؤتمر:

  • العمل من أجل وجود سوق عالمية يسودها الاستقرار خاصة في أسعار الطاقة، التي تمثل حجر الزاوية في استمرار النمو الاقتصادي والمحافظة على البيئة.
  • العمل على مواجهة التحديات المستقبلية لسوق الطاقة من خلال التعاون الإيجابي بين المستهلكين والمنتجين، وتوفير حاجة السوق من الطاقة بما يؤدي إلى مصلحة الجانبين. ووضع أسس معينة لتنظيم هذا التعاون.

          وقد طرحت جريتي فاريمو وزيرة الطاقة النرويجية اقتراحاً بتحويل المؤتمر إلى هيئة تختص ببلورة سياسات الطاقة الدولية على نمط منظمة التجارة العالمية.

          كما طرحت أيضاً فكرة إنشاء صندوق دولي لبحث مصادر بديلة للطاقة، على أن يتم تجميع الأموال للصندوق عن طريق فرض ضريبة مقدارها سنت لكل برميل فقط.

          وقد انتهى المؤتمر على أمل ان تساهم الآراء التي طرحت خلال جلساته في تحقيق جزء ولو ضئيل من الهدف الرئيسي لهذه السلسلة من المؤتمرات وهو تشجيع الحوار والتشاور بين طرفي الاستهلاك والإنتاج في إطار عريض يربط بين الجوانب الاقتصادية ومتطلبات البيئة.

وفي 10 ديسمبر 1996

          استأنف العراق تصدير بتروله لأول مرة بعد مرور أكثر من ست سنوات على غزو العراق للكويت في 2 أغسطس 1990.

          وقد يكون من المناسب سرد ما حدث طوال هذه السنوات الست، وما أدى إلى تعطيل تصدير بتروله ـ إشباعاً لفضول القارئ، الذي يعتمل في نفسه سؤال فحواه: ما هي أسباب ذلك؟

          من المعروف أن العراق قد خضع للحصار والعقوبات الدولية المفروضة من قِبل الأمم المتحدة منذ أغسطس 1990 بعد عملية الغزو العراقي للكويت.

          وبعد مرور تسعة أشهر على قيام التحالف الدولي بضرب العراق، صدر قرار مجلس الأمن رقم 678 في عام 1991، وتقضي المادة 22 من هذا القرار برفع الحظر البترولي الكامل عن العراق بعد تلبية بغداد جميع متطلبات اللجنة الخاصة بإزالة أسلحة الدمار الشامل. وقد اعتبر العراق هذا القرار انتقاصاً من السيادة الوطنية للبلاد.

          أعقب هذا القرار صدور القرارين رقمي 706 و 712 في عام 1991. وينصان على السماح للعراق بتصدير ما قيمته 1.6 مليار دولار خلال فترة ستة أشهر وذلك للأغراض الإنسانية. ولكن المفاوضات حول تنفيذ هذين القرارين انتهت بالفشل لاختلاف وجهات النظر.

وفي نوفمبر عام 1993

          وافق العراق على تنفيذ القرار الذي يقضي بوضع أسلحة الدمار الشامل تحت رقابة الأمم المتحدة، وتوالت لجان التفتيش، ولم يسفر الأمر عن التمهيد لرفع الحظر الكلي عن العراق.

وفي أبريل 1995

          صدر قرار مجلس الأمن الشهير رقم 986 بالسماح للعراق بتصدير ما قيمته ملياري دولار على مدى ستة أشهر لشراء أغذية وأدوية تحت إشراف لجنة خاصة من الأمم المتحدة.

          وكان للدبلوماسية الفرنسية دور واضح لإقناع العراق بقبول القرار، الذي أُطلق عليه شعار "النفط مقابل الغذاء" على اعتبار أن قبول العراق هو المدخل الوحيد لبحث موضوع الحظر في مرحلة لاحقة.

وفي 4 فبراير 1996

          أعلنت بغداد رسمياً قبول مبدأ التفاوض، وبدأت جولة من المباحثات تم خلالها مناقشة عدداً من المسائل الفنية المتعلقة بتنفيذ القرار ثم توقفت على أن تُستأنف مرة أخرى في الحادي عشر من مارس 1996.

          خلال هذه الفترة، انحسرت عائدات العراق على قيمة صادراته إلى الأردن، التي لا تتجاوز 50 ألف برميل يومياً. كما انحسر إنتاج البترول الخام إلى نحو 600 ألف برميل يومياً لتغطية الاستهلاك المحلي والصادرات إلى الأردن.

          ونتيجة لتوقف العائدات البترولية إنهار الاقتصاد العراقي، لدرجة أن قيمة الدينار العراقي ـ الذي كان يوازي 3.2 دولاراً قبل الحرب ـ إنحدرت قيمته وأصبح الدولار الواحد يباع أحياناً بنحو 600 دينار عراقي. ولم يكن هناك بديل سوى قبول العراق تنفيذ قرار "النفط مقابل الغذاء".

جدير بالذكر ان ثلاثة من الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وهي:

الصين وفرنسا وروسيا تؤيد تخفيف العقوبات المفروضة على العراق لدواع إنسانية.

          ويبدو أن الدوافع الإنسانية المشار إليها يقبع داخلها مصالح متبادلة. ففي حالة رفع الحظر عن العراق سوف ينكشف دور الشركات في مجال البحث والتنقيب والتنمية في صناعة البترول العراقية. فقد تم إنجاز اتفاقيتين بين العراق وشركتي "ألف أكيتان" و "توتال" لتطوير وتشغيل عدد من الحقول العملاقة التي تتجاوز احتياطياتها البترولية 30 بليون برميل. كما يقدَّر إنتاجها بنحو مليوني برميل يومياً.

          كما تجري محادثات بين شركات روسية وإيطالية لتطوير عدد آخر من الحقول بمجرد رفع الحظر الكلي عن العراق.

          وقد يرجع اهتمام الشركات الروسية إلى الديون القديمة المستحقة لموسكو، والتي تدور حول عشرة مليارات من الدولارات. هذا بالإضافة إلى أن الشركات الروسية والفرنسية تحاول أن تحصل على معاملة تفضيلية في العراق تفوق ما تحصل عليه في دول أخرى.

وفي 20 مايو 1996

          وقَّع العراق مذكرة التفاهم في شأن تنفيذ القرار رقم 986، الذي سمح للعراق ببيع بترول قيمته بليوني دولار لمدة ستة شهور لتلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية للعراقيين.

          وتجدر الإشارة إلى أن مذكرة التفاهم قد تضمنت التحفظات العراقية على القرار 986 من جهة تأكيد السيادة وسلامة الأراضي العراقية. وتضمنت كذلك التعديلات الأمريكية والبريطانية على مسودة المذكرة التي تم التوصل إليها في شهر أبريل 1996.

          وبموجب هذا القرار يُقتطع من عائدات بيع البترول العراقي حوالي 130 ـ 150 مليون دولار للأكراد في شمال العراق، ونسبة 30% من العائدات لصندوق تعويضات حرب الخليج، ونسبة أخرى لتغطية نفقات عمليات الأمم المتحدة في العراق.

          كما تنص مذكرة التفاهم على شروط بيع البترول وتوزيع عائداته بإشراف دولي في كل أنحاء العراق.

          إن كميات البترول العراقية المسموح بتصديرها تبلغ حوالي 700 ـ 750 ألف برميل يومياً عبر خط أنابيب تركيا، الذي كان منفذاً للبترول العراقي قبل الحرب، وعبر ميناء البكر في الجنوب. وسوف تتم مراقبة تدفق البترول عند محطات عدادات خط الأنابيب التركي وعند الموانئ المطلة على الخليج. وسوف تحوَّل العائدات من شركات البترول إلى حساب خاص للأمم المتحدة لشراء السلع الإنسانية.

          وفي شأن استيراد السلع مثل المواد الغذائية والأوربية، يتعين على العراق إعداد قائمة بها لكل المناطق، عدا المناطق الكردية في الشمال التي ستتولاها وكالات الأمم المتحدة.

          وافق الأمين العام للأمم المتحدة على الخطة العراقية لتوزيع المواد الإنسانية في إطار اتفاق النفط مقابل الغذاء ـ الذي وافقت عليه الأمم المتحدة في 20 مايو 1996 ـ مُزيلا بذلك عقبة كبيرة أمام إمكانية بدء تصدير حوالي 800 ألف برميل يومياً من البترول العراقي خلال شهر أغسطس 1996.

          ولكن مع عودة التوتر إلى شمال العراق، تم تجميد اتفاق النفط مقابل الغذاء حتى تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه لضمان سلامة قوات الأمم المتحدة المكلفة بالإشراف على توزيع المواد الإنسانية على الأكراد.

          أما فيما يتعلق بمستويات الأسعار بعد تعليق قرار النفط مقابل الغذاء إلى أجل غير مسمى، فإنه بمجرد توارد الأخبار عن التحركات العسكرية الأمريكية وقيامها بقصف العراق، ارتفع سعر برميل مزيج برنت البريطاني إلى 22.75 دولاراً للبرميل، كما حقق سعر سلة خامات أوبك 21.94 دولاراً للبرميل خلال سبتمبر 1996.

          كانت هذه الزيادات لا ترتبط بالعوامل الاقتصادية المؤثرة في السوق، ولكنها زيادات يحركها الخوف من احتمالات تدهور الأوضاع. ومع ذلك فإن هذا الارتفاع الأخير في الأسعار كان يحمل في طياته عدداً من العوامل خلال الربع الثالث من عام 1996 متزامنة مع توقف الصادرات العراقية واقتراب فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي، ومن هذه العوامل:

  • ارتفاع الطلب العالمي على البترول وخاصة في الدول النامية سواء في منطقة آسيا/ الباسفيك أو في أمريكا اللاتينية.
  • إعادة بناء المخزون الاحتياطي في دول OECD.
  • انخفاض الإنتاج خارج أوبك.
  • إجراء عمليات الصيانة الموسمية للمنشآت البترولية في العديد من الدول المنتجة وخاصة بحر الشمال.

          بشمال العراق، أكدَّ نزار حمدون مندوب العراق في الأمم المتحدة أنه تم انسحاب القوات العراقية من شمال البلاد، وأن العراق لم يعد يعتبر الكويت إقليماً عراقياً، وأنه سيحترم الحدود بين البلدين، التي رُسمت بعد حرب الخليج. كما أكدَّ التزام بلاده بعدم التصدي لطائرات التحالف في منطقتي الحظر الجوي في شمال وجنوب العراق.

          على أثر ذلك، أستأنف العراق تصدير بتروله في 10 ديسمبر 1996 في إطار النفط مقابل الغذاء، الذي وقَّعت عليه بغداد مع الأمم المتحدة في 20 مايو 1996. وقد تم تصدير أولى شحنات البترول العراقي التي تبلغ نحو 450 ألف برميل يومياً، عبر ميناء يومورتاليك التركي. كما تم تصدير شحنة أخرى من البترول عبر ميناء البكر جنوبي البلاد يوم 15 ديسمبر 1996.

          وقد توقَّع خبراء البترول أن يبلغ صافي عائدات العراق من هذه الشحنات حوالي 1.2 بليون دولار كل ستة أشهر، بعد استقطاع نسبة 30% لصالح صندوق التعويضات التابع للأمم المتحدة، ونسبة 15% للأكراد في شمال العراق، ونسبة 2% لتغطية مستحقات العاملين بالأجهزة التابعة للأمم المتحدة بالعراق.

كما سيخصص نحو 800 مليون دولار من هذا المبلغ لشراء الأدوية والحاجات الأساسية.

          وقد شهدت أسعار البترول في الأسواق العالمية بعض الانخفاض في بداية التعاملات الفورية بعد استئناف العراق لتصدير بتروله. كما انخفض أيضاً سعر سلة خامات أوبك إلى 23.20 دولاراً للبرميل في مقابل 23.56 دولاراً للبرميل قبل وضع الاتفاق موضع التنفيذ.

          ومن الجدير بالذكر أن شركة "ألف أكيتان" الفرنسية قد وقعت عقداً مع شركة تسويق البترول العراقية "سومو" لشراء بترول العراق لمدة ثلاثة شهور.

          كما وقَّعت أيضاً شركة توتال الفرنسية عقداً مع العراق لشراء 30 ألف برميل يومياً بعد موافقة الأمم المتحدة.

          ورحبت تركيا ببدء تنفيذ قرار الأمم المتحدة حيث سيتيح لها الفرصة لتعويض خسائرها الناجمة عن الحظر المفروض على العراق.

          ومن المتوقع أن تتم الموافقة على طلب شركة نفط الكويت بمنحها نحو 600 مليون دولار تعويضاً عن الأضرار التي لحقت بها من جراء إشعال القوات العراقية النار في آبار البترول الكويتية في نهاية حرب الخليج، ولذلك بناءً على توصية صادرة عن هيئة من المحكمين المحايدين الذين عينتهم لجنة التعويضات التابعة للأمم المتحدة.

          ومن ناحية أخرى يؤكد كثير من المراقبين أن الولايات المتحدة قد حققت فائدتين أساسيتين من وراء هذا الاتفاق هما:

الأولى: التفاهم مع الدول الأوربية والعربية والأسيوية، التي كانت تحث على تنفيذ الاتفاق.

الثانية: تخلصت من الضغط الدولي الذي كانت تتعرض له لمراعاة الظروف الإنسانية للشعب العراقي.

          ولكن الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت نفسه احتفظت من خلال الأمم المتحدة بضرورة تخلص العراق من جميع أسلحته المدمرة قبل رفع الحظر الشامل عنه.

          أما بالنسبة لردود أفعال الدول الخليجية المصدرة للبترول تجاه اتفاق "النفط مقابل الغذاء" فإن حكومات هذه الدول لا تنظر بعين القلق تجاه تدفق البترول العراقي في الأسواق مرة أخرى بعد توقف دام ست سنوات، كما أنها على ثقة من احتفاظها بعملائها.

          ومن الجدير بالذكر أيضاً تطبيق اتفاق "النفط مقابل الغذاء" يُعد أحد التغييرات الهامة فيما يخص الموقف الدولي من العراق، ولا يقل عنه أهمية الجانب العربي حيث تتجدد الدعوة إلى استيعاب العراق وعودته إلى الصف العربي بعد إزالة جميع الأسباب التي أدت إلى هذا الموقف.

وفي الرابع من يونيه 1997

          قرر مجلس الأمن تجديد الاتفاق الذي يسمح للعراق ببيع بترول قيمته بليوني دولار لمدة ستة شهور قابلة للتجديد، يخصص منها 70% لشراء أغذية وأدوية للشعب العراقي و 30% لتعويض المتضررين من الاحتلال العراقي للكويت، ولتمويل عمليات الأمم المتحدة في العراق، وذلك بموجب القرار رقم 986. ويأمل العراق، نظراً لالتزامه بجميع تعهداته حيال الأمم المتحدة، رفع العقوبات المفروضة على صادراته النفطية تطبيقاً للمادة رقم 22 من قرار مجلس الأمن رقم 678.

          وتجدر الإشارة إلى أنه طبقاً لشروط الاتفاق، الذي بدأ تنفيذه في ديسمبر 1996 قام العراق بتصدير حوالي 120 مليون برميل منذ بدء تنفيذ مذكرة التفاهم في 10 ديسمبر 1996، منها حوالي 54 مليون برميل خلال الثلاثة شهور الأولى من عام 1997 و 66 مليون برميل في الشهور الثلاثة التالية. ويرجع ذلك إلى انخفاض أسعار البترول.

          ومن الجدير بالذكر أن العراق قد وقَّع خلال فترة الاتفاق 51 عقداً منها 33 عقداً في الشهور الثلاثة الأولى لسنة 1997 و 18 عقداً في الشهور الثلاثة التالية.

          وقد بلغت عائدات العراق خلال تلك الفترة حوالي 1.07 مليون دولار. وعلى الرغم من هذا فقد عانى العراق من الإيقاع البطيء لإقرار عقود شراء الأغذية والأدوية والسلع الأساسية الأخرى من إيرادات مبيعات النفط، حيث لم يتلق العراق حتى أواخر مايو 1997 سوى ثلث المواد الغذائية المحددة بموجب الاتفاق، ولم يبدأ وصول المواد الغذائية إلا في 20 مارس 1997 والأدوية في 9 مايو 1997.

          وقد وافقت لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة على 300 عقد فقط من إجمالي 540 عقداً قدمتها بغداد وتم تنفيذ أربعين عقداً فقط منذ بدء تطبيق الاتفاق. وبالنسبة للأدوية فإن منظمة الصحة العالمية بدأت في توزيعها على العراقيين حيث أنها مكلَّفة بتوزيع أدوية قيمتها 28.8 مليون دولار وتجهيزات طبية قيمتها 6.4 مليون دولار طبقاً لاتفاق النفط مقابل الغذاء مع الأمم المتحدة.

          أما عن تطبيق تجديد اتفاق "النفط مقابل الغذاء" الذي وافق عليه مجلس الأمن في 4 يونيه 1997 (من يوليه حتى ديسمبر 1997) فقد شهد جدالاً بين الجانبين، حيث تأخر بدء تنفيذه لمدة شهرين احتجاجاً من العراق على تأخر خطط عمليات استيراد المواد الغذائية والأدوية التي أقرتها الأمم المتحدة، حيث طالب العراق بضرورة تعديل خطة توزيع المعونات قبل تدفق صادراته النفطية للأسواق العالمية.

وفي 15 أغسطس 1997

          استأنف العراق تصدير 700 ألف ب/ ي عبر خط الأنابيب العراقي التركي، الذي يبدأ من كركوك في شمال العراق إلى ميناء سيهان في تركيا، و 1.3 مليون ب/ ي عبر ميناء البكر المطل على الخليج.

          وتجدر الإشارة إلى أن ثلث عائدات النفط العراقية تستخدم لدفع التعويضات بموجب قرار الأمم المتحدة.

          كما أقرت الأمم المتحدة تخصيص مبلغ حوالي 6 بليون دولار للتعويضات وعدم السماح للعراق بزيادة صادراته إلا بعد دراسة تقرير لجنة إزالة أسلحة الدمار الشامل العراقية من قِبل الأمم المتحدة.

وفي أوائل ديسمبر 1997

          عقب تجديد مجلس الأمن الدولي اتفاقية النفط مقابل الغذاء للمرة الثالثة لمدة ستة شهور أخرى، والتي تسمح للعراق بتصدير ما قيمته بليوني دولار لتغطية الاحتياطيات الأساسية للشعب العراقي، قرر العراق وقف صادراته البترولية رداً على هذا القرار، الذي لم يطرأ عليه أي زيادة في صادراته البترولية.

          وصرح مصدر عراقي مسؤول بأن العراق قام بتصدير كميات البترول المقررة في المرحلتين الأولى والثانية. ولكن عقود هاتين المرحلتين للغذاء والدواء والاحتياجات الأساسية الأخرى لم يتم تنفيذها بشكل كامل. بل إن هناك عقوداً معلقة من المرحلة الأولى، في حين لم يُنفَّذ من عقود المرحلة الثانية إلا عدداً قليلاً. وأعلن بأن العراق لن يبدأ تصدير بتروله وفق المرحلة الثالثة لحين المصادقة على الخطة الثالثة وسرعة إنجاز العقود المتراكمة من المرحلتين الأولى والثانية.

          إن مجلس الأمن قد أرجأ إصدار أي قرار بشأن زيادة كمية صادرات البترول العراقية وفقاً لاقتراح فرنسا وروسيا إلى أن يقدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً في نهاية يناير 1998 حول الموقف، ويتم بعد ذلك دراسة هذا الاقتراح.

          وقد أدى القرار العراقي بوقف صادراته إلى ارتفاع نسبي في مستويات أسعار البترول التي شهدت انخفاضاً عقب اتفاق دول منظمة أوبك في نوفمبر 1997 الذي عُقد في إندونيسيا بزيادة سقف الإنتاج بنحو مليونين ونصف برميل يومياً.

          وفي ظل حدوث أزمة بين العراق والأمم المتحدة بسبب عمليات التفتيش عن الأسلحة المحظورة وعلى المواقع الرئاسية العراقية، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة خطة جديدة تقضي بزيادة قيمة صادرات البترول العراقية من بليونين دولار كل ستة شهور إلى 5.2 بليون دولار لمواجهة الاحتياجات الأساسية للشعب العراقي.

          وبعد أن تم التوصل إلى اتفاق بين العراق والأمم المتحدة لإنهاء أزمة التفتيش على الأسلحة وموافقة الأمم المتحدة على الخطة الجديدة، أعلن العراق أن إمكانياته لا تسمح إلا بتصدير ما قيمته نحو 4 بلايين دولار لحاجة المنشآت البترولية العراقية إلى قطع غيار وأجهزة ومعدات التشغيل لصيانة محطات الضخ وإصلاح الآبار ومرافق التصدير تبلغ قيمتها في المرحلة الأولى 300 مليون دولار (210 مليون لإصلاح الآبار و 90 مليون دولار لشراء قطع غيار معامل التكرير).

          وفي ضوء هذه المطالب العراقية، قام فريق من خبراء الأمم المتحدة بزيارة لمنشآت العراق البترولية لدراسة أحوالها، وتم إعداد تقرير شامل تضمن أحوال الحقول والمنشآت البترولية ومعامل التكرير. انتهى إلى وجود فجوة بين حجم الإنتاج المطلوب لتصدير الكمية المسموح بها وبين القدرة الإنتاجية للحقول العراقية.

وفي 19 يونيه 1998

          أصدر مجلس الأمن القرار رقم 1175 يسمح بموجبه للعراق بشراء احتياجاته من المعدات وقطع الغيار المطلوبة بما قيمته 300 مليون دولار لتعزيز طاقته الإنتاجية وتنفيذ قرار المجلس الخاص بزيادة الصادرات العراقية بما قيمته 5.2 بليون دولار كل ستة شهور، إلاّ أن العراق اعترض على صيغة القرار حيث أنها تضمنت بعض التعديلات التي تعطي استمرارية لاتفاق النفط مقابل الغذاء، وهو ما يتعارض مع رغبة العراق لرفع الحصار في وقت قريب.

          وعقب صدور قرار مجلس الأمن المشار إليه أخذ العراق يستعد لزيادة صادراته البترولية، ففي شهر يوليه 1998 قام وزير النفط العراقي بزيارة لدمشق ـ في إطار الجهود المبذولة لاستئناف العلاقات الطبيعية بين البلدين ـ أدت إلى الاتفاق مع نظيره السوري على مذكرة تفاهم لإصلاح خط الأنابيب، الذي يمتد من حقول كركوك إلى مينائي بانياس وطرابلس. وكانت سورية قد أغلقته في أبريل 1982 إبان الحرب العراقية ـ الإيرانية 1980 ـ 1988.

وقد شملت مذكرة التفاهم ثلاث اتفاقيات تضمنت:

  • إعادة تأهيل خط الأنابيب العراقي ـ السوري.
  • وضع دراسة مشتركة لإقامة خط أنابيب جديد لنقل البترول العراقي عبر الأراضي السورية بطاقة تبلغ 1.4 مليون ب/ ي.
  • الاتفاق على إقامة معمل تكرير مشترك في بانياس بطاقة تبلغ 140 ألف برميل يومياً وبرأس مال سوري ـ عراقي.

          وقد حذَّرت الخارجية الأمريكية من أن إعادة فتح خطط كركوك ـ بانياس لا يدخل في إطار إمكانات التصدير العراقية المقررة من قِبل الأمم المتحدة في اتفاق النفط مقابل الغذاء.

          ولكن وزير النفط العراقي صرَّح رداً على ذلك، بأن ضخ النفط العراقي عبر سورية لن يحتاج إلى إذن خاص من لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة نظراً لحرص العراق على تضمين الاتفاق الذي تم توقيعه مع الأمم المتحدة في مارس 1996 على فقرة للسماح بضخ النفط العراقي عبر الأراضي السورية. وأضاف أن ضخ النفط عبر الأراضي السورية لا يتعارض مع أحد حيث يتم الضخ إلى ميناء سيهان التركي وكميات أخرى من موانئ على الخليج.

- وبالنسبة للعلاقات العراقية ـ الأردنية

          فقد تم توقيع اتفاق في 20 يناير 1997 بين العراق والأردن يقضي بتجديد اتفاق البترول، الذي يقوم العراق بمقتضاه بإمداد الأردن بالبترول بشروط ميسرة في مقابل حصوله على سلع وخدمات أردنية.

          ووفقاً للاتفاق الذي وُقِّع في بغداد تصل واردات الأردن من البترول في عام 1997 نحو 32 مليون برميل (88 ألف برميل يومياً) من الزيت الخام والمنتجات البترولية. وقد بلغ السعر المتفق عليه لعام 1997 بنحو 19.10 دولاراً للبرميل مقابل 15.25 دولاراً للبرميل في عام 1996.

          ووفقاً لبروتوكول التجارة بينهما، يقوم الأردن بسداد ما قيمته 225 مليون دولار في صورة صادرات غذائية ودوائية وخدمات نقل للعراق، ويسدد 70 مليون دولار كمدفوعات ديون عراقية للأردن التي تبلغ حوالي 1.3 مليار دولار.

- وخلال النصف الثاني من شهر يونيه 1997

          اتفق الجانبان العراقي والأردني عقب محادثات تمت بين وزيري البترول العراقي والأردني على زيادة الإمدادات البترولية العراقية للأردن بنسبة 7% في عام 1997، وتم الاتفاق على زيادة سعر البرميل إلى 19.5 دولاراً للبرميل.

- وفي عام 1998

          تم الاتفاق بين الجانبين ـ في إطار بروتوكول التعاون البترولي بينهما ـ على تنفيذ المرحلة الثانية منه لعام 1998، والذي ينص على قيام العراق بإمداد الأردن باحتياجاته البترولية المقدرة بنحو 75 ألف برميل يومياً.

          وقد أعلن وزير الطاقة الأردني ـ عقب توقيع الاتفاق مع العراق ـ أن احتياجات الأردن الإضافية من الزيت الخام تقدر بنحو 500 ألف ب/ ي لملء المستودعات الجديدة التي تم بناؤها في مدينة العقبة للزيت الخام والمنتجات البترولية.

          وتجدر الإشارة إلى وجود أسطول بري من السيارات الصهريجية مملوك للعراق والأردن يصل عدده إلى 4000 سيارة يقوم بنقل احتياجات الأردن البترولية المقدرة بنحو 4.8 مليون طن سنوياً. وتبلغ تكلفة النقل نحو دولارين للبرميل الواحد، وذلك بموجب استثناء خاص من قرار مجلس الأمن بالحظر الدولي على العراق في أغسطس 1990.

          وكما هو معروف، فإن العراق والأردن يرتبطان ببروتوكول بترولي وتجاري يقوم العراق بموجبه بتزويد الأردن باحتياجاته البترولية مقابل سلع وخدمات أردنية يتم تصديرها للعراق تبلغ قيمتها 255 مليون دولار.




[1] خامات أوبك السبعة تشمل: خليط صحارى (الجزائر) ـ ميناس (أندونيسيا) ـ بوني الخفيف (نيجيريا) ـ العربي الخفيف (السعودية) ـ دبي (الإمارات) ـ تياجوانا (فنزويلا) ـ أيسموز (المكسيك).

[2] السعودية لن تعود إلى لعب دور المنتج المرجح` جريدة `الحياة`، العدد الصادر في 12 مارس 1999. معنى المنتج المرجِّح كانت سياسة المملكة العربية السعودية أن تقوم بدور المنتج المرجح منذ عام 1978. وذلك بتعويض السوق العالمي عن النقص الناشئ في إمدادات البترول في حالة قلة العرض، وفي تخفيض إنتاجها في حالة زيادة العرض. وذلك من منطلق مسؤولياتها تجاه الاقتصاد الدولي ومحاولة لتجنيب سوق النفط العالمي أي هزات مدمِّرة.