إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / إدارة الأزمات





تصنيف الأزمات
أسباب نشوء الأزمات
مراحل تكوين الأزمات، وتفاعلاتها الداخلية
المبادئ الأساسية لمواجهة الأزمات
المتطلبات الإدارية، اللازمة للتعامل مع الأزمة
تفويض السلطة، في إدارة الأزمات
أساليب التعامل مع الأزمات
الأسلوب العلمي، والمنهج المتكامل لمواجهة الأزمات
إستراتيجيات مواجهة الأزمات وتكتيكاتها
تنظيم مركز إدارة الأزمات
مراحل إدارة الأزمات
القواعد الأساسية لإعداد سيناريو التعامل مع الأزمة
مصفوفة الأزمة
الإجراءات الوقائية من الأزمات




إدارة الأزمات

قواعد التعامل مع الأزمات الدولية

    تعددت قواعد التعامل مع الأزمات، ونمت وتطورت، تدريجاً، على مر العصور، بعد أن اكتسبت مصداقيتها، من خلال التجربة؛ ولذلك، كانت للقراءة الواعية للتاريخ أهميتها في صقل بصيرة متخذي القرار. وإذا كانت التجارب التاريخية، هي أساس علم إدارة الأزمات، فإن الاستفادة منها، تخضع لمفهوم القياس، لا لمفهوم التكرار. ومن خلال هذا التصور، يمكن تقدير أن الأزمة، ليست كياناً مستقلاً، قائماً بذاته؛ وإنما حلقة من حلقات صراع، له جذوره، القريبة أو البعيدة. ولذلك، استُخلصت قواعد التعامل مع الأزمات الدولية، فكانت:

1. مرحلية الأهداف

    يشترط النجاح في إدارة الأزمة، إدراك كلٍّ من طرفَيها أو أطرافها، أنه لا يمكنه أن يحقق كلَّ أهدافه، دفعة واحدة؛ إلا أن ذلك، لا يمنع وجود أهداف، يجب ألاّ يُتخلّى عنها، حتى لو تطلبت حمايتها الدخول في صراع مسلح، وتتمثل في المصالح الجوهرية. وإذا تحقق ذلك لكلا الطرفَين، وكان هدفهما المشترك هو تجنب القتال، فسيحرص كلُّ منهما على التصرف بعقلانية، بعيداً عن التشدد والمغالاة في مطالبه؛ ولذلك، فإن بلورة هدف واضح، ومحدد، تساعد على إيجاد الحل الملائم للأزمة الدولية وتسويتها. وبالعكس، فإن محاولة تحقيق أهداف انتهازية، هي من العوامل التي تصعد الأزمة. ومن ثَم، يجب توخي الحذر من مغبة الانزلاق في زيادة المطالب، أو التمادي في طلب التنازلات، نتيجة للاعتقاد بأن الخصم، لن يملك لها رداً؛ ما يتسبب بفشل جهود إدارة الأزمة، ويصل بها إلى مرحلة الصراع المسلح.

2. الحرص على عدم إحراج الخصم

    ترى الأصول المستقرة في إدارة الأزمات، أن الخصم شريك في تلك الإدارة، وخاصة أنه أصبح غير مُجْدٍ حل الأزمات المعاصرة، باتباع ما يسمى بالمباراة ذات الحصيلة الصفرية[1]؛ وإنما صار من المسلم به اللجوء إلى ما يسمى بمباراة تبادل التنازلات. ولذلك، بات ضرورة، ألاّ يتسبب أيُّ من طرفَي الأزمة بإحراج الآخر؛ فيسدّ عليه المخارج، فيدفعه دفعاً إلى العنف.

3. التصعيد التدريجي للردع، أو الخيارات المرنة

    وهذا الأسلوب، يوفر لمتخذ القرار، في الأزمة، اختيار بديل آخر، هو أقوى من ذاك الذي لم يُجْدِ تنفيذه؛ إذ إنه لا جدال في عدم جدوى اختيار بديل أضعف، إذا ما فشل البديل الأقوى في تطويع إرادة الخصم؛ واستخدام أقوى الخيارات في الضغط، في بداية الأزمة، وفشله، سيحرمان صاحب القرار بديلاً آخر من استخدام القوة. وهذه القاعدة، يلزم في تطبيقها مراعاة الحدود، التي لا يجوز التخلّي عنها، من مصالح حيوية للدولة، أو الأهداف غير القابلة للمساومة. أما إذا تقرر اللجوء إلى القوة العسكرية، للدفاع عن تلك المصالح والأهداف، فإنه من الأفضل البدء بأقلّ أساليب القوة عنفاً، شريطة أن تنطوي على قدر كافٍ من التأثير، بغية عدم إهدار أيِّ فرصة، تتيح للطرف الآخر مزيداً من الوقت، يراجع فيه مواقفه المتعنتة.

4. إتاحة الوقت للخصم

    إن إهدار حرية الحركة، لا ينجم عن افتقاد الخيارات فقط؛ ولكنه قد يترتب على ضغط عامل الوقت، كذلك، الذي لا يسمح للخصم بالتدقيق في اختيار البديل الملائم، سواء كان ذلك بسبب ضيق الوقت، أو بسبب الضغوط النفسية، التي يفرضها حرج الموقف؛ ما يحدّ من قدرته على إدراك أكثر الخيارات المطروحة أمامه ملاءمة.

5. توسيع نطاق المشاورات

    لا تقتصر فائدة تعدد الآراء على إدارة الأزمات فقط، بل تتعداها إلى رسم السياسة الخارجية للدولة؛ بما توفره عملية إفساح المجال أمام عرض الآراء، والحلول الخلاقة للأزمات، فتسهم في تعدد الرؤى وشمولها لجوانب الأزمة، وسُبُل حلها؛ ومن ثَم، يمكن التوصل إلى حسابات دقيقة لتبعات أيّ قرار.

6. إحكام قبضة القيادة السياسية على القرار

    وهو من أكثر القواعد والقيود الأساسية رسوخاً، في إدارة الأزمات، وأقلّها تعرضاً للجدل؛ تجنباً للعواقب الوخيمة، التي قد يترتب عليها صراع عسكري؛ وضماناً لتسخير القوة العسكرية لخدمة أهداف سياسية، حدِّدت بدقة، وعدم تجاوزها. ومن ثَم، يكون هناك اتفاق عام على عدم استخدام خطط الطوارئ، بطريقة آلية، أثناء الأزمات الدولية؛ وإنما يمكن مراجعتها قبل التطبيق، وتعديلها في ضوء الظروف المصاحبة للأزمة.

7. توسيع قاعدة الدعم اللازم للقرار

    يستمد قرار الأزمة معظم فاعليته، مما يتمتع به من تأييد الحلفاء والأصدقاء، ومدى توافر غطاء من الشرعية الدولية له. بيد أن أهمية الدعم الخارجي للقرار أو بديله، لا تلغي ضرورة دعمه الداخلي، الذي قد يصل إلى تحقيق إجماع قومي حوله؛ ويعني ذلك عدم وجود تعارض، بين البديل المقترح والقيم الجوهرية للمجتمع.

8. تحصين قرار الأزمة

    تنبثق سلامة قرار الأزمة، من القدرة على عزله عن المؤثرات الداخلية، بقدر الإمكان؛ وبناء حساباته على أُسُس موضوعية خالصة، تتعلق بمواجهة الخطر الداهم، الذي يهدد إحدى القيم الجوهرية للدولة، أو ما يعرف بالمعطيات الذاتية للموقف، أو من خلال منظور محدود بطبيعة هذا الخطر.

9. تعزيز نظام الاتصالات

    تتطلب إدارة الأزمات تعاوناً مشتركاً، بين طرفَي الأزمة، لوقف تداعيات الموقف. ولذلك، يجب الإبقاء على قنوات الاتصال بينهما متيسرة، ومتعددة، بقدر الإمكان، لتشمل:

أ. مصادر جمع المعلومات ورئاستها، وبين هذه الأخيرة ووحدة معالجة المعلومات.

ب. أعضاء وحدة معالجة المعلومات، لتفسيرها وتقويم الخيارات.

ج. وحدة معالجة المعلومات وتفسيرها، والجماعة المنوط بها اتخاذ القرار.

د. متخذ القرار، والدول الحليفة والصديقة، للتشاور في أمر القرار المتخذ.

هـ. متخذ القرار، والأجهزة التنفيذية، التي ستكلف بتنفيذه.

    لا تقتصر عملية الاتصال على توصيل القرارات والتعليمات فقط؛ وإنما يجب أن تحقق إمكانية معرفة النتائج، المترتبة على تلك العملية، والتي تتمثل في الآتي:

أ. وصول المعلومات أو القرارات بصورة سليمة.

ب. وصول المعلومات والقرارات بالكيفية، التي يريدها متخذ القرار.

ج. بدء المنفذين بتنفيذ القرارات.

        وبصفة عامة، تستند عملية الاتصال، أو شبكات الاتصال، إلى مجموعة من الوسائل، لنقل القرارات والتعليمات، من مراكز اتخاذ القرار إلى المنفذين. وتتمثل وسائل الاتصال في الآتي:

أ. الوسائل الشفهية

    تتضمن الأحاديث المباشرة، والاجتماعات، والمقابلات. وهي تُعَدّ من أفضل وسائل الاتصال؛ إذ تسمح بتفاهم عميق، في توصيل القرارات والتعليمات، المطلوب تنفيذها.

ب. الوسائل الكتابية

        تستخدم هذه الوسائل في عمليات الاتصال، بهدف الرجوع إليها؛ لارتباطها بالتقارير والقرارات والاقتراحات، التي تتطلب بلورتها وكتابتها قدراً من الدقة.

ج. الوسائل المصورة

    مع التقدم السريع لوسائل الاتصال المصورة، والتي تمثلت في التليفزيون، وأجهزة نقل الصورة، ازدادت أهمية استخدامها في نقل القرارات والتعليمات وتبادلها.

المتطلبات الإدارية للتعامل مع الأزمات

    يتطلب التعامل مع الأزمة اتِّباع عدة أساليب إدارية متقدمة، توفر له المناخ الملائم، ولفريق مواجهة الأزمة حرية الحركة. أبرزها (الشكل الرقم 5):

1. تبسيط الإجراءات، يساعد على التعامل مع الأزمة، ومعالجتها بالسرعة المطلوبة، بالأسلوب الملائم.

2. موافقة المنهجية العلمية، والابتعاد عن الارتجالية والعشوائية. ويقوم المنهج الإداري العلمي على وظائف أساسية، أهمها:

أ. التخطيط الدقيق، والتحديد المسبق لما يجب عمله، وكيفية تحقيقه، وتوقيته الملائم. والمسؤول عن تنفيذه. يراعي ذلك التخطيط الارتباط بواقع الأزمة وحقائقها وتطوراتها المستقبلية، والتوقع السليم للأحداث؛ وإعداد خطط طوارئ، كفيلة بمعالجة الأزمات.

ب. الجهود المختلفة وتنسيقها وتكاملها،لضمان الفاعلية في مواجهة الأزمات وخاصة تلك التي تتطلب جهداً جماعياً؛ إذ إنه كثيراً ما ينجم عن التعارض والتناقض ازدياد حدّة الأزمات، أو ظهور أزمات جديدة.

ج. التوجيه الصحيح للإمكانيات، المادية والبشرية، وفقاً للظروف البيئية المحيطة بالأزمة. ويتضمن التوجيه السليم شرح طبيعة المهمة، وتوصيف العمل نفسه، وتحديد نطاق التدخل، والغرض والهدف من التدخل، وحدود تفويض السلطة، وأساليب المناورة وحدودها. ويجب أن يتصف التوجيه بالآتي:

1- تكامل القرارات والتعليمات تكاملاً، يحقق تنفيذ المهام المطلوبة، كمّاً ونوعاً، ومكانه وتوقيت بدئه.

2- صدور القرارات عن السلطات المختصة، وكتابتها أو تسجيلها، وتضمّنها تحديد الصلاحيات وحدودها كافة؛ حؤولاً دون تجاوزها أو إساءة فهْمها، أو تعرّضها للنسيان أو الإهمال؛ وتسهيلاً للرجوع إليها، إذا ما اقتضت الضرورة.

د. مرحلية النتائج، وليس نهايتها؛ واستمرار المتابعة الدقيقة للأزمة وتطوُّر مراحلها، وخاصة مع وجود الأسباب الكامنة.

3. الحرص على الحضور الدائم في موقع الأحداث، وتلافي أيّ خلل أو عجز أو قصور عن الحركة. فالأزمة تحتاج إلى الاستعداد الملائم وتوافر الاحتياطيات الكافية لأيّ تقصير. وتتطلب مواجهتها الناجحة الفهْم الكامل، الذي لا يتحقق بعيداً عنها، أو عن مواقع أحداثها، أو عن معرفة مديريها ومحركيها. فالحضور الدائم، إذاً، ضرورة، تتيح الفهْم العميق لأسباب الأزمة ومقوماتها وأبعادها؛ بل تُوقف تفاقمها، وتحدّ من تدهور مقوماتها. ومن ثَم، فإن للتدخل الفوري، وبالقدر الذي يمليه الموقف، نتائجه النفسية الملموسة، المؤثرة في الحركة وردود الفعل، للقوى المسببة للأزمة، ولحلفائها؛ بل لتلك المحايدة، كذلك، التي تُبذَل المحاولات لجذبها إلى أتون الأزمة. ولاشك أن وفرة الاحتياطي العام الملائم، تساعد على التصدي للأحداث، والحدّ من تناميها.

4. محورية تفويض السلطة (الشكل الرقم 6)، سواء في إدارة الأزمات أو في نطاق عمل فريق مواجهتها، وخاصة إذا كانت ذات تشعبات مختلفة، ما تتطلب السرعة العاجلة في إيجاد القرارات الملائمة، التي يجب أن تتصف بالآتي:

 أ. تلاؤم القرار والحدث.

ب. إمكانية تنفيذ القرار وسهولته في حدود الإمكانيات المتاحة.

ج. وضوح القرار لكلّ مَن أُسند إليهم مهمة مواجهة الأزمة وإدارتها.

د. خلوّ القرار من أيّ غموض، للحيلولة دون أيّ لبس أو سوء فهْم، يؤدي نتائج عكسية.

هـ. سلامة القرار وخلوُّه من التعقيد.

و. انسيابية القرار إلى المستويات كافة، الإدارية والتنفيذية، من دون عوائق أو قيود.

ز. متابعة قريبة، كمّاً ونوعاً، وفقاً لنظام المتابعة المعمول به.

ح. صدور القرار في توقيت ملائم، يمكّن من مواجهة تصاعد الأحداث، والحدّ من آثارها.

    غير أن تفويض السلطة، على أهميته لمواجهة الأزمات، فإنه ليس مطلقاً، بل يكون في إطار المستويات الإدارية نفسها، التي تتحدد القرارات وتفويض السلطة في نطاقها، كالآتي:

 1- قرارات إستراتيجية: تصدر عن مستوى الإدارة العليا، وتكون بعيدة المدى، وذات تأثير هيكلي، تتسم بالثبات وعدم التغيير.

2- قرارات سياسية: تصدر عن مستوى الإدارة الوسطى، وتكون متوسطة المدى، ومؤثرة في نشاط الكيان الإداري، وتكون شبه ثابتة نسبياً.

3- قرارات تكتيكية: تصدر عن مستوى الإدارة التنفيذية، وتكون قصيرة الأجل، وسريعة التغيير، ولا ترتبط إلاّ بأحداث الأزمة.

5. تحقيق الاتصالات المتعددة، واستمرارها مع أطراف الأزمة؛ لأنهما يوفران المعلومات الملائمة، والمتابعة المستمرة، والدائمة، لتداعيات الأحداث، وسلوكيات الأزمة. والاتصال الفعال، يوجه الجهود، ويوحد القدرات والإمكانيات وينظمها، لتحقيق الأهداف المحددة من مواجهة الأزمة، وخاصة في حالة عدم استقرار الأزمة، وتطورها المستمر.

6. الوجود المستمر، والدائم، في مواقع الأحداث؛ إذ يساعد على توفير المعلومات الضرورية، واللازمة، لفريق مواجهة الأزمة. وهو نوعان:

أ. الوجود السريع، وغير المعلن، في مواقع الأحداث، وخاصة في حالة شح المعلومات عن الأزمة، وتضخم تأثيراتها، وتداعي أحداثها، وتزايد العداء المعلن. ويُستنهض له قوم أذكياء، مَهرة، واثقون بأنفسهم، قادرون على التوجه الذاتي؛ مهمتهم تحديد القوى المسببة للأزمة، داعميها، وأهدافهم، والأدوات والقدرات التي تتوافر لديهم؛ فضلاً عن تحديد مناطق القوة والضعف في بنْية الأزمة، واقتراح الوسائل المؤثرة في طرفها الآخر. وقد يعهد إليهم التغلغل في مواقع التحكم في مسارات الأزمة، والعمل على إفساد مخططاتها. كذلك، يمكن، من خلال الوجود السري في مواقع الأحداث، إعداد المسرح الملائم للتدخل في الأزمة، والسيطرة على المعوقات، التي قد تحول دون إدارة الأزمة بنجاح وفاعلية.

ب. الوجود العلني في مواقع الأحداث، وهو أسلوب المواجهة العنيفة، وخاصة إذا كانت الأزمة ذات أبعاد تدميرية. وفي حالة عدم مواجهتها بالسرعة الملائمة، فإنها قد تتفاقم، وتفرز نتائج غير متوقعة؛ ولذلك، يكون للوجود المعلن عدة أهداف، منها تأكيد المصادمة العنيفة لقوى صناعة الأزمة ومؤيديها؛ وتدمير المصالح والعلاقات، القائمة على القوى المتسببة بها، وإرهاقها بأقصى الخسائر. وينجم عن تحقيق تلك الأهداف احتواء الأزمة؛ بيد أنه احتواء، لا يقضي عليها، ولكنه عملية مرحلية؛ إذ إن معالجتها معالجة عنيفة، لا تئدها، ولكنها تخمدها فقط، فترة زمنية، قد تكون طويلة أو قصيرة؛ فلا تلبث أن تظهر، مرة أخرى.

التحدي، السياسي والإداري، للأزمة

    ينبثق التحدي السياسي من ظاهرة الأزمة وطبيعة تفاقمها المفاجئ، وما يرتبط به من صعوبة التنبؤ بتوقيتها وحجمها وأبعادها التدميرية، أما التحدي الإداري، فينجم عن تعدُّد الأنشطة وتداخل الاختصاصات والمسؤوليات، التي تفرضها إدارة الأزمات.

1. التحدي السياسي

    يرتكز التحدي السياسي للأزمة على قضايا المجتمع، التي تمثل تحدياً للسياسات العامة، التي يجب أن تحددها الأجهزة، التشريعية والتنفيذية. وتتضمن تلك القضايا الآتي:

أ. دور الحكومة المركزية في إدارة الأزمات، مقارناً بالأدوار، التي ينبغي أن تنهض بها الإدارات المحلية الفرعية المختلفة.

ب. الإمكانيات التي يجب أن تُسَخَّر للإعداد والتحضير، لمواجهة الأزمات المختلفة.

ج. طبيعة التشريعات القومية الواجبة، للتخفيف من حدّة الأزمة، وكيفية تحقق الحكومة تطبيقها؛ والإجراءات والعقوبات، المترتبة على عدم التقيد بها، من قِبَل الإدارات المحلية أو الأشخاص.

د. تحديد أفضل الوسائل، التي يجب على الحكومة المركزية انتهاجها، لتقديم العون والمساعدة إلى المتضررين من الأزمات.

هـ. المجالات والدراسات والأبحاث العلمية، التي ينبغي للحكومة المركزية تشجيعها، ودعمها الدعم الملائم؛ بهدف التوصل إلى أفضل الخيارات في إدارة الأزمات وأكثرها ملائمة.

و. تحديد خير السبل إلى تنمية إعلام الرأي العام بأخطار الأزمات، وطرائق الحدّ منها.

2. التحدي الإداري للأزمة

أ. تفرض الطبيعة المركبة لظاهرة الأزمة تحدياً إدارياً، ناجماً عن طبيعة التكوين المؤسسي، وتعدد النشاطات، وتداخل الاختصاصات والمسؤوليات، التي تفرضها خاصية إدارة الأزمة. ونظراً إلى أن السمة اللازمة للتكوين المؤسسي، بصفة عامة، هي الاعتماد على البنية الوظيفية للدولة؛ الأمر الذي يستدعي نشوء وزارات ومصالح وإدارات متعددة، لها وظائفها ومسؤولياتها، تحرص كلُّ منها، دائماً، على استقلاليتها وحدود اختصاصاتها؛ فإن التكوين المؤسسي للدولة، على المستوى المركزي، يقوم، أساساً على التقسيم الأفقي للسلطات؛ وتُحدَّد، في الوقت نفسه، درجات معينة من الاختصاصات، وفق علاقات رأسية بين الوزارات والمصالح، من جانب؛ والإدارات المحلية، من جانب آخر. ويظل التكوين المؤسسي، في كلِّ الحالات والظروف، متسماً بدرجة عالية من الاستمرارية والنمطية، القائمة على نُظُم معلومة، وتوقعات محددة في الأداء.

ب. في مقابل الدرجة العالية، من التجزئة والاستقلالية، في التكوين المؤسسي للدولة، وما يترتب عليها من استمرارية ونمطية، فإن ذلك الكيان، يكون غير ملائم إطلاقاً لإدارة الأزمات، وخاصة أن طبيعتها، تبرز تعدداً وتداخلاً، بين النشاطات والاختصاصات والمسؤوليات؛ إذ إن إدارتها ومواجهتها، تتطلبان إدارة حكومية، وقطاعات مختلفة النشاطات. ومن ثَم، ينتج ذلك التداخل تشابكاً وتكويناً مركباً في العلاقات التنظيمية، على المستويَين: الأفقي والرأسي في مؤسسات الدولة؛ فتظهر إشكالية التحدي الإداري، الذي تستوجبه طبيعة إدارة الأزمة؛ وهو ما يتطلب نسقاً تنظيمياً، يختلف اختلافاً جوهرياً عن سمات الإدارة لمؤسسات الدولة ووزاراتها المختلفة، في الظروف العادية، التي تكون الأوضاع فيها مستقرة.




[1] المباراة ذات الحصيلة الصفرية: تعني أن يحاول أحد طرفيها تحقيق الانتصار الكامل على حساب الخسارة الكاملة للطرف الآخر فيها.