إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



(تابع) التقرير الذي أقره المؤتمر القطري الثامن لحزب البعث في العراق عن حرب أكتوبر
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1974، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 15، ط 1، ص 11 - 19"

كوسيلة لاخراج " الحل السلمي " الى حيز التنفيذ.

          ولقد كان لحزب البعث العربي الاشتراكي تصور متكامل لدوافع هذا الاسلوب ونتائجه المتوقعة. فكان يرى أن لجوء الانظمة الى هذا الاسلوب هو محاولة، من جانبها، للخروج من المأزق الخانق الذي وجدت نفسها فيه، طيلة سنوات عديدة بعد هزيمة حزيران [يونيو]. فهي تسعى الى (الحل السلمي) ولا تحصل عليه، وهي لا تريد سلوك طريق حرب التحرير وتحمل اعبائها، وفي الوقت نفسه، تحاول بكل الوسائل ان تحافظ على نفسها وعلى مواقعها في المنطقة امام نقمة الجماهير المتزايدة ونفاد صبرها من الاحتلال الطويل. كما كان حزب البعث العربي الاشتراكي يرى ان اللجوء الى هذا الحل، ذي الطبيعة التكتيكية، لن يوصل الى نتائج فعالة لصالح القضية العربية في التحرر من الاغتصاب الصهيوني، كما لن يوصل الى النتائج التي تدعي الانظمة انها تسعى اليها، والتي تطلق عليها تسمية (الحل العادل والمشرف)، بتطبيق قرار مجلس الامن رقم 242، مع ما في ذلك من تنازلات أساسية على حساب المصالح العربية.

          وقد حدد حزب البعث العربي الاشتراكي برنامجاً متكاملا للنضال من اجل التحرير، عبر عنه بمواقفه المعلنة امام الجماهير، وبالمشاريع التي قدمها على الصعيد الرسمي العربي، وبخاصة مشروع الوحدة المقاتلة الذي عرض على النظامين السوري والمصري في آذار [مارس] 1972، ابان زيارة الرفيق نائب امين سر القطر لدمشق والقاهرة، ومشروع استخدام النفط كسلاح في المعركة، الذي عرض على مجلس الدفاع العربي المشترك في كانون الثاني [يناير] 1973.

          غير ان الانظمة العربية، وبخاصة مصر وسورية، كانت تقابل هذه المشاريع بعدم الاكتراث، ومحاولات التمييع او التشهير المعلن أو المبطن.

          وكان واضحاً تماماً من ذلك ومن ادلة اخرى كثيرة، ان النظامين المصري والسوري، ومعهما الاوساط الرجعية العربية، وفي مقدمتها السعودية، والاوساط الاجنبية التي تشترك معهما في "الطبخة"، يسعون جميعاً الى استبعاد القطر العراقي من اي دور فعال في المنطقة. وكانوا يراهنون على ان إصرار حزب البعث العربي الاشتراكي على مواقفه المبدئية، ومطالبته بستراتيجية تحرير كاملة من ناحية، وتصوراتهم عن عدم قدرة القطر العراقي على ارسال قوات عسكرية مهمة الى الجبهة في ظروف التهديد الايراني وعدم استقرار الحل السلمي للمسألة الكردية من ناحية اخرى، يحولان عملياً دون مشاركته في اي عمل عسكري، وهذا مما يسهل عزله واضعاف موقفه قبل العمل العسكري وبعده، وربما يسهل كلية اسقاط الثورة فيه ايضاً، وبذلك تسير عجلة الحل السلمي كما تريدها الاطراف المذكورة، بدون معوقات كبيرة في الساحة العربية.

          وقد أشار تقرير القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي في تشرين الثاني [ نوفمبر] 1972، الى أننا لم نكن نستطيع، في اطار الظروف القائمة حينذاك، ارسال قوات ذات قدرة مؤثرة خارج حدود القطر. ولكن التقرير نفسه، اشار الى احتمالات تغيير هذا الموقف بتغير الظروف. وقد جاء فيه ما يلي:
          "بقدر تعلق الامر بالتزاماتنا فاننا لا نجد، بضوء كل الحسابات الشاملة للوضع السياسي، ما يجعلنا قادرين على ارسال قوات عسكرية ذات قدرة مؤثرة خارج حدود القطر وبالشكل الذي يجلعنا مطمئنين الى طريقة استخدامها بما ينسجم والشعار الذي رفعناه بصدد هذا الموضوع. على اننا لا نجد ما يستوجب اعتبار حسابات وظروف الحاضر غير قابلة للتغيير، لذلك فان اي تغيير يحصل في جدية ووضوح هدف المعركة القومية، وفي القضايا التي قيدت وما تزال تقيد دورنا عند هذه الحدود، يجب ان يصحبه موقف جديد من مسألة المشاركة العسكرية الفعالة خارج القطر، وبشكل متوازن مع تغيير هذه، الاعتبارات ".

          وفي عصر يوم 6 تشرين الاول [ اكتوبر] 1973، اندلعت الحرب على الجبهتين الغربية والشمالية. ومن الجدير بالاشارة هنا، انه سبق لنا ان اعلنا مراراً سماعنا نبأ الحرب عن طريق الاذاعات، وهذا صحيح من الناحية الرسمية. فالحكومتان المصرية والسورية لم تبلغانا بالحرب، ولكن كانت قد وصلتنا انباء غير رسمية ومن مصادرنا الخاصة عنها. وكانت كل المعلومات والاستنتاجات تشير الى ان الانظمة تستهدف، من وراء اعلان الحرب، تحريك الموقف في المنطقة برجة قوية لتسهيل اخراج الحل السلمي الى حيز التنفيذ، وكان ذلك مطابقاً لتوقعاتنا السابقة.

          وفور اعلان الحرب، عقد اجتماع مشترك للقيادتين القومية والقطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي ومجلس قيادة الثورة، كما عقد اجتماع مشترك آخر، صبيحة اليوم التالي (7/10)، وقد تقرر في هذين الاجتماعين ما يلي:
          1 - تأميم حصة اميركا في شركة نفط البصرة، واعتبار ذلك شرارة المعركة السياسية النفطية ضد الامبريالية الاميركية وفقاً لتصورات الحزب والثورة حول استخدام النفط كسلاح في المعركة القومية.
          2 - ارسال قوات جوية على عجل الى الجبهة الشمالية.
          3 - ارسال اكبر ما يمكن من قطعاتنا العسكرية البرية الضاربة الى الجبهة الشمالية، وعلى الفور.
          4 - اعادة العلائق الدبلوماسية مع ايران، ودعوتها الى

<2>