بعد معاهدة سنة 1936
3 - قطع المفاوضات - تابع (2) النزاع المصري الإنجليزي أمام مجلس الأمن
"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 537 - 553"

        ومصر إذ تختار التزام أحكام الميثاق دون أحكام معاهدة سنة 1936، إنما تنفذ تعهدها لأربع وخمسين دولة أخرى، بريطانيا واحدة منها، هذا واجبنا طبقا لحكم المادة 103 وعندنا وعندكم كذلك يا حضرات أعضاء المجلس أنه ينبغي أن يسود الميثاق.

        إخالني قد بينت لكم في وضوح أن مرابطة القوات البريطانية في مصر ليست كما جاء في توصية الجمعية العامة في 14 ديسمبر سنة 1946 برضاء مصر رضاء حرا علنيا ثابتا في معاهدات أو اتفاقات تتلاءم مع أحكام الميثاق ولا تناقض اتفاقات دولية.

        سندهم القوة لا الحق:

يا جناب الرئيس

        لقد بينت لكم أن قبضة بريطانيا على مصر والسودان إنما سندها القوة لا الحق. وأن احتلال وادي النيل يصدم إرادة أهاليه ويخرق أحكام القانون خرقا صارخا، وأن قيام هذا التحدي المستمر يثير حفيظة الشعب المصري.

        بينا أن تدخل بريطانيا في شئوننا مضر بمصالح المصريين والسودانيين على السواء وأنه إنكار للوحدة التي أرادتها الطبيعة لوادي النيل.

        استمرار النزاع يعرض السلم والأمن الدولي للخطر:

يا جناب الرئيس

        أود قبل أن أختم بياني أن أشير مرة أخرى إلى النتائج الدولية المحتملة للنزاع المعروض عليكم، فهو نزاع لا شك في أن استمراره من شأنه أن يعرض للخطر حفظ السلم والأمن الدولي. والحكومة المصرية لم تأت هنا لتشهر سلاحها في وجه أحد ولكنها لا تملك أن تغمض أعينها عن غضب الشعب المصري لاستمرار وجود القوات البريطانية في أرض الوطن ولا عما قد يقف في طريق نياتها السلمية. ألم يعلمنا التاريخ أن الزمام سرعان ما يفلت في مثل هذه الحالات، إن هذا العامل من عوامل الاستفزاز، ما بقي قائما، يفسد علاقاتنا ببريطانيا ويعوق تطور الشعب المصري وتقدمه ويبدد ما تسعى إليه مصر من الاضطلاع بمسئولياتها وفقا للميثاق.

        ولا شك عندي أن العالم كله يقدر الأخطار التي تحيق بالسلم والأمن من جراء الحالة في الشرق الأوسط. وأنه لمن حسن الطالع أن الجامعة العربية وهي بالذات مثال للاتفاقات الإقليمية التي نص عليها الفصل الثامن من الميثاق، أصبحت عاملا قويا من عوامل الاستقرار في هذا الركن من العالم.

<15>