إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



بعد معاهدة سنة 1936
3 - قطع المفاوضات - تابع ( 2 ) النزاع المصري الإنجليزي أمام مجلس الأمن

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 537 - 553"

        استمرار الاحتلال مدعاة إلى الاضطراب:

        ثم إن هذا النزاع لا تنحصر آثاره فى حدود النطاق المحلى، فهو نزاع يقوم فى وقتٍ، الحالة فى الشرق الأوسط، توجب فيه اتخاذ كل التدابير الممكنة لإقامة سلم دائم على دعائم ثابتة، ولا شك أن ما يسود العلاقات بين مصر والمملكة المتحدة من توتر وما قد ينجم عنه من تعقيبات تتجاوز حدود أراضينا لمما يجعل الخطر على السلم والأمن فى هذا الركن من العالم قريب الاحتمال. فالنزاع المعروض عليكم لا شك من أجل ذلك فى أنه نزاع "من شأن استمراره أن يعرض للخطر حفظ السلم والأمن الدولى".

        مساعى مصر لحل النزاع:

        ونحن لم ندخر جهدا فى سبيل تسوية هذا النزاع قبل أن نلجأ إلى مجلس الأمن. لقد وقفت مصر إلى جانب بريطانيا منذ اليوم الأول لإعلان الحرب حتى عقد لواء النصر للديمقراطية على الفاشية والنازية وقدمت لنصرة الحلفاء كل ما وسعها من معونة صادرة فى ذلك عن المثل الديمقراطية السامية التى أكدها ميثاق الأطلسى متعلقة بتلك الآمال الكبار التى جاء يبشر بها ذلك الميثاق. فلما وضعت الحرب أوزارها كانت مصر تترقب فى ثقة المبادرة إلى فك القيود التى تحد من حقوقها بوصفها دولة حرة ذات سيادة. لذلك حاولت تسوية المسائل المختلف عليها بينها وبين المملكة المتحدة فى محادثات ودية وسلكت هذا السبيل لا عن محض تعلق منها بمثلها العليا التقليدية بوصفها أمة محبة للسلام، بل نزولا منها كذلك على أحكام الميثاق الذى ارتبطت به.

        وبينما كان الشعور العام فى مصر قد أوشك أن ينفجر والأمة جميعا قد هبت تطالب بجلاء القوات الأجنبية عن أراضينا جلاء تاما غير معلق على شرط عمدت الحكومة المصرية إلى الاتصال بحكومة المملكة المتحدة تطلب إليها الدخول فى مفاوضات بقصد توجيه العلاقات المصرية البريطانية توجيها جديدا على ضوء المبادئ الجديدة التى أقامها ميثاق الأمم المتحدة.

        ففى 20 ديسمبر سنة 1945 على أثر العمل بالميثاق أرسلت الحكومة التى كنت أتشرف برئاستها إلى حكومة المملكة المتحدة مذكرة أوضحت فيها أن المعاهدة الإنجليزية المصرية لسنة 1936 قد أبرمت فى ظروف دولية لم يعد لها وجود. وأن مصر قد قبلت أن توقع هذا الاتفاق تحت ضغط الحوادث مقدرة أن أحكام المعاهدة وقد وضعت لمواجهة ظروف بعينها إنما هى أحكام موقوتة بطبيعتها، وبينت أنه لما كانت هذه الظروف قد زالت فإن معاهدة سنة 1936 ينبغى اعتبارها قد استنفدت أغراضها.

<3>