إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



بعد معاهدة سنة 1936
3 - قطع المفاوضات - تابع (2) النزاع المصري الإنجليزي أمام مجلس الأمن

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 537 - 553"

         مشروع صدقى - بيفن:

         وتوالت بعد ذلك المقترحات من الجانبين ولكن الطرف البريطانى أصر خلال المفاوضات على التشبث بموقفه لا يحيد عنه إلا فى الظاهر. وانتهى الأمر بأن سافر صدقى باشا رئيس الوزراء وقتئذ، يصحبه وزير الخارجية إلى لندن ليتصلا بالمستر بيفن اتصالا شخصيا فى محاولة أخيرة للوصول إلى تسوية ودية فأعدت المشروعات الأولية التى عرفت فيما بعد باسم ( مشروع صدقى - بيفن ) ووقعها ممثلو الجانبين بالحروف الأولى من أسمائهم على أساس شخصى بحت. وهذه المشروعات لا ترتبط بها أى من الحكومتين، ولكن ما عاد رئيس الوزراء إلى مصر حتى وضح مما نشر فى القاهرة ولندن على السواء، ومن التعليق على ما وصل إليه المتفاوضون؛ مبلغ التعارض بين وجهتى النظر المصرية والبريطانية وعلى الأخص فى مسألة السودان.

         ذلك أن بريطانيا العظمى كانت قد حاولت منذ بدء المفاوضات أن تفرض على مصر ثمنا لاقتضاء حقها الطبيعى فى الجلاء - تحالفا مبهظا، وضمانا لاستمرار ذلك النظام الإدارى للسودان الذى أقيم فى سنة 1899 واستطاعت بريطانيا تحت ستاره أن تنفرد بالسلطان فيه مهدرة لحقوق مصر الثابتة.

         وسلم المستر بيفن بعد لأى بما رأى المفاوضون المصريون ألا غنى عن التسليم به لعقد أية معاهدة فاعترف بوحدة مصر والسودان تحت تاج مصر المشترك، على أنه ما لبث أن وضح أن هذا الاعتراف لا يصح الأخذ بظاهره. فإن إصرار حكومة المملكة المتحدة على أن يمنح السودانيون حق تقرير الانفصال عن مصر فى المستقبل معناه أن يكون مصير هذه الوحدة رهنا بمشيئة الحكومة البريطانية تقرر متى تدوم ومتى تنفصم وفى أى ظروف يكون هذا الانفصام. هذا مع أن الأمر لا يعدو أن يكون مسألة داخلية بين مصر والسودان.

         وفى الوقت ذاته عمد الموظفون البريطانيون إلى إثارة البغضاء بين السودانيين والمصريين. وكان مسلك هؤلاء الموظفين فى الوقت الذى تتفاوض فيه الحكومتان فى إبرام معاهدة أساسها تبادل الصداقة وحسن النية، ينبئ عن نوايا تجافى روح المودة. وانتهى هذا المسلك بهدم الثقة التى لا غنى عنها لعقد أية معاهدة وكان هذا الموقف العدائى عقبة أخرى كأداء فى سبيل نجاح المفاوضات.

         إصرار بريطانيا وعنادها:

         يا جناب الرئيس
         لقد قضينا عاما كاملا نتلمس السبل إلى تسوية سلمية ودية فلم ندع طريقا ممكنا للاتفاق لم نسلكه أو بابا لم نطرقه. وكنا نصطدم دائما بإصرار بريطانيا وعنادها فلم نتقدم إلى الأمام خطوة واحدة فماذا كانت تستطيع مصر أن تفعل حيال ذلك؟. ما كان لنا أن نقنع بأن نرتد

<5>