إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



(تابع) رسالتان متطابقتان إلى رئيس مجلس الأمن والأمين العام
من نائب رئيس الوزراء ووزير خارجية العراق
"الأمم المتحدة، سلسلة الكتب الزرقاء، مج 9، ص 219 - 221"

أسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط ومن ضمنها الأسلحة النووية. كما أن العراق طرف في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية المؤرخة 1 تموز/ يوليه 1968. وهو ينفذ الالتزامات الواردة فيها كما تؤكد ذلك التقارير المتعددة للوكالة الدولية للطاقة الذرية. إن قرار مجلس الأمن يلزم العراق وحده بإجراءات تدمير ما تبقى في حوزته من بعض الأسلحة غير التقليدية بعدما أصابها وأصاب المنشآت ذات الصلة بها من دمار شامل نتيجة العمليات العسكرية التي استهدفت العراق من قبل حلف الثلاثين دولة، في حين يبقي المجلس على امتلاك بقية الدول في المنطقة وخاصة إسرائيل لهذه الأسلحة بما فيها الأسلحة النووية، وإضافة لذلك فقد تجاهل المجلس قراره المرقم 487 (1981) الذي يطالب فيه إسرائيل بوضع جميع منشآتها النووية تحت الرقابة الدولية ولم يتابع تنفيذ القرارالمذكور مثلما يسعى الآن لفرض موقفه ضد العراق، وعليه فإن ما جاء في القرار يشكل ازدواجية صارخة في التعامل مع مسألة نزع أسلحة الدمار الشامل في المنطقة وإخلالا بالتوازن التسليحي فيها، خاصة وأن هذه الأسلحة لم تستخدم من جانب العراق.

         إن تطبيق هذا الجزء من القرار سيؤدي بالتأكيد إلى خلل خطير في التوازن في المنطقة وهذا ما أكده عدد من أعضاء مجلس الأمن المنصفين في مداولاتهم أثناء التصويت على القرار. وأن مما لا شك فيه أن إسرائيل المعتدية والتوسعية التي تحتل أراضي دول مجاورة وتغتصب حقوق الشعب العربي الفلسطيني وترتكب ضده يوميا أشد الفظاعات وحشية والتي ترفض الامتثال لقرارات مجلس الأمن وتتعامل معها ومع كل قرارات المنظمة الدولية باحتقار هي المستفيد الأول من هذا الخلل في التوازن.

         وفي الوقت الذي يؤكد فيه القرار على أهمية انضمام جميع الدول إلى اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتخزين الأسلحة البكتريولوجية والسمية وأهمية إعداد اتفاقية للحظر الشامل للأسلحة الكيمياوية والانضمام إليها، فإن القرار في الوقت نفسه يتجاهل تماما أهمية انضمام جميع الدول إلى اتفاقية حظر الأسلحة النووية كما يهمل أهمية إعداد اتفاقية للحظر الشامل لتلك الأسلحة في المنطقة ويؤكد بدلا من ذلك على أهمية إقامة حوار بين دول المنطقة لتحقيق ما يسمى بهدف تحديد متوازن وشامل للأسلحة في المنطقة.

         ومما يؤكد الطبيعة المنحازة والمجحفة للقرار أن المجلس يتذرع بما أسماه استعمالا لقذائف تسيارية في هجمات لم يسبقها استفزاز ليطالب بتدمير جميع القذائف التسيارية التي يزيد مداها عن 150 كم ومرافق إصلاحها وإنتاجها في العراق، يقصد بها الهجمات ضد إسرائيل التي كانت نفسها قد شنت هجوما عام 1981 لم يسبقه أي استفزاز ودمرت فيه المنشآت النووية العراقية المخصصة للأغراض السلمية والخاضعة للرقابة الدولية، وقد أقر مجلس الأمن بالإجماع في قراره المرقم 487 (1981) بأن ذلك الهجوم يشكل تهديدا خطيرا لنظام الرقابة التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية والذي هو أساس معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. ومن الجدير بالذكر أن المجلس أقر في ذلك القرار أيضا حق العراق بالحصول على تعويضات عن الأضرار التي لحقت به جراء ذلك العدوان ولم ينفذ المجلس ذلك القرار حتى يومنا هذا، في الوقت الذي يضع فيه شروطا وآليات في غاية الشدة والإجحاف عند تعامله مع مسألة التعويضات في هذا القرار وبالشكل الذي يتجاهل فيه حتى الحاجات الإنسانية الأساسية للشعب العراقي.
         ثالثا: ومن الناحية الأخرى كان العراق ولا يزال يتعرض إلى تهديدات خطيرة لأمنه الداخلي والخارجي حيث تستمر محاولات التدخل في شؤون العراق الداخلية بالوسائل العسكرية. لذلك فإن الإجراءات التي قررها المجلس ضد العراق والتي أخلت بحقه المشروع في اقتناء الأسلحة والمعدات العسكرية للأغراض الدفاعية تشكل إسهاما مباشرا في تلك التهديدات وفي زعزعة استقرار العراق على حساب أمنه الداخلي والخارجي وبالتالي أمن وسلم واستقرار المنطقة ككل.

         رابعا: إن قرار المجلس في الوقت الذي ينص فيه على آليات لتطبيق التعويضات على العراق لم يتطرق إلى حق العراق في المطالبة بالتعويض عن الخسائر الكبيرة التي لحقت به، والدمار الشامل الذي أصاب المنشآت والبنى التحتية المخصصة للحياة المدنية فيه، من جراء التجاوز الواضح في تطبيق القرار 678 (1990) والذي شهدت به بعثة الأمين العام التي زارت العراق مؤخرا وتحدث عنه رئيس إحدى الدول الأعضاء الدائمة في مجلس الأمن (الرئيس السوفياتي ميخائيل غورباتشوف) وكل المراقبين المنصفين الذين شاهدوا نتائج العمليات العسكرية ضد العراق، فالمجلس لم يفسر للرأي العام العالمي وللضمير الإنساني ما هي العلاقة بين قراره 678 وبين التدمير المتعمد للبنى التحتية للمجتمع العراقي، ومن ذلك تدمير محطات الكهرباء ومحطات المياه والسدود الإروائية والجسور في المدن ومراكز الهاتف ومعامل لإنتاج حليب الأطفال والأدوية إضافة إلى الملاجئ والمساجد والكنائس والأسواق والأحياء المدنية وغيرها مما تعرض إليه العراق، ومن ناحية أخرى يسمح القرار بمطالبة الآخرين للعراق بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم، حتى إذا كانت تلك الأضرار بسبب امتناعهم عن تنفيذ التزاماتهم تجاه العراق بعد صدور القرار 661.

         ويؤكد القرار نظرته الأحادية غير العادلة بشأن التعويضات من خلال تحميله العراق التعويض عن الضرر اللاحق بالبيئة واستنفاد الموارد الطبيعية من دون أن تتأكد مسئوليته عن ذلك، وفي عين الوقت يغفل تعويض العراق ذاته عن الأضرار اللاحقة ببيئته واستنفاد موارده الطبيعية نتيجة ما هو مؤكد مما ألقي عليه من متفجرات تجاوزت أوزانها 88000 طن وتدمير شبكات المياه والكهرباء ومجاري الصرف الصحي مما سبب تفشي الأمراض والأوبئة وآثارا سلبية خطيرة على البيئة. إن هذه الأحكام إنما تعبر عن الرغبة في الانتقام والإيذاء وليس الرغبة في إعلاء شأن أحكام القانون الدولي ذات الصلة، وإن النتائج العملية المباشرة لتنفيذ هذه الأحكام ستمس إمكانات وموارد الملايين من أبناء شعب العراق وتحرمهم من الحياة بعزة وكرامة.

         خامسا: بعد أن قرر المجلس العقوبات الإلزامية الشاملة ضد العراق بقراره 661 (1990) على أساس كونها نتيجة لعدم امتثال العراق للقرار 660 (1990)، أبقى المجلس بقراره الجديد على القسم الأعظم منها رغم قبول العراق لقرارات

<2>