إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

       



(تابع) رسالة إلى رئيس مجلس الأمن من الممثل الدائم للعراق
"الأمم المتحدة، سلسلة الكتب الزرقاء، مج 9، ص 271 - 272"

         إن تركيبه هذا المجلس السياسية ستجعل معيار النظر في التعويضات استنادا إلى مصالح وسياسات الدول الأعضاء في المجلس وليس استنادا إلى قواعد القانون الدولي ودون أن يعطى العراق حق الدفاع عن نفسه، أو الأخذ بمصالحه الاقتصادية الحالية والمستقبلية. وأول الأدلة على ذلك هو عدم أخذ مجلس الأمن بالاعتبار الطلب الذي تقدم به العراق بتأجيل دفع التعويضات فترة خمسة أعوام في ضوء أوضاعه الاقتصادية الحالية وتلبية الحاجات الأساسية للشعب العراقي وإصلاح الأضرار التي تعرض لها العراق من جراء العدوان عليه. ومن هذه الأدلة أيضا أن مجلس الأمن تغافل عن الدمار الذي لحق بالعراق والذي يعادل أضعاف ما لحق بغيره من جراء القصف الجوي المكثف الذي استهدف المراكز المدنية والمنشآت الاقتصادية والثقافية والذي أدى إلى نتائج حسب وصف تقرير السيد مارتي أهتيساري وكيل الأمين العام لشؤون الإدارة والتنظيم عن الحالة في العراق والذي تضمنته الوثيقة S/22366 في 20 آذار/ مارس 1991 أشبه بأحداث يوم القيامة "... بعد أن كان العراق مجتمعا حضريا يعتمد على الآلات إلى حد بعيد أما الآن فإن معظم الوسائل الداعمة للحياة الحديثة قد دمرت أو أصبحت هزيلة. لقد أعيد العراق إلى عصر ما قبل الثورة الصناعية وسيظل كذلك لفترة من الزمن. لكن مع كل أوجه العجز التي يتسم بها الاعتماد على الاستخدام الكثيف للطاقة والتكنولوجيا في عصر ما بعد الثورة الصناعية".

         لقد بين ذلك التقرير المحايد الصورة الحقيقية لآثار عدوان الولايات المتحدة الأمريكية والدول المتحالفة معها على الأغذية والزراعة والمياه والمرافق الصحية والصحة والطاقة والنقل والمواصلات والسوقيات، فماذا فعل مجلس الأمن لمعالجة هذه الآثار التي نشأت عن تجاوز خطير لم يسبق له مثيل في تنفيذ أهداف لقرار من قرارات مجلس الأمن غير التي حددها.

         ولقد حددت معالم هذا التدمير بعثة جامعة هارفارد وهي هيئة محايدة قامت بزيارة العراق ونشرت تقريرا في 22 أيار/ مايو 1991 واطلعت بنفسها دون أي تدخل من السلطات العراقية على حقيقة الأوضاع الصحية والمعاشية في العراق، وقد جاء تقريرها بشهادات وفاة مستقبلية لـ 000 170 طفل عراقي سيموتون خلال عام نتيجة للآثار التي خلفتها حرب الخليج على المرافق الصحية في العراق وتدمير مراكز توليد الطاقة وتنقية المياه، الأمر الذي سيؤدي إلى انتشار أوبئة الكوليرا والتيفوئيد والأمراض المعدية. فأين هي حقوق الإنسان التي تدافع عنها الولايات المتحدة الأمريكية. هل من حقوق الإنسان أن يفرضوا حظرا على الشعب العراقي لفترة تقترب من عام دون أن يسمح للعراق بتصدير نفطه لسد الاحتياجات الأساسية ؟ حتى أن لجنة المقاطعة قد رفضت طلبات العراق لتصدير كمية محدودة من النفط والمنتجات النفطية استنادا للفقرة 23 من القرار 687 الذي صاغته الولايات المتحدة وحلفاؤها.

         إن استجابة مجلس الأمن لمحاولات أمريكا وحلفائها في فرض نسب تستقطع من عوائد النفط العراقية يعني إعطاء المجلس بصورة غير مباشرة سلطة التحكم بموارد شعب العراق النفطية من حيث مستوى الإنتاج، وبذلك ستحقق الولايات المتحدة والدول المغرضة هدفا آخر من وراء ذلك أيضا هو تحطيم منظمة الأوبك وانتزاع حقها في السيادة على مصادرها النفطية وتحديد صادراتها من النفط الخام ومنتجاته.

         إن القرار 692 قد فتح الباب لكل الطامعين والمحتالين للتقدم بمختلف الطلبات الباطلة أو المُبالغ فيها دون أن يكون للعراق حق في إثبات عدم مشروعيتها.

         إن النتائج الأكيدة لهذا القرار هي إفقار الشعب العراقي والأجيال القادمة لعقود طويلة ومعاقبة جيله الحاضر الذي عانى ومازال يعاني من آثار الحصار الاقتصادي والعدوان العسكري. وسيؤدي القرار إلى خلق ظروف ملائمة لانتشار الأوبئة والمشاكل الاجتماعية وانتشار الجريمة. وسوف تؤدي هذه النتائج إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة وخلق بؤر صراعات وتوترات جديدة وسيكون لذلك أثر بعيد المدى على السلام العالمي.

         إن تصرفات مجلس الأمن ولجنة المقاطعة التابعة له تدل على وجود تباطؤ متعمد وتمييع من أجل إطالة أمد الحصار وعدم رفعه وذلك لتحقيق أهداف سياسية لبعض الدول للإضرار بالعراق في الوقت الذي ينفذ العراق فيه كل التزاماته.

         إن القرار 692 ليس له أية سابقة ولا يوجد له سند في ميثاق الأمم المتحدة ولا أية اتفاقية دولية. إن السلطات المطلقة التي منحت لمجلس إدارة الصندوق لم تمنح لأية منظمة دولية في تاريخنا الحديث.

         وإن مجلس الأمن بقراره هذا قد زرع بذرة فناء الجهاز الذي أوجده بلا سند قانوني وعادل، الأمر الذي يجعل مصداقية المجلس ومسؤوليته في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين موضع الشك العميق. وإن تاريخ الأمم المتحدة سيتضمن، بدون شك، صفحات سوداء مليئة بالإدانة لكل القرارات الظالمة والمجحفة التي أصدرها مجلس الأمن ضد العراق تحت ظروف الضغط الأمريكي والتي تشكل سوابق تحمل في طياتها ليس فقط هضم حقوق العراق وإنما تحطيم قيم العدالة والإنصاف وتشويه أسس ومضامين القانون الدولي.

         وتفضلوا بقبول خالص اعتباري.

(توقيع) أحمد حسين
وزير خارجية جمهورية العراق


<2>