إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


       



مذكرة الاشتراكيين اللبنانيين إلى الأحزاب في لبنان وإلى حركة المقاومة الفلسطينية حول الوضع في لبنان
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت مج 6، ص 127-129"

مذكرة منظمة الاشتراكيين اللبنانيين ولبنان الاشتراكي إلى الاحزاب والفئات التقدمية في لبنان وإلى حركة المقاومة الفلسطينية، حول الوضع الراهن في جنوبي لبنان ومستلزمات النضال الوطني.

شباط (فبراير)1970

 

(الحرية، العدد 517، بيروت،
1/6/1970، ص 4)

          لقد أصبح من الممكن أن نرى جميعا، وبعد جملة التطورات والمواقف التي أحاطت بأحداث الجنوب الأخيرة، ان " مسألة الجنوب " قد اصبحت بلا جدال المسألة المركزية - لبنانيا - والمقررة في نضال القوى الوطنية والمقاومة الفلسطينية في لبنان. فمن الناحية المادية كما من الناحية السياسية أصبح الجنوب ساحة الصراع الفعلية التي تخوضها الآن كل من قوى النظام اللبناني من جهة والقوى الوطنية الثورية الفلسطينية - اللبنانية من جهة أخرى باعتبار ان كل ما يتم فيها من انتصارات للقوى الوطنية او من هزائم يؤثر مباشرة في كل امكانات الدعم والنضال الباقية في المناطق الأخرى من لبنان.

          كيف؟ ان وضع الجنوب المادي والسياسي (وجود مقاومة شعبية أو عدمها، وجود تحرك جماهيري معاد للسلطة ام نزوح ونقمة على الفدائيين) قد يكون نقطة الضعف الكبرى بالنسبة للنظام مما يعني ان استمرار الهجوم عليها يساهم على المدى الطويل في ارباكه وتقويضه. كما انه - وفي غياب خطة سياسية (وربما عسكرية) من قبل المقاومة الفلسطينية والقوى اليسارية اللبنانية في الجنوب - قد يتحول إلى نقطة هجومية للسلطة على المستويين المادي (القمع) والسياسي (عزل المقاومة واستقطاب الرأي العام وتضليله).

          ما هو وضع الجنوب حاليا؟

           بعد أحداث كفر كلا والخيام اتضح أمر أساسي: من المستحيل ماديا وسياسيا فتح جبهة واسعة في الجليل الاعلى وشن عمليات مؤثرة في الظروف التي تحيط بالفدائيين في الجنوب.ما ان خطف حارس ليلي واحد حتى خطف 23 لبنانيا مدنيين وعسكريين وروعت المنطقة بأسرها دون أن تظهر أدنى مقاومة سواء من الفدائيين ام من اللبنانيين. وبذلك انكشف الوهم الأول: لا يمكن لاتفاق القاهرة أن يساوي - في الجنوب على الاقل - شيئا طالما انه سيصطدم بالشروط المتعلقة بصورة فاضحة لوضع الجماهير والقرى اللبنانية التي يفترض انها هي "مادة الثورة ووقودها، في الجنوب. وسرعان ما اضطر الفدائيون لمواجهة الحقيقة البائسة وايقاف العمليات بعد ان اتضح لهم مقدار الخسارة السياسية التي سوف تنجم بالتأكيد عن الاستمرار فيها في ظروف النزوح والاستياء الذي يعم قرى الجنوب والذي أدخل الارتباك والشلل إلى نشاط قوى الدعم في مختلف أنحاء لبنان. اذن فالحقيقة التي تبدو واضحة الآن هي ان لا أمل بأي كفاح مسلح مؤثر ضد شمالي اسرائيل طالما ان الظروف في الجنوب سوف تبقى على ما هي عليه الآن.

          لكن هذه الحقيقة بالغة الدلالة بالنسبة لمستقبل المقاومة في لبنان - وفي المنطقة أيضا.

          أما السبب فواضح وبسيط: الردع الاسرائيلي العنيف والمدروس ضد منطقة يفترض تحويلها إلى حليف - لا تملك أية قاعدة مادية (وقائية دفاعية) أو سياسية (تنظيم وقيادة شعبيين) تمكنها من الصمود والقبول الواعي بالتالي بنتائج دخول المقاومة وعملها في الجنوب.

          اذا كانت الأمور بهذه البساطة فقد كان من البديهي أيضا أن يرى المرء بعض بوادر التغيير (ان لم يكن جذريا في بداية الأمر) في منطق المقاومة وخططها المستقبلة، بحيث تركز هذه بعد الآن على تصحيح مفهومها العسكري البحت للنضال المسلح - فكيف "بحرب التحرير - الشعبية" - وان على حساب كل أنواع العمليات العسكرية التي قد تستتبع ردعا اسرائيليا لا يتوقع امكانية الرد عليه سواء من السكان ام من المقاومة نفسها.

          فما الذي حدث حتى الآن؟ لا شيء تقريبا. ففي الجنوب، وحتى عندما تقوم الجماهير بمبادرات ذات دلالة - كما حدث في الخيام - تجابه المقاومة هذه المبادرات بالتلكؤ والعجز والتصرفات البيروقراطية بحيث أصبحت مبادرة الخيام مثلا مهددة بالفشل مع كل ما يحمل هذا الفشل من نتائج خطيرة على الصعيدين المعنوي والسياسي (محليا وجنوبيا).

          ومما يؤكد هذه الغفلة وهذا التخبط أيضا الغياب التام الواضح لأي مطالب جنوبية في دعاية المقاومة وعملها وكذلك تركيز المباحثات التفصيلية القائمة على مسائل تافهة لا تتعدى التفاصيل الشكلية. مما يدل على سوء تقدير بالغ لمعنى ما يحدث في الجنوب الآن من نزوح من جهة، وانحسار التأييد للعمل الفدائي من جهة ثانية. فبينما يزداد مركز المفاوضين الفلسطينيين ضعفا من خلال التركيز على مسائل جزئية في محادثات يغرقهم فيها الجانب اللبناني بتفاصيل تتعلق بتنفيذ اتفاق القاهرة باتجاه مكشوف يرمي إلى "الاجتهاد" في تفسير هذا الاتفاق بما

<1>