إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

       



(تابع) بيان السيد كمال جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان حول مقترحات بورقيبة المتعلقة بفلسطين
"ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1329 - 1330"

         فهل يستطيع عربي واحد أن يقبل بهذا الحل وبماذا نعود لنطالب به إذا ارتضينا بتكريس الاغتصاب الواقع؟

         لقد تبنت الحكومات العربية في مرحلة من نضالها العودة إلى التقسيم وطالبت بتنفيذ مقررات الأمم المتحدة.

         وحتى هذا الحل الجائر رفضته الدول الكبرى الغربية. وقد تعدى اليوم نضال العرب هذا المطلب الجائر بحقهم إلى تحقيق العودة إلى الوطن المغتصب بأسره وتحويل وجهه من الداخل إلى ما كانت عليه فلسطين العربية.

         وعندما يتوفر للعرب أن يمارسوا سياسة "الأخذ ثم المطالبة" وهي من نهج الحياد الإيجابي ذاته لا الانحياز الغربي التونسي الرسمي فسيفعلون ذلك كما حصل في قضية تحويل روافد الأردن إنما هي مرحلة من مراحل العمل لأجل تحرير الوطن السليب ومنع الاغتصاب من أن يتقوى ويزدهر.

         إن سياسة الأخذ ثم المطالبة هي نهج بديهي في النضال طالما استخدمه العرب في العمل القومي والسياسي على السواء ولولا ذلك لما توفر لهم أن يحصلوا في النهاية على هذا اللون من الاستقلال التام الناجز في مصر والسودان وسوريا ولبنان والعراق واليمن والجزائر.. الخ. إلى حيث لم يعد هناك أثر للارتباط والقواعد الأجنبية.

         إننا نأمل أن يطلع بعض قادة العرب على الظروف والأوضاع الخاصة لقضية الوطن الفلسطيني ولنضال شعبه العربي العظيم فلا يلمحوا إلى حلول أو نهج لا يستطيعوا أنفسهم أن يوضحوها حتى لو طلب منهم ذلك فلا يفيد من تصاريحهم العامة المرتجلة إلا أعداء العرب في كل مكان وبعض الانهزاميين والعملاء من مواطنينا غير المتحررين. فأوضاع فلسطين وظروفها هي غير أوضاع تونس مثلا وظروف شعبها. ولو بقى العرب في فلسطين وطنهم من الداخل ولما كانت قامت إسرائيل أو لكانت انهارت بعد قيامها. أما وقد حصل ما حصل فلا بد من الإسهام من الخارج في تحرير فلسطين على أن يدخلها أبناؤها المدربون الأبطال في الوقت المناسب لكي يولعوا في أحشائها نيران العصيان والثورة.

         وكنا نرجو موقفا متفهما إيجابيا من قادة مراكش وتونس في مرحلة صراعنا هذه مع الصهيونية وفي مواجهة عدوان المانيا الغربية وأن يتقدموا من حدود إسرائيل بخمسين أو بمائة الف من هذه الفرق العربية العسكرية البطلة المدهشة التي لا تقف عقبة في وجهها ولا يردها انكسار إلى الوراء إذن لكانوا أسهموا فعلا في سياسة فرض الأخذ على إسرائيل وحليفاتها من دول الاستعمار ثم المطالبة من جديد وإذن لتفهموا معنى القومية الجامعية المتقدمة نحو أهدافها ولأدرك مثلنا شرف النضال المباشر لأجل فلسطين العربية.

         مرحى بالجزائر ورئيسها الكبير وبموطن المليون شهيد بيننا في هذا الصراع حتى النهاية.

         كلمة أخيرة نقولها: كان على لبنان أن يتظاهر في جميع مدنه وقراه وسواحله وجباله وجروده وأن يخرج شعبه ليشجب موقف المانيا الغربية العدائي وليعلن تأييده لقضية فلسطين هي قضية لبنان وقضية العرب الأولى. وكان على لبنان الشعبي أن يتظاهر ليمحى آثار بعض التصريحات المؤسفة .. فإن لم يتظاهر شعب لبنان لأجل تمرسه بمبادئ السيادة الكاملة ولرد العدوان ولنصرة فلسطين والعرب وتأييد قادتهم الأبرار فلأجل من سيتظاهر يا ترى؟


<2>