إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

       



بيان السيد تقي الدين الصلح، رئيس مجلس الوزراء اللبناني، حول الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1974، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 10، ط 1، ص 233 - 235"

بيان السيد تقي الدين الصلح، رئيس مجلس الوزراء اللبناني،
امام لجنتي الشؤون الخارجية والدفاع النيابيتين، حول
الاعتداءات الاسرائلية على لبنان.

بيروت، 27/6/ 1974

 

(المحرر، بيروت، 28/6/ 1974)

          منذ بدء الاعتداءات الاسرائيلية الاخيرة، برزت، بشكل واضح، معالم الخطة التي تعتمدها اسرائيل لمرحلة ما بعد فصل القوات على جبهتي سيناء والجولان، وهي الخطة التي ستكون مواجهتها موضوع مؤتمر وزراء الخارجية والدفاع للدول العربية يوم الاثنين المقبل في القاهرة.

          فاسرائيل تريد ان تستفيد من هدوء الجبهتين لتصب عدوانها الشرس على لبنان بهدفين اثنين:
          الاول: الذهاب الى ابعد من الاستمرار في اخطار الشخصية القانونية للشعب الفلسطيني، الى التدمير الفعلي للوجود الفلسطيني نفسه، ولا سيما بعد تحسس العالم اكثر فأكثر لحقيقة هذا الوجود، وبأن قضية فلسطين هي قضية وطنية لشعب، لا مجرد قضية انسانية للاجئين.
          ان اسرائيل تشعر ان ساعة التكريس العملي للحق الفلسطيني تقترب، لذلك تتصدى، في ثورة من الغضب والحقد، لهذه الحتمية التاريخية.

          اما الهدف الثاني، فهو نسف تلك المجموعة من الحقائق والقيم الحية في لبنان التي يشكل وجودها نقضاً واضحاً للمشروع الصهيوني من اساسه. فلبنان، بوحدته الوطنية المتماسكة، ونجاح تجربته الديمقراطية، يضرب في الصميم منطق التمييز العنصري والديني الذي تقوم عليه اسرائيل.

          وقصد تخريب الحياة اللبنانية لم يعد سياسة مضمرة لاسرائيل ولا مسألة تخمين، بل اصبح سياسة معلنة على ألسنة المسؤولين السياسيين والعسكريين في اسرائيل.

          وهكذا، ولعوامل متعددة تختار اسرائيل طريق العنف، وقد عودتنا دائماً ان نراها لا تميز في تنفيذ أحقادها ومطامعها بين هدف عسكري وهدف مدني، ولا تقيم اي حرمة للاطفال والنساء والشيوخ، وحتى للمرضى والمستشفيات. انها اليوم لم تعد تهتم حتى بصياغة الذرائع التي كانت تحاول تبرير اعتداءاتها بها، بل تكتفي بالاعلان عن تصميمها على ضرب الفلسطينيين اينما وجدوا. وقد انتقلت من تحميل لبنان مسؤولية التسلل الى تحميله مسؤولية مجرد وجود الفلسطينيين على ارضه. هؤلاء الفلسطينيون الذين ان وجدوا على ارض لبنان فبفعل خطة التشريد الاسرائيلية.

          ان العدو الاسرائيلي يتناقض. فهو، من جهة، يعترف بانطلاقات العمل الفدائي من داخل الارض المحتلة بالذات، ويقول انه يأخذ الحيطة له، ومن جهة ثانية، كلما قامت عملية فدائية، حتى ولو من داخل الاراضي الفلسطينية ولو بعيدة عن الحدود اللبنانية، يسارع لتصوير لبنان وكأنه المسؤول عن تلك العمليات.

          ان قصف الطيران والمدفعية الاسرائيليين، وما استهدفه من ايقاع الخسائر في الممتلكات والمزروعات والارواح، والطريقة التي جرى فيها التنكر الفاضح للقوانين والاعراف الدولية وللقواعد الاخلاقية والحضارية، يذكرنا بأساليب النازية. وانه لمن سخرية القدر حقاً، ان تكون الصهيونية، وهي التي استغلت ثورة الضمير العالمي ضد النازية، تبني وجودها اليوم على الفظائع نفسها.

          ان استمرار اسرائيل في ارتكاب هذه الاعمال، في الوقت الذي تهيأ فيه شروط السلام في المنطقة وخارجها، هو تهديد اكيد للسلام وتخريب لسعي الساعين في سبيله.

          ان الحكومة كانت تتحسب لهذه المرحلة، ولما سيواجهنا فيها من صعوبات، أعدت خطة دفاعية احتاطت فيها لانتكاسة المساعي السلمية الجارية في المنطقة.

          ومن الآن والى ان تبدأ الخطة باعطاء ثمارها، فالجيش يؤدي واجبه بكل ما لديه من امكانات. وفي سبيل تعزيز هذه الامكانات، قمنا بالاتصالات المختلفة التي شملت الاشقاء والاصدقاء.

          وفي رحلتنا الى بعض البلدان الشقيقة، كنا نطرح مع الاشقاء قضية تعزيز الدفاع اللبناني، باعتبار ان ما يعانيه لبنان حالياً مرتبط بالتزامه العربي وبمصير القضية نفسها. وكخطوة اولية عاجلة، أبدى لبنان رغبته في ان يزود بأحدث الوسائل الدفاعية وخاصة الصواريخ.

          كذلك باحثنا في هذا الموضوع ممثلي الدول الشقيقة الاخرى. وقد لمسنا تفهم الاخوة وتجاوبهم وتقديرهم لموقف لبنان،

<1>