إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

       



( تابع ) بيان الشيخ بيار الجميل، رئيس حزب الكتائب اللبنانية، أمام المؤتمر العام السابع عشر للحزب فى 27 سبتمبر 1974
جريدة " النهار "، العدد الصادر في 28 سبتمبر 1974، ص 3 - 4 .

لبنان، من هذا القبيل، هو أفضل مقياس، إذ نادرا ما أحسسنا بالتضامن العربي كما في حرب تشرين!! فهل يعني أن وحدة الصف لا تكون إلا في الحروب؟!

       إنه السؤال الذي يتحدى الوجدان العربي أمام التاريخ، عله يلتفت إلى ذاته، ويبني نفسه من جديد قياسا على تجربة حرب تشرين، حيث التضامن كان تلقائيا، عفويا من دون أي إكراه! فى أي حال، حرب أكتوبر لم تنته بعدما دام الغرض منها - كما تأكد في حينه - إذابة الجليد الذي كان قد بدأ يجمد الصراع ويجمد أسبابه الحقيقية.

       كان القصد بعث دينامية جديدة في النزاع، بما يكفل حمل العالم على إعادة النظر فى مواقفه وراؤه، فحققت المجازفة بعض أغراضها، ولم تحقق الكل. إذا، فالتضامن يجب أن يستمر وأن يتعمق. تلك هي المسألة الأولى.

       أما الثانية، فهى التي تطرح تكرارا عندنا فى لبنان، حيث هي أيضا، وقبل أي شىء، مسألة تضامن، بدأت بها كلامي، وعندها أود أن أنتهي. فمن هنا تبدأ همومي، وهنا تنتهي! فأقول: مأساة الأخوان الفلسطينيين في لبنان بدأت عندما راح بعضنا يتساهل مع ثورتهم، وتجاه أخطائهم التي لا تخلو منها أية ثورة على الإطلاق، تساهلا لم يكن كله بدافع خدمة قضيتهم قدر ما كان بدوافع أخرى، فتصوروا هم المتساهل هو الصديق، والآخر هو الخصم! وخيل إلينا نحن أيضا، إن الثورة ثورة علينا بالذات قبل أن تكون ثورة على الظلم والتشرد وعلى إسرئيل. هكذا بدأت المأساة. ولم يلحظ الأخوان هذا التورط، إلا في صورة متأخرة، ليس سهلا أن نعود الآن إلى نقطة البداية، كأن شيئا لم يكن، فكيف إذا كان ( التساهل ) المغرض يتواصل حلقات، مقرونا بتحريض ما بعده تحريض؟! بالتضامن وحده نلجم الاستغلال السياسي لقضيتهم، ونتعاون على استبعاد الأخطاء، شرط أن يكون الكلام على الخطأ، مقبولا فى الجانبين، فلا يفسر دائما بالعداء. لبنانيا، نقترح ميثاق شرف نعلن فيه جميعاإيماننا بالقضية الفلسطينية إذا كان هذا لا يزال يحتاج إلى إعلان! - وتضامننا مع الشعب الفلسطيني حتى النهاية، والتزامنا أيضا بالفصل التام بين الصراع السياسي المحلى من جهة، وكل ما له علاقة بالشأن الفلسطيني من جهة ثانية. فى تعبير آخر، يجب ألا تكون قضية فلسطين وما يتصل بها، مادة من مواد هذا الصراع، أو موضوعا من مواضيعه، أو سببا من أسبابه. وإذا بدا هذا الاقتراح لبعضهم على شىء من المثالية، فإن صمت الفلسطينيين منذ مدة، وامتناعهم المطلق عن الدخول فى أية مشادة بين اللبنانيين، لهو أوضح دلالة على أن اقتراحي فى منتهى الواقعية، إنه التحدي لمقدار إخلاصنا لهم ولقضيتهم. ولقدرتنا أيضا، على الاستغناء عن رصيد قضيتهم، تعزيزا لأرصدتنا!

       يحيا لبنان.

       برمانا 27 أيلول 1974.


<14>