إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



( تابع ) بيان الشيخ بيار الجميل، رئيس حزب الكتائب اللبنانية، أمام المؤتمر العام السابع عشر للحزب فى 27 سبتمبر 1974
جريدة "النهار"، العدد الصادر في 28 سبتمبر 1974، ص 3 - 4 .

لحماية أمنهم المشترك وإشاعة السلام في العالم! فماذا يعني هذا سوى أن الضمير الدولي ضمير نسبي في بعض الأحيان، والمواثيق أيضاً نسبية، كذلك المعاهدات والاتفاقات الدولية؟!

واقع يحتم علينا الاعتماد على أنفسنا قبل الاتكال على أي فريق آخر، فنلتفت إلى ذاتنا الوطنية، نقويها، نحررها من الأنانيات، حزبية كانت أو شخصية أو طائفية أو فئوية، إن لم يكن تحريراً كاملاً ونهائياً، فعلى الأقل بالمقدار الذي يمنع الصراع فيما بيننا من تجاوز حده المألوف.

         فغني عن القول أن التضامن الوطني هو ما ينقصنا أم ما يحتاج إلى ترسيخ وتدعيم، مسألة تحتاج إلى وقت، إلى أجيال ربما، لكي تستقيم، ولكن، ماذا لو تساءلنا في هذه المرحلة بالذات، عما إذا كان انهيار لبنان لا سمح الله، يخدم هذه الفئة أو تلك هذه الطائفة أو تلك؟

         أنا لا أقصد هنا، في طبيعة الحال، افتعال موجة ذعر في البلاد، بعدما كثر الكلام على ( قبرصة ) لبنان وما إليها، فمثل هذا الأسلوب لا أستمرئه، فضلاً عن أن لبنان ليس قبرص! إنما قصدي من التساؤل هو أن نرتفع فوق أنانياتنا قليلاً، لأنها إذا تركناها تحكم الحياة في بلادنا وتتحكم بها، أضحى الصراع فيما بينها في حدة الصراع الذي مزق البلد الجار. وقصدي أيضاً ألا يغيب على البال أن تفكيك لبنان مشروع وارد، أو احتمال بين الاحتمالات التي قد يفرزها النزاع في المنطقة. فالتضحية به للتخلص من المقاومة الفلسطينية، فكرة شريرة تراود الأشرار في كل حين. وثمة من لا يزال يحلم بتجزئة المنطقة مرة أخرى، قياساً على الأصول والأعراق والأديان! فماذا يعني كل هذا إلا إننا نواجه حالة في منتهى الدقة، إذا أصيب لبنان بعدها بمكروه، كانت الإصابة عامة ومشتركة؟ حالة نقضي بالتضامن إلى أبعد الحدود وتجميد كل نزاع أيا كانت أسبابه والدوافع.

         مشكلاتنا وكيف نحلها
         أما مشكلاتنا، فمشكلات قومية يجب أن تكون، ومواقعنا منها ينبغي أن تتبدل، بل من موقع واحد يجب أن ننظر إليها من حيث نقف كلنا لدرء الخطر المشترك. فهل هذا مستحيل؟

         إنه لمن المسلم به أننا شعب يبني نفسه بنفسه فليس عيباً إن اعترفنا بعيوبنا وقلنا إننا لم نبلغ المحجة بعد. بل العيب في أن نتجاهل أمراضنا ونتظاهر العافية. فلبنان، لبنان الجديد إذا جاز القول، بدأ منذ ربع قرن.

         محاولة تستمر ولما تكتمل وهي في خطواتها تتعثر، ولا مناص من التعثر، ما دامت هي تمشي وتتقدم إلى الأمام. وإذا كانت قد بدت عفوية تلقائية في البداية، ففضل اللبنانيين عليها أنهم، من أجلها، تحملوا الكثير وتبادلوا التضحية غير مرة. وليعذرني، هنا، الذين ينطلقون في مفوهومهم للبنان، من نظريات قد تكون صحيحة وقد لا تكون، ولكنها، في الحالين، لا تنفي البداية التاريخية التي أشير إليها. وقد كانت من نقطة انقسام عميق. من هنا بدأنا.. ولم ننته بعد! ولكي ننتهي، ويكون لنا ما عزمنا على تحقيقه في الأربعينات، يجب أن نتعاون على أمراضنا وعيوننا. وفي تعبير آخر، إن مسائل النظام، نظام التمثيل الطائفي، والمشاركة كما تطرح دائماً، والإحساس بالظلم في هذا الجانب أو ذاك، وتعديل الدستور لا تعالج كما عولجت حتى الآن. فليس بالرفض والمطالبة الفئوية والاعتراض وما إليها من وسائل سلبية، نتخطى النظام ونحقق المشاركة، ونقيم العدل بين شتى الفئات اللبنانية، بالتفاهم الوطني فقط ونتجاوز كل هذه العقد، تماماً كما كان من أمرنا في الأربعينات يوم كان ذلك أشبه بالمستحيل، هل نذكر ذلك؟ هل نذكر

<2>