إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



بعضاً، ولا يناقض بعضنا البعض، ولا يتآمر بعضنا ضد البعض الآخر، وإنما نكون يداً واحدة كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً، ونكون مخلصين في قصدنا وفي عملنا وفي قولنا، وأن تكون بواطننا كظواهرنا لا نخفي إلا ما فيه الخير لأمتنا وديننا ولأوطاننا، ولا نخدع مواطنينا أو نضللهم بالأقوال، وحينما تأتي ساعة العمل نتخلى عن أقوالنا ونذهب إلى غير طريق، فهذا ليس من أخلاق ديننا، ولا من أخلاق أمتنا، ولا من شرفنا العربي الصميم.

          أرجو ممن يستمع إلي أن لا يؤاخذني إذا أطلت في هذه النقطة، لأننا في هذا الوقت بالذات في حاجة إلى هذه الأشياء، في حاجة إلى الإيمان بالله، في حاجة إلى الصدق في القول، في حاجة إلى العزيمة على العمل، في حاجة إلى التعاضد والتعاون والإخاء والمحبة، فيجب علينا أن نسلك هذا الطريق، فإذا، لا سمح الله، وتخلينا عن هذه الأسس وهذه المبادئ، فإنني أشك في أننا سننجح أو سنصل إلى ما نصبو إليه.

          أما إذا وثقنا من أننا سلكنا هذه الطرق، واتخذنا هذه السبل والوسائل المخلصة المؤمنة العازمة على العمل، فبحول الله وقوته، إننا سننتصر وسنستعيد حقوقنا المغتصبة، وسنرغم العدو على أن يتخلى عن غروره وعن ادعاءاته وعن تبجحاته التي أصبح يتظاهر بها أمام العالم، ويستهتر بالعالم أجمع وليس بالعرب فقط، أو بالمسلمين فقط وإنما يتجنى على العالم أجمع ولا ينصاع إلى قرارات دولية أو إلى رأي عام دولي، وإنما يتغطرس ويتباهى بإجرامه، ويتباهى بتفزيعه في إخوة لنا شردوا عن أوطانهم، واضطهد من بقي منهم في بلاده وفي بيته، ولكن الله سبحانه وتعالى سوف يأخذ بيدنا بحوله وقوته، وسوف ينصرنا، ولكن علينا، قبل كل شيء، أن ننصر الله لينصرنا، فنصرنا لله هو اتباع ما يأمر به، واجتناب ما ينهى عنه، وفي هذا الوقت الذي يقوم به بهذا الواجب علينا سنضمن النصر بحول الله وقوته.

          يا صاحب الجلالة إنه لا يمكن أن ننسى الأيام السعيدة التي مرت علينا حينما حللنا في رحابكم الكريم بين إخوتنا أبناء المغرب الشقيق فكانت أياما مرت علينا كلحظة؛ لما نحن فيه من سعادة وسرور وحبور، ولما لمسناه من إخواننا أبناء المغرب الشقيق، وعلى رأسهم جلالتكم، لما لمسناه من مودة صادقة وأخوة مخلصة، وما يتحلى به أبناء شعبنا المغربي من أخلاق كريمة ومن فضائل لا تعد، وهذا طبعاً لا يستغرب على شعب آمن بالله وتمسك بأهداب الفضيلة، ومارس الكفاح والدفاع، فلا يمكن أن يستغرب على  شعب مثل هذا أن يتحلى بمكارم الأخلاق وبالمثل العليا.

<2>