خطاب الفيصل في أفغانستان⁽¹⁾

          بسم الله الرحمن الرحيم

          يا صاحب الجلالة: إنه ليسعدني في هذه المناسبة السعيدة أن أتقدم إلى جلالتكم بعظيم الشكر والامتنان حينما أتحتم لي هذه الفرصة للقائكم، ووجهتم إلي الدعوة الكريمة للحضور إلى بلدكم الشقيق، والاتصال بأخوتنا الأشقاء في هذا البلد العزيز. إننا يا صاحب الجلالة لن ننسى أيام تشريفكم إلى بلدكم الشقيق أيام جلالة المرحوم الملك عبد العزيز، وما تركتموه من أثر بالغ في نفوسنا جميعا من محبة وتقدير لما تحليتم به جلالتكم من أخلاق فاضلة ومن اتجاهات نبيلة. وإنني لأرجو أن لا تكون هذه آخر زيارة لجلالتكم لبلدكم الشقيق وأن يهبكم الله الفرصة السانحة حتى تشرفونا بزيارة كريمة، إنني يا صاحب الجلالة لأؤكد لجلالتكم أنني أؤيد كل التأييد كل ما تفضلتم به جلالتكم في هذه اللحظة، سواء من ناحية الروابط الأخوية، التي تربط بلدينا وشعبينا، والروحية، وكذلك من ناحية الاتجاه في السياسة التي تقودون بها شعبكم العزيز ومما لا شك فيه أن ما يربط بين شعبينا وبلدينا من روابط الأخوة، والعقيدة، والمحبة هي أقوى بكثير من أي خلاف أو أي اتفاقات.. إنه لا يمكن لأحد أن ينكر ما لأفغانستان الشقيقة من دور فعال في سبيل معالجة القضايا التي تحدث في العالم ومن إخلاص في النوايا ومحبة للجميع منشأها العقيدة الإسلامية والأخلاق الفاضلة. إني أذكر الآن حينما اتفقت أفغانستان والمملكة العربية السعودية في الأمم المتحدة وأقروا على أن يثبت في ميثاق حقوق الإنسان حق تقرير المصير للشعوب، وكانت الدولتان تكافح في هذا السبيل لعدة سنوات حتى توفقتا إلى أن تكسبا أكثرية الأصوات في الأمم المتحدة فبت هذا الحق في ميثاق حقوق الإنسان. وإن كنا في هذه الظروف يا صاحب الجلالة نرى ممن وافقوا على هذا الميثاق ووقعوه من يخالف هذا المبدأ.. إن أغلب المشاكل الموجودة اليوم في العالم إذا لم أقل كلها هي ناشئة عن التدخلات التي يرتكبها بعض أعضاء الأمم المتحدة في شؤون الآخرين.

          وكان من أبرز هذه المشاكل هو اتخاذ الأمم المتحدة وسيلة للعدوان على أشقائكم العرب في بلادهم، واحتلال أراضيهم، وتهجير أبنائهم من أراضيهم وبيوتهم، وإقامة دولة أجنبية عنهم على هذا الكيان. إن إخوانكم العرب يا صاحب الجلالة لم يعتدوا على أحد في وطنه ولكنه اعتدي عليهم، وفي وطنهم، وأراضيهم، وشردوا، ويطلب منهم الآن قبول هذا العدوان الذي يتوسع يوماً بعد يوم، إنه منذ يوم حلت إسرائيل في بلاد العرب وقام كيانها على العدوان والتسلط وبلادنا العربية في اضطراب ومشاكل لا تعد ولا تحصى ومهما حاولنا وحاول إخواننا المستضعفون إفهام الأمم المتحدة والضمير

1. ام القرى العدد 2326 في 14 ربيع الثاني 1390 الموافق 19 يونيه 1970

<1>