إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



رسالة الفيصل إلى الرئيس الأمريكي جون كنيدي، رداً على رسالته لسمو الفيصل(1)

حضرة صاحب الفخامة الرئيس جون كنيدي ـ رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ـ واشنطن دي. سي.

          فخامة الرئيس.

  1. تلقيت نص الرسالة البرقية التي تفضلتم بتوجيهها إليّ، والتي قدّم لي نصّها سعادة سفيركم بجدة بتاريخ 8 نوفمبر 1962م.
  2. إن فخامتكم قد أعدتم إلى الأذهان، في هذه الرسالة، الزيارة التي كان لي فرصة القيام بها للبيت الأبيض يوم 5 أكتوبر الماضي، والتي ذكرتم لي أثناءها ـ وأكدتم ذلك من جديد في رسالتكم الأخيرة ـ أن المملكة العربية السعودية تستطيع الاعتماد على صداقة الولايات المتحدة في اضطلاعها بمختلف الأعباء التي ستواجهها في المقبل من الأيام؛ ذلك بأن الولايات المتحدة تحرص على أن يسود الاستقرار والتقدم في المملكة العربية السعودية.
  3. ولقد تفضلتم بالإعراب عن ثقتكم بأن الحكومة التي أرأسها ستمضي قدماً في الأخذ بالنظم العصرية والإصلاحات التي هي ضالتنا المنشودة؛ وبأننا في سيرنا نحو هذه الأهداف نستطيع الاعتماد على مؤازرة الولايات المتحدة في الحفاظ على سلامة كيان المملكة العربية السعودية.
  4. ثم أبنتم فخامتكم أن بلوغ هذه الأهداف يقتضي إشاعة جو من الهدوء والطمأنينة لا تعكر صفوه حملات معادية، أو اتهامات واستفزازات سواء من الداخل أو الخارج، وأضفتم أنكم تشاطرونني القلق بالنسبة لحالة التوتر التي تحيط بالمنطقة، والتي من شأنها تعطيل ما عقدنا عليه العزم من تقوية في نظام الحكم في بلادنا، والسير بمجتمعنا في مدارج التقدم، ثم أشرتم إلى ما صرحتم لي فخامتكم به أثناء اجتماعنا بواشنطن من أن الولايات المتحدة راغبة في استنباط الوسائل المؤدية إلى تخفيف حدة هذا التوتر.
  5. ولقد عبرتم فخامتكم عما يخالج صدركم من أنكم تعقدون الآمال، لا على مجرد استمرار العلاقات الودية بين بلدينا فحسب ـ تلك العلاقات التي بدأت بداية مثمرة في عهد المغفور له والدي الملك عبدالعزيز ـ بل وعلى افتتاح عهد جديد في العلاقات الأمريكية ـ السعودية يتميز بأن تكون الرابطة التي تربط بين البلدين قائمة على تعهد كل منا لمصالحه، تعهداً مستنيراً على أساس من الإيمان الراسخ بما لبني الإنسان من حقوق أكيدة، في أن يحقق قابليتهم في الرقي والحرية.
  6. وإني إذ أبادر بالإعراب لفخامتكم عن شكري العميق على ما تضمنته رسالتكم من مشاعر المودة والنوايا الصادقة نحو بلادي، ومن تمنيات طيبة نحو تقدمها ونهضتها، وكذلك على ما تفضلتم بإبدائه نحو شخصي من عبارات كريمة، أودّ أن أعيد إلى ذاكرتكم أن تعهد وتوطيد علاقات المودة والتعاون بين الولايات المتحدة وهذه البلاد ـ منذ أن أرسى والدي أسسها ـ كان ولا يزال محل اهتمامنا وعنايتنا، ولقد كان من دواعي سروري أن تؤكدوا عزمكم في رسالتكم لي، وأثناء اجتماعنا في البيت الأبيض على المضي قدماً نحو توطيد هذه العلاقات، وزيادتها توثقاً ورسوخاً، ونحن من جانبنا لا ندخر أي جهد في سبيل إقامة العلاقات على أساس من الإدراك الواعي للمصالح الحقيقة لكل من البلدين لخيرهما المشترك، ومن أجل هذه الغاية ستمضي حكومتي نحو توثيق علاقات الصداقة والمودة التقليدية، ونحو زيادة وتنمية أسباب التعاون المثمر في كافة الميادين بين البلدين.
  7. ولقد قدرنا لفخامتكم إدراككم لخطورة ما يسود المنطقة من جو متوتر، وما يفتعلها من اتهامات ومشاحنات عقيمة لا تؤدي - في تقديرنا - لغير بعثرة الجهود البناءة المثمرة، ولغير تحويل الانتباه عن القضايا الحقيقية الأصلية لشعوب هذه المنطقة، ألا وهي: مكافحة التخلف، ورفع مستوى السكان، واستغلال كافة طاقاتهم، وزيادة دخلهم القومي، وتزويدهم بمؤسسات ديمقراطية للحكم، يستطيعون في ظلها التعبير عن ذاتهم وأمانيهم، وآمالهم في حرية بناءة تستهدف إدراك قابليتهم في مختلف الميادين.
    ونحن على ثقة أنه لا يخامر المنصفين أي شك في أننا لم يكن لنا أي نصيب في إهاجة هذه الحملات؛ وإثارة هذه الاتهامات والمجادلات. ليس أحب إلى نفوسنا، ونحن نبدي شديد أسفنا لهذه الحالة، من إزالة أسبابها واقتلاع جذورها.
  8. وأيا كان الأمر فنحن ماضون في تنفيذ ما عقدنا عليه العزم من تزويد بلادنا بمؤسسات حديثة للحكم، تناسب بلادنا وتلتئم مع مزاجها، وينعم المواطن في ظلها بحقوقه الإنسانية الأساسية، وبإدراك ذاته، واستخلاص قابلياته لخيره وخير المجتمع الذي يعيش فيه. كما نحن ماضون في تنفيذ سياستنا الإصلاحية الشاملة، التي يعود نفعها على طبقات الشعب جميعاً، وفي سبيل إدراك هذه الغايات سنعتمد على جهودنا الذاتية، وعلى طاقاتنا الكامنة في المقام الأول. لكن مجتمع اليوم أصبح وثيق الترابط، وقد زالت حدوده أو كادت، ولذلك سنلجأ لمعونة الدول الصديقة لإمدادنا بخبراتها، وبماضي تجاربها، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية. ولن تثنينا عن المضي

1. أم القرى العدد 1953 في يوم 15 شعبان 1382 الموافق 11 يناير 1963

<1>