إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



تسيء أو لا ترضي بعض الجهات وبعض قوى الشر، كالاستعمار، والشيوعية، والصهيونية، فإنني مطمئن كل الاطمئنان بأن المسلمين سوف لا يلتفتوا، ولا يندحروا، ولا يتخاذلوا في سبيل نصرة الحق، وفي سبيل نصرة دينهم، وفي سبيل توحيد كلمتهم، والتعاون على البر والتقوى.

          أيها الإخوان: لقد قيل عنا ما قيل، وإننا، كما قلت في الأول: لن نقول لأحد إلا أن ندعو له بالهداية والرجوع إلى الحق، واتباع سبيل الله، وهذا ما نطلبه من الله، سبحانه وتعالى، أن يوفق الكل إليه. لقد قيل: إننا نسعى إلى أحلاف، وأن هذه الأحلاف موجهة من جهات استعمارية، وإنني أمامكم أيها الإخوان، أدعو من يقول ذلك، بأن يتفضل ويشاركنا في هذه الدعوة، ويقوم بها معنا، وينظر فيما إذا كانت هذه الدعوة منبعثة من دوافع استعمارية أو خلافها، أم أنها منبعثة من قلوب مخلصة لربها، تدعو المسلمين إلى ما يصلح دينهم ودنياهم. وإننا، بكل ترحاب، نرحب بمن يؤيد هذه الدعوة، وبكل سرور نضعهم في المقدمة. ولكن إذا كان المراد أن نتراجع أو نتخاذل أو نتهاون في سبيل دعوتنا، فإن دون ذلك خرط القتاد.

          أيها الإخوان: لقد نذرنا أنفسنا لله تعالى، فمن نذر نفسه فلا يمكن أن يتراجع أو يحنث بقوله. فليعترض من يعترض، وليعارض من يعارض ونحن كما قلت: لا نجاوبهم إلا بطلب الهداية لهم، ولكننا لن ننثني عن سبيلنا بحول الله وقوته.

          أيها الإخوة: أردت بهذه الكلمة أمامكم، أن أوضح ما أُلبس أو لُبِّس ـ بضم اللام وتشديد الباء ـ على هذه الدعوة من أقاويل وشبهات، نحن، بحول الله، بعيدون عنها، وأريد أن أؤكد أمامكم بأننا ماضون في سبيل الله لا نألو جهداً، ولا تأخذنا لومة لائم. أما من يريد غير الإسلام ديناً؛ فقد قال سبحانه وتعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ (آل عمران:19). وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (آل عمران:85)، فهذا أيها الإخوة، واضح. فما دام أننا مسلمون، ونعترف بأننا مسلمون، فلماذا نجنح ونحكم غير كتاب الله وسنة رسوله؟ فمن يريد الإسلام وعزة الإسلام فالطريق واضح، أما من يريد أن يزيف أو يختلق على الإسلام ما ليس فيه، فإن المسلمين، بحول الله وقوته، عالمون بما فيه دينهم، وما يقتضيه دينهم، من كتاب الله وسنة رسوله، ولن تنطلي عليهم مثل هذه الأقاويل، ونحن كما قال سبحانه وتعالى لنبيه: قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ (آل عمران:64). ومعنى العبادة هو توحيد الله وتحكيم شريعته هذا لب العبادة، أما أننا نقول: إننا مسلمون، وإننا في زمرة المسلمين، ونحكم غير كتاب الله وسنة رسوله، فهذا لا يتفق مع الحق، ولا يتفق مع العقل ولا المنطق.

<2>