إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



الملحق الرقم (7)

كلمة الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود
رداً على كلمة الرئيس الباكستاني، الجنرال محمد أيوب خان
كراتشي، 19/4/1966(1)


بسم الله الرحمن الرحيم

صاحب الفخامة الرئيس
أيها السادة
         يسعدني، في هذه اللحظة، أن أتقدم بخالص الشكر، لما لقيته لدى حفاوة فخامة الرئيس، وحكومته وشعبه. إن هذه الحفاوة، وهذا الاستقبال، إن دل على شيء، فإنما يدل على الروح الكريمة الإسلامية، التي تتحلى بها باكستان، شعباً وحكومة ورئيساً.

فخامة الرئيس
         إن ما تفضلتم به، وشرحتموه، عما يربط هذه البلاد ببلادي، من أواصر الإخوة والمحبة، المنبثقة عن العقيدة الروحية، التي هي أفضل وأسمى عقيدة، يمكن أن تربط بين البشر، فهذا يسّر عليّ كثيراً مما كنت أود أن أشرحه. وإنني أؤكد لفخامتكم، أن المملكة العربية السعودية، شعباً وحكومة، تبادلكم هذا الشعور، وهذا الارتباط، الذي يوثق، كما قلت، عقيدة روحية سماوية عليا. إن المشاعر والروابط، التي تنبثق عن عقيدة خالصة، لا تشوبها المصالح، ولا الأهداف الملتوية ـ هي التي تصلح أن تكون أساساً ثابتاً، ومتيناً، لما يربط الشعوب والحكومات، بعضها ببعض. فإننا في هذه اللحظات، يا فخامة الرئيس، التي يتعرض الإسلام فيها إلى كثير من الهزات، وكثير من التيارات، التي تتجاذب المسلمين، يميناً وشمالاً، وغرباً وشرقاً، لأحوج ما نكون إلى الارتباط والتعاون والتكاتف، في مواجهة كل المشاكل أو الصعوبات، التي تعترض طريقنا، كأمة مسلمة، توحد الله، وتؤمن بالشريعة الإسلامية، وتؤمن بمحمد ـ صلوات الله وسلامه عليه.

        إنه مهما شوّه المشوهون، أو أراد المغرضون، أن يلبسوا الدعوة الإسلامية، غير ما هي عليه من حقيقة، فإن الإسلام واضح، وطريقه نير ومستقيم، لا يحتاج إلى تعديل أو تغيير؛ فإن معنى الإسلام، وما يدعو إليه الإسلام، هو التآخي والتعاون والسلام، ومحبة الإنسان لأخيه، بما يحبه لنفسه. وإن هذه الهزات، وهذه الاعتراضات، سوف لن تغير، ولن تبدل من قواعد الإسلام ومناهجه. وإننا، في نفس الوقت، الذي ندعو فيه إخواننا المسلمين إلى التآخي والتعاون والتقارب فيما بينهم، لن نسعى إلى الاعتداء أو التعرض للغير بما يسوؤه، ما دام هذا الغير لم يعترض سبيلنا.

إننا نسعى إلى السلام، ونسعى إلى التآخي، ونسعى إلى التفاهم. ولكن ليس معنى هذا، أن نضحي بمبادئنا وعقيدتنا وبإسلامنا، في سبيل هذا التآخي، أو هذا التفاهم.

يا فخامة الرئيس
أيها السادة
         لقد وُصِفنا، ويؤسفني أن أقول إننا وصفنا، من بعض من ينتمون إلى الإسلام ـ بأننا نحاول إيجاد أحلاف، أو ارتباطات، أو علاقات مع غير المسلمين، أو مع الدول، التي هي ليست ذات ارتباط وثيق بنا، ما عدا الارتباطات الدولية المعروفة. فإنني أؤكد، في هذا الموقف، أننا لا نستهدف، فيما نسعى إليه، أي غرض أو مطمع، سوى غرض واحد، وهو نصرة الإسلام، ونصرة دين الله، والتقاء المسلمين، وتفاهمهم وتعاونهم فيما بينهم، فيما يصلح دينهم ودنياهم.

        فإننا، مهما تعرضنا له، من اعتراضات أو تلبيسات، فإننا ـ بحول الله وقوته ـ سائرون في سبيلنا، معتصمون بالله، راجين المعونة منه ـ سبحانه وتعالى ـ‏ ثم آملين منإخواننا المسلمين، أن يفهموا هذه الدعوة على حقيقتها، وأن لا يلبس عليهم الملبسون، بما أرادوا أن يقلبوا الحق إلى باطل. ومع هذا كله، فإنني أؤكد أننا نرحب بكل إخواننا، في أي قطر إسلامي، وأي شعب إسلامي، للتعاون فيما بيننا لمصلحة ديننا، ولمصلحة شعوبنا، ومصلحة العالم أجمع. وإنني لأرجو الله، مخلصاً، أن يوفقنا جميعاً، وأقصد بـ"جميعنا" جميع المسلمين، أن يتبعوا سبيل الحق، وأن يأخذوا بمبادئ دينهم الحنيف، الذي هو دين الحق، ودين القوة، ودين العلم، ودين الرقي، ودين السلام.

إن في ديننا الحنيف، وشريعتنا الإسلامية، ما يغنينا عن التقاط، أو استيراد أي من المذاهب، أو الأنظمة الوضعية، التي وضعها بنو البشر؛ لأن الشريعة الإسلامية، هي شريعة الله، وقد أنزلها على نبيه؛ وهو ـ سبحانه وتعالى ـ أعلم بمصالح خلقه، فوضع لهم هذه الشريعة، وهذه التعاليم السماوية، ليسعدهم في دنياهم وفي أخراهم.

        فإنني، يا فخامة الرئيس، باسم المملكة العربية السعودية، شعباً وحكومة، لأقدم لفخامتكم عظيم الإجلال، وعظيم الشكر، على ما لقيناه ونلقاه في هذا البلد الكريم، من تعاون وثيق وإخلاص ـ بحول الله وقوته ـ أرجو أن يدوم على مر السنين والأعوام.

        وإذا كنا، يا فخامة الرئيس، قد أظهرنا شيئاً من التعاون والتآخي، مع هذا البلد الإسلامي، فإن ذلك ما يفرضه علينا واجبنا، وما تفرضه علينا عقيدتنا، ما دمنا مخلصين لهذا الواجب ولهذه العقيدة. وإنني لأرجو الله، مخلصاً، لهذا البلد الكريم، أن يتقدم، وأن يرتقي، بقيادتكم الحكيمة، وإخلاصكم لأمتكم؛ وإن في ذلك لأكبر مثل، يعطى للعالم أجمع، أن في المسلمين من يقود إلى الخير، ويقود إلى السلام.

        وإنني أكرر شكري لفخامتكم، وحكومتكم، وللشعب الباكستاني الشقيق، لما لقيناه من كرم الضيافة، ولمسناه في الروح الإسلامية الحقيقية، التي قابلناها منذ هبطنا أرضكم العزيزة.

وأرجو الله ـ سبحانه وتعالى ـ ‏ أن يديم علينا نعمة الإسلام، والتمسك بأهداف شريعتنا، وأن يوفقنا جميعاً لخدمة أمتنا ووطننا، وخدمة الإسلام، وخدمة البشرية أجمع.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


 


(1) جريدة أم القرى، العدد الرقم 2117، الصادر في 2 محرم 1386هـ، الموافق 22 أبريل 1966م، ص1.