إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



كلمة من الملك خالد إلى المواطنين
بمناسبة عودته إلى أرض الوطن بعد رحلة العلاج
(أم القرى العدد 2674 في 18 جمادى الأولى 1397 الموافق 6 مايو 1977)

بسم الله الرحمن الرحيم

"إخواني وأبنائي شعب المملكة العربية السعودية.
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
          أحمد الله الذي شرف هذا البلد الكريم، فجعله مهبط رسالته، ومقر بيته الحرام، وأنعم عليه بنعم الأمن، والاستقرار، والطمأنينة، وأصلي وأسلم على رسوله الأمين، بعثه للبشرية إلى الحق، والسراج المنير. وبعد:
          لقد اقتضت إرادة الله أن أغيب عنكم مدة طالت، وطال فيها الشوق إليكم، والحنين إلى رؤياكم، وشاء كرمه، سبحانه، أن أعود إليكم موفور الصحة، مكتمل العافية. فله المنة على كل حال، وله الحمد في السراء والضراء، ولقد كنت أشعر طيلة مدة الغياب أن أفكاركم معي، وأن خواطركم تحيط بي، تخفف علي آلام البعد، وتهون شدة المرض، وتربطني وإياكم برباط وثيق من المحبة، تختفي أمامه المسافات، وتتلاشى الحواجز والأبعاد.

          وأشهد الله أنني كنت في كل لحظة من اللحظات معكم بعواطفي وأحاسيسي، أعاني من البعد أكثر مما أعاني من المرض، وأستعجل معكم موعد اللقاء، وعندما من المولى الكريم علي بنعمة العافية، ونعمة العودة إلى الوطن الغالي وجدت عواطفكم سخية كما عهدتها، ومشاعركم فياضة كما عرفتها، ورأيت في الوجوه والعيون دلائل الحب العميق الكبير، الذي كان الأساس المتين لهذه المملكة الفتية منذ أن أرسى دعائمها البطل العظيم موحد الجزيرة، جلالة الملك عبدالعزيز، تغمده الله برحمته ومغفرته.

          لقد رأيت مشاعر الفرحة تغطي هذا الوطن الكريم مدينة مدينة، وقرية قرية، وبيتاً بيتاً، وفرداً فرداً. ووجدت هذه المشاعر ممتزجة بالمحبة النقية، نقاء هذا الشعب الأصيل النبيل، ومقترنة بأواصر التراحم والتضامن، تتجلى فيما عبر عنه عدد من التجار والموسرين من عطف على إخوانكم من الضعفاء.

          لقد شعرت خلال الأيام الماضية أن الحب الذي يجيش به قلبي لكم، يجد صداه في هذا التيار السخي المتدفق من أحاسيس المحبة والولاء والإخلاص. وإنني إزاء ما رأيت، ولمسته منكم لا أملك إلاَّ أن أجدد العهد، وأن أنذر حياتي لخدمتكم، والعمل على رفعتكم، والوصول بكم إلى ما تستحقونه من مجد، مستلهماً في كل قول وفعل مصلحتكم، حريصاً على تحقيق آمالكم وأمانيكم.

          وإنني إذ أتوجه إلى المولى عز وجل بالحمد والشكر أعرب لكم عن صادق الامتنان والتقدير، وأطلب منكم أن تضاعفوا الجهود، وتشمروا عن السواعد، وتخوضوا معركة التنمية مسلحين بالإيمان والأمل والتفاؤل؛ حتى نستطيع أن نقيم في ربوع هذا الوطن الأمين المجتمع الإسلامي السعيد الأمثل، الذي لا يوجد فيه مكان لفقر أو جهل أو تخلف".