إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



كلمة الملك سعود إلى الصحفيين السعوديين
(أم القرى العدد 1879 في 15 صفر 1381 الموافق 28 يوليه 1961)

          هذا هو نص الحديث الذي تفضل حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم فوجهه إلى الصحفيين السعوديين عندما تشرفوا بمقابلة جلالته.

          وجه جلالته إليهم الحديث قائلاً ـ "الآن أحب أن أتحدث معكم في مصالح البلاد، وتعرفون أنكم أنتم منظار الأمة، والاتجاه الذي يجب أن نتجه جميعاً إليه، والصحافة لا شك أنها إما رسول خير أو رسول غير ذلك، وهذا شأن الصحافة في سائر العالم، والذي نأمله منكم أن تكونوا رسل خير، والصحافة أعطيناها حريتها، ولم نزل نعطيها حريتها، إنما يجب علينا أن أخبركم شفهياً باتجاهاتنا، والنصائح التي نقدمها لكم وهي أن نتعاون جميعاً في اتجاه واحد، وأن نوجه الجمهور التوجيه الحسن، وعلينا ألا نقول غير الحق حتى نحترم في الداخل والخارج؛ لأن الصحافة إذا سلكت مسلك الخير فإن الجميع يعاضدها في الداخل وفي الخارج، والذي أوجهكم إليه، وأوصيكم به، وأرجوكم العمل به.

أولاً:

إن اتجاهنا جميعاً اتجاه ديني، وكلنا نزعة إسلامية؛ لأننا خدام للحرمين وهما منبع الدعوة الإسلامية، وأنتم آباؤكم وأجدادكم هم الذين جاهدوا، وحاربوا لنشر الدعوة الإسلامية حتى توصلوا إلى ما توصلوا إليه، فعلى الصحافة أن توجه همتها للدعوة إلى الإسلام ومبادئه؛ لأنها عزنا وسؤددنا، وبالإسلام ومن الإسلام، ولا عز لنا ولا سؤدد إلاَّ باتباع هذه المبادئ.

ثانياً:

إن الأشياء التي لا فائدة منها للجميع، ولا تحفظ للصحافة هيبتها ومكانتها، يجب أن تبتعدوا عنها؛ لأنه لا فائدة منها، ولذلك لا أحب أن تسترسل بعض الصحف فيما استرسلت به، مما أطلعت عليه في بعض الصحف، وعلى الأخص المنطقة الشرقية وفي الحجاز والرياض أيضاً من مقالات نشرت توجد الشك في كاتبيها، وفيما كتبوه بخروجهم عن الاتجاه الصحيح الإسلامي والعربي، وهذا لا نرضاه ولا نوافق عليه، وأحب أن أكون صريحاً معكم؛ لأن الصراحة هي رأس كل شيء، ويُؤسفني أن بعض أولئك الكتاب يروجون آراءهم من جهات أجنبية؛ لإدخال الشك والآراء الفاسدة على أبناء الشعب لصالح البلاد التي تنشأ فيها ولا تراعى مصالح البلاد الأخرى. فعلى صحافتنا أن تعمل لمصلحة هذه البلاد، وليس لصالح البلاد الأخرى. نحن لا نريد أن نتخذ إجراءات لجعل الصحافة تسير في الاتجاه الصحيح، وإنما نريد من الصحافة والصحفيين أن يسلكوا الطريق القويم الذي يخدم الوطن والبلاد، فإذا سلكوا هذا الطريق من أنفسهم ساعدونا، ولم يحملونا على أن نتخذ أية إجراءات تحمي المصلحة العامة. الصحافة حرة في دائرة العقل والحكمة، وأنا لا أمنع الصحافة من النقد، وإنما أطلب منها أن يكون نقدها للمصلحة العامة، بعيداً عن الأهواء والأغراض والتوجيهات المغرضة، والنقد النزيه من هذا النوع هو الذي نطلبه، وهو لخير الوطن. وكذلك الانتقادات المبنية على الميول التي تخالف مبادئ الإسلام لا نرضى بها، وأحب أن أنبهكم أيضاً بوجوب احترام رؤساء الدول الأجنبية، ولا يجوز التعرض لأشخاصهم؛ لأن لهم حرمتهم ومكانتهم، لقد سعينا كثيراً لأن تسير الصحافة في الوجهة الصحيحة، ولكن نأسف أنه لا يزال البعض يسيء استعمال حرية الصحافة؛ ولأجل ذلك وضعت ترتيباً فعينت عبدالله بلخير مشرفاً على شؤون الإذاعة والصحافة والنشر؛ ليقوم بالعمل الذي أمرته به، والخطة التي رسمتها له، وفوق هذا مستعدون لكل ما يساعدكم لرفع شأن الصحافة؛ لتكون الصحافة محترمة من جميع الجهات في الداخل وفي الخارج، أما إذا تخطى أحد ما رسمنا في هذا السبيل من نصائح، أو تجاهل هذه النصائح ما علينا في هذه الحالة إلاَّ أن نوقفه عند حده، وأقول لكم هذا بصراحة لتكونوا على بينة منه، الصحافة يجب أن تحترم نفسها قبل كل شيء، وأن توجه الجمهور التوجيه الحسن.

          الصحافة لم تنشأ إلاَّ للتوجيه الصحيح، وإذا تخطت التوجيه الحسن فما الفائدة منها؟ وحين ذاك يتوجب على الحكومة أن تتخذ من الأسباب ما يمنع ضررها عن الجمهور، نحن نعتقد أنكم أولادنا، وأنكم ستسيرون على ما فيه خير البلاد وأمتكم، أما من جهتنا فنحن على أتم استعداد للتعاون معكم في جميع الأمور كلها، ما دمتم سائرين على الخطة المعقولة.

          وأجاب جلالة الملك المعظم على سؤال وجهه إلى جلالته رئيس التحرير المسؤول لجريدة البلاد الأستاذ محمد حسين زيدان عن موضوع الكويت. فقال جلالته: نحن آسفون لما أثاره اللواء عبد الكريم قاسم في الوقت الذي تحتاج فيه الأمة العربية إلى التعاون والتماسك؛ لمواجهة مشاكلها، وما يحيكه لها الاستعمار، وكما تعلمون لقد أبرقت له بهذا الخصوص، ورجوته أن يجنب الأمة العربية الانشقاق، وأن يحكم عقله، وينظر في الأمور بعين الاهتمام لخير العرب، وأن يتجنب ما يفرق صفوفهم، وذلك بفتح ثغرة بينهم، يجد فيها المغرضون فرصة طيبة لنيل أغراضهم، ولكن للأسف لم يصلني الجواب، أما مناصرتي للكويت فهي واجبة علي؛ لأنه أولاً بلد عربي شقيق نال حريته واستقلاله، فواجب علي أن أساعده، ولكن العلاقات بيننا وبين الكويت ليست علاقات جوار فحسب، ولكنها علاقات أخوة وصداقة وعهود ومواثيق من زمان الإمام عبدالرحمن، ثم جلالة والدي الملك عبدالعزيز عليهما رحمة الله، ثم تأيد ذلك بتعهد من قبلي، ولذلك ربطت مصيري بمصير الكويت في هذه الأزمة؛ لأن هذا يقضيه الواجب والعهد، ولا بد أنكم سمعتم تصريحات اللواء عبدالكريم قاسم البارحة يشير إلى من سماه الأمير السعودي اقتطع قسماً من أراضي الكويت، ودعواه في ذلك أن الكويت تابعة للدولة العثمانية، فإذا كان اللواء عبدالكريم قاسم يريد أن يضع نفسه موضع الوارث للدولة العثمانية، فإن سلطانه ينبغي أن يمتد من أواسط أوروبا إلى مشارق آسيا وأفريقيا، وكل ما نتمناه أن يحفظ الله البلاد العربية وأن يقيها من شرور أنفسنا، وأن يحفظ البلد الشقيق الكويت من طمع الطامعين.