إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



خطاب الملك سعود إلى جموع المسلمين بعرفات
(أم القرى العدد 1920 في 12 ذو الحجة 1381 الموافق 25 مايو 1962)

          إخواني المسلمين الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه، وآله وصحبه، ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين

          إخواني المسلمين الواقفين في عرفات في هذا الصعيد المبارك، أحييكم تحية الإسلام، وأحمده على أن حبانا بنعمة الإسلام، وأن وفقنا إلى شهود هذا اليوم العظيم، حيث تجتمع وفودكم الكريمة التي قدمت من كل فج عميق، ملبية دعوة الخليل إبراهيم عليه السلام عندما أذن في الناس بالحج بأمر ربه، الحمد لله حمداً كثيراً على نعمائه التي لا تعد ولا تحصى، وآلائه الجمة التي لا تنسى.

          إخواني كم يهز نفسي ويملؤها فرحاً وغبطة أن نقف جميعاً على هذا الصعيد الطاهر صفوفاً متماسكة متراصة، يجمعها الإخاء والمحبة والشعور الإسلامي، مشتركين هاتفين بالتلبية، خاشعين منيبين إلى الله العلي القدير، وإني لأسأله تعالى أن يتقبل منا ومنكم صلاتنا وحجنا، وعبادتنا وطاعتنا في هذا اليوم العظيم، وأن يجعل ذلك كله خالصاً لوجهه الكريم، وإني أوصي نفسي وأوصيكم، وإخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، بالتقوى الإخلاص في العبادة والعمل، وليكن عملنا اليوم وكل يوم خيراً، وقولنا اليوم وفي كل يوم صدقاً، وليكن همنا أن نعمل ما نعمل، وأن نقول ما نقول؛ لرفع شأن ديننا، وبناء مجد بلادنا، فإن في ذلك العزة لله ورسوله والمؤمنين.

          أيها الأخوة المسلمون إن اجتماعنا اليوم في عرفات في الجموع الكبيرة المتوافدة من شتى أرجاء المعمورة في ملابس الإحرام، متجردين من كل مظهر، واقفين سواسية بين يدي العزيز الجبار، رافعين بالتلبية والدعاء أصواتنا، إن هذا الاجتماع الإسلامي الجليل النبيل، إنما هو إحدى حسنات ديننا العظيم، إنه مظهر قوة الإسلام، ووحدة صفوف المسلمين وقلوبهم على الخير والهدى.

          إخواني المسلمين في هذا المشعر الحرام، في هذا اليوم العظيم نتجه إلى الله العلي القدير بقلوبنا وأسماعنا وأبصارنا، مبتهلين إلى الله سبحانه أن يسبغ فضله وعنايته على إخواننا عرب فلسطين، وأن ينصر العرب والمسلمين بعودتهم إلى ديارهم منتصرين على عدوهم وعدونا الذي أخرجهم من ديارهم، وسلب ممتلكاتهم، ونبتهل إلى الله أن يتم فضله وإحسانه على إخواننا المناضلين الأحرار في الجزائر العربية المسلمة؛ لتنال الجزائر استقلالها وكرامتها كاملة، ينعم شعبها الأبي بالحرية في أرضه، التي افتدى استقلالها بدماء فلذات أكباده طيلة سنوات من الكفاح المجيد، وندعو الله أن ينصر العرب والمسلمين في كل قطر عربي مسلم.

          أيها الأخوة المسلمون، في ختام خطابي هذا أرجو لكم حجاً مبروراً، وسعياً مشكوراً، وذنباً مغفوراً، وأن يكتب الله لكم السلامة في الحل والترحال. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.