إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



( تابع ) كلمة الملك فهد بن عبد العزيز إلى النواب اللبنانيين في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الطائف
المصدر: د. عبد العزيز حسين الصويغ، "الإسلام في السياسة الخارجية السعودية"، الرياض، ط1، 1992، ص 260 - 262.

         إن لبنان لم يعد يتحمل المزيد من النزاعات المدمرة، ولا المزيد من الخلافات العقيمة.

         إن وطنكم أيها الأخوة أمانة في أعناقكم، وأن مستقبله لن يصنعه غيركم. لذا فإن من واجبكم ومن حق وطنكم عليكم أن تفتحوا صفحة للتعاون والثقة والوئام وباب للحوار والتفاهم والوفاق وأن تجعلوا من هذا الوفاق منطلقاً لحواركم. لأنكم وحدكم القادرون على جعله قاعدة لبناء وحدتكم وسيادتكم واستقلالكم، وطريقاً لتأمين استقراركم وأمنكم ورخائكم.. فأنتم تعلمون أن الحل الوحيد للازمة هو نابع من صميم الشرعية والإرادة اللبنانية. فكل خطوة للحل. وكل صيغة للتقارب. وكل وثيقة للوفاق. إما أن تكون جزءا من الضمير اللبناني الوطني وجزءاً من الضمير اللبناني الوطني وجزاءا من قناعة كل لبناني أو لا تكون.  

         إن وثيقة الوفاق الوطني، التي وضعتها اللجنة أمامكم هي من الطروحات القابلة للتفكير والتدبير بعيداً عن أجواء العنف والتقتيل والتدمير فإذا أرتايتم أن تبدلوا أو تعدلوا في القواعد والإجراءات في جو من السلام والوئام فإن أفضل النتائج وأبعدها أثرا وتأثيراً هو ما يأتي بالإتفاق والوفاق ومن شأن ذلك أن يقطع الطريق على الذين لا يريدون عودة السلام إلى لبنان والذين لن تكون لديهم القدرة ولا الشرعية للتصدي لما تتفقون عليه.

         إن الأمر الآن بين أيديكم، ولم يبق إلا أن تحزموا أمركم وتقرروا أن تتولوا بأنفسكم شئون قضيتكم وتثبتوا للعالم أجمع أنكم القادرون على تحقيق السلام وبناء مستقبل وطنكم والسير في ركب الحضارة من جديد.

         أيها الأخوة الكرام

         لقد طال ليل المأساة اللبننانية. طال حتى أصبحت كل النزاعات والخلافات مهما كبرت وعظمت لا تساوي دمعة عين طفل فقد أمه. أو صرخة من فم ثكلى فقدت ولدها، أو آهة تصدر من أسرة فقدت مأواها أو معيلها.. وبالتالي فإن انتهاء هذه المأساة هو الهدف الذي يجب أن يتقدم على كل الأهداف أحداث كثيرة وقعت بين اليوم الذي انفجر فيه الوضع واليوم الذي نحن فيه.. اختلفت ظروف، وتبدلت أحوال. وتغيرت مواقع.. ولكن الجوهر والأساس ظل هو قضية الإنسان وقضية الحياة وقضية الدور الذي يجب أن يعود إليه لبنان في شتى المحافل العربية والدولية.

         إن الفجر اللبناني أن لا ريب فيه. طال الزمان أم قصر. والشعب اللبناني الذي ضحى كثيراً. وقاسى كثيراً. قادر - بإذن الله وعونه - على جعل وطنه مرة أمرى نموذجا للحياة الحرة الكريمة الأصيلة.. لذا فإن المطلوب هو أن يعطي لبنان فرصة التنفس وفرصة العمل على إحياء مؤسساته الشرعية. ونبذ الخلاف بين لبنانه. وإعادة الوئام والصفاء بينهم. ومد جسور الثقة والتعاون والتآخي في صفوفهم ليستعيد لبنان مكانته. ويستأنف دوره. وليعود المواطن اللبناني كما عرفه العالم منذ سنين طويلة ينشر الرقي في كل مكان.. ينقل الثقافة والمعرفة ويتدفق عطاء وإبداعاً في شتى المجالات.

<3>