إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



( تابع ) خطاب الملك حسين إلى الشعب حول مشروع إقامة المملكة العربية المتحدة
المصدر: " الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1972، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 8، ط 1، ص 115 - 119 "

صيرورة الشعب الفلسطيني بالتالي، إلى وضع يصبح فيه، من جديد، فريسة وحيدة سهلة أمام اسرائيل واطماعها غير المحدودة. من هنا يحاول ذلك التحرك ان يظهر الحكم الأردني بمظهر الطامع بالمغانم، والمتطلع الى المكاسب. فهو لذلك يأخذ طريقه الى الوحدة الوطنية، محاولا اضعافها والتشكيك فيها. وهو، ايضاً، يحاول استغلال توق البعض إلى الغنائم وابتلاعها، حتى يدفع بأولئك البعض لأداء أدوارهم في الوصول الى الهدف الاخير.

         لقد كانت النتيجة المحتومة الاولى لكل الاوضاع المتفشية في العالم العربي، من تفكك في الصف، وبعثرة في الجهد، وانعدام في التنسيق، وتصارع على إقامة المحاور والمعسكرات، وتخل عن جوهر القضية ومستلزماتها، واكتفاء بالحديث عنها مرة، والمزايدة باسمها مرات، وانصراف عن العمل الجدي من أجل التحرير، الى العمل الجدي من أجل التسلط والوصول إلى السلطة، قد كانت النتيجة المحتومة الاولى لاستمرار هذه الاوضاع وسواها، استمرار الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية من الاردن وأراض عربية عزيزة أخرى. وكانت نتيجتها المحتومة الثانية تعميق معاناة الانسان الفلسطيني أكثر وأكثر، ودفعه نحو المزيد المزيد من حالة التخبط والحيرة والضياع، التي تكاد تغشى الانسان العربي في كل مكان. وما حديث الانتخابات البلدية في الضفة الغربية إلا ظاهرة من ظواهر تلك المعاناة، مثلما هو وسيلة من وسائل استغلالها والافادة منها.

         ومع ذلك، فان الاردن بالذات لم يوقف، يوماً، عن الدعوة لوحدة الصف، وحشد الجهود وتنسيقها، ولا تردد في مد يده صادقة وقادرة إلى كل الاخوة والاشقاء. ايماناً منه بوحدة القضية ووحدة المصير.

         ولم يأل جهداً في العمل لهدف التحرير، وان كان الواقع العربي إياه، قد أعاقه وعرقل خطاه. وظل التفكير في مستقبل الدولة منطلقاً في مساره، لأن كل المواقف والاحداث قد عجزت عن زعزعة إيماننا بحتمية انتصار الحق في النهاية، وزوال المحنة عن الارض الغالية والاهل الاحباء. ولئن كان ذلك الايمان في أساسه يستند الى الايمان بالحق ذاته، وحتمية انتصاره، فهو قد كان يستمد القه ومضاءه من الايمان بالبلد والشعب على ضفتي النهر، وبالأمة وأبنائها في الوطن الكبير.

         من هنا، انعقد العزم عل الانتقال بالبلد إلى مرحلة جديدة ترتكز، في اساسها، على التحرير، وتتجاوب، في مضمونها، مع أماني الانسان في بلدنا وتطلعاته، وتجسد ايمانه بوحدة أمته وانتمائه اليها وهي، إلى جانب ذلك كله، تقوم على التمسك المطلق بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وتستهدف الوصول به الى المركز الذي يمكنه من استرداد تلك الحقوق والحفاظ عليها.

         ذلك كان عهدنا الذي قطعناه باعطاء الشعب حقه في تقرير مصيره. وهو جوابنا على كل من اختار التشكيك في ذلك العهد وتفريغه من محتواه. ان ذلك العهد يأخذ. اليوم طريقه الى مسمع كل مواطن، في هذا البلد، وكل فرد في هذه الامة، وكل انسان في هذا العالم وهو يتسع اليوم في حجمه ويجاوز حدود كلماته، بحيث يواجه كل احتمالات التشعث والبعثرة، ويجسد الاهداف الوطنية والقومية، ويطرحها بجلاء ووضوح.

         ونود هنا أن نعلن أن التخطيط للمرحلة الجديدة قد جاء نتيجة مباركة لسلسلة طويلة من الابحاث المتصلة والمشاورات المتسمرة، عقدناه مع ممثلي الشعب ورجالاته في الضفتين، وقادة الرأي ورجال الفكر فيها. ولقد أجمع الجميع على ان الصيغة الرئيسية لتلك المرحلة قد جاءت مشتملة على احدث المفاهيم في الدولة العصرية، وأبهى النماذج للديمقراطية الهادفة. وأكثر من ذلك، فهي تجيء لتساعد على صنع المجتمع الجديد الذي يبنيه الانسان الجديد، ليكون القوة الجديدة التي تدفع بنا على طريق النصر، والتقدم، والوحدة، والحرية، والحياة الافضل.

         ويسرنا ان نعلن ان المرتكزات الاساسية للصيغة المقترحة، للمرحلة الجديدة، هي:
          1 - تصبح المملكة الاردنية الهاشمية " مملكة عربية متحدة "، وتسمى بهذا الاسم.

          2 - تتكون المملكة العربية المتحدة من قطرين:
                     أ - قطر فلسطين: ويتكون من الضفة الغربية وأية أراض فلسطينية أخرى يتم تحريرها، ويرغب أهلها في الانضمام اليها.
                     ب - قطر الاردن: ويتكون من الضفة الشرقية.

          3 - تكون عمان العاصمة المركزية للمملكة، وفي الوقت نفسه تكون عاصمة لقطر الاردن.

          4 - تكون القدس عاصمة لقطر فلسطين.

          5 - رئيس الدولة هو الملك. ويتولى السلطة التنفيذية المركزية، ومعه مجلس وزراء مركزي. اما السلطة التشريعية المركزية فتناط بالملك، وبمجلس يعرف باسم " مجلس الامة ". ويجري انتخاب أعضاء هذا المجلس بطريق الاقتراع السري المباشر، و بعدد متساو من الاعضاء لكل من القطرين.

          6 - تكون السلطة القضائية المركزية منوطة " بمحكمة عليا مركزية ".

          7 - للمملكة " قوات مسلحة " واحدة، قائدها الاعلى الملك.

          8 - تنحصر مسؤوليات السلطة التنفيذية المركزية في الشؤون ذات العلاقة بالمملكة كشخصية دولية واحدة، وبما يكفل سلامة المملكة، واستقرارها، وازدهارها.

<3>