إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



خطاب الرئيس جمال عبدالناصر، رئيس الجمهورية العربية المتحدة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة

          هكذا فان الذي تسمعونه ونسمعه معكم هو صوت التاريخ ذاته يباشر حركته ويضع تفاصيل أحداثه ويصحح الأخطاء التي وقعت خلافا لمنطق الاشياء ومجافاة للطبيعة وللحقيقة الخالدة.

          هذه هي ثورات أمتنا الثلاث، وأنها لجميعها في حقيقة أمرها ثورة واحدة تنزع إلى الحرية بكل صوره من صورها السياسية والاجتماعية والقومية، وتعتبر الوصول إليها هدفاً تهون في سبيله جميع التضحيات.

          سيادة الرئيس

          لقد حان الوقت لكي أغادر هذه المنصة تاركاً الفرصة لغيري من الزملاء الأصدقاء كي يسهموا في مناقشة المشاكل التي تواجهنا الآن بغية الوصول إلى حلول لها. وإذا جاز لي أن أتقدم أمامكم الآن بحلول لما يواجهنا من مشاكل فأنني أجد خير ما يمكن أن أقدمه لكم هو صورة من تفكيرنا عندما كنا تسعاً وعشرين دولة آسيوية ـ أفريقية اجتمعت في باندونج وناقشت مشاكل العالم وقتها، ومع الأسف إنها نفس المشاكل التي مازالت تواجهنا اليوم بعد خمس سنوات على بعض الاختلاف في التفاصيل.

          في القواعد الأساسية العامة التي ينبغي أن تحكم تطور مجتمعنا السلمي أعلن هذا المؤتمر، مؤتمر باندونج دعامتين أولهما التأييد الكامل للمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، كما تضمنها ميثاق الأمم المتحدة وإعلان حقوق الإنسان وأولها حق تقرير المصير.

          وثانيتهما، المساواة الكاملة بين الأجناس والأديان باعتبار أن التمييز العنصري إنكار للقيم الأساسية للحضارة والكرامة الإنسانية، بالنسبة لمشاكل الاستعمار، أعلن مؤتمر باندونج أربع خطوات لابد من اتخاذها، أعلن أن الاستعمار في جميع مظاهره شر يجب وضع نهاية عاجلة له، أعلن أن خضوع الشعوب للاستعباد والسيطرة والاستغلال الأجنبي إنكار لحقوق الإنسان الأساسية ومُنَاقض لميثاق الأمم المتحدة ومعرقل لتنمية السلم الدولي والتعاون العالمي، أعلن ضرورة التأييد الكامل لقضايا الحرية والاستقلال لجميع تلك الشعوب، أعلن ضرورة دعوة الدول المعنية إلى وجوب منح الحرية والاستقلال لهذه الشعوب.

          بالنسبة للسلام العالمي ودعمه، أعلن مؤتمر باندونج أساسين بارزين للوصول إلى السلام، فتح باب الأمم المتحدة أمام جميع الدول، ثم ضرورة نزع السلاح وتحريم إنتاج الأسلحة الذرية والهيدروجينية وتجربتها.

          وبالنسبة لتوطيد السلام ودعم التعاون العالمي، وضع المؤتمر هذه الأسس الثلاثة.

          إن موضوع السلام هو موضوع الأمن الدولي وافضل الطرق لمواجهته أن يتم ذلك خلال الأمم المتحدة.

          إن الحاجة ماسة، خصوصا في آسيا وأفريقيا، إلى التقدم الاجتماعي والى مستويات أعلى للحياة. وإن الطاقة الذرية وتوجيهها إلى الأغراض السلمية يمكن أن يواجه مشاكل التنمية في الدول المتطلعة إليها.

          إن استقرار السلام أو التحرر من الشك والخوف يفرض على الأمم أن تمارس التسامح وأن تعيش معا في سلام. ولرسم حدود هذا التعايش السلمي وضع المؤتمر صورة للقواعد الأخلاقية التي يمكن أن تربط العلاقات بين الدول.

<16>