إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب استقالة الرئيس جمال عبد الناصر، رئيس الجمهورية العربية المتحدة

          ولقد تحركت قواتنا المسلحة إلى حدودنا بكفاءة شهد بها العدو قبل الصديق. وتداعت من إثر ذلك خطوات عديدة منها انسحاب قوات الطوارئ الدولية، ثم عودة قواتنا إلى موقع شرم الشيخ المتحكم في مضايق تيران والتي كان العدو الإسرائيلي يستعملها كأثر من آثار العدوان الثلاثي الذي وقع علينا سنة 1956.

          ولقد كان مرور علم العدو أمام قواتنا أمراً لا يحتمل، فضلاً عن دواع أخرى تتصل بأعز أماني الأمة العربية.

          ولقد كانت الحسابات الدقيقة لقوة العدو تظهر أمامنا أن قواتنا المسلحة بما بلغته من مستوى في المعدات وفي التدريب قادرة على رده وعلى ردعه، وكنا ندرك أن احتمال الصراع بالقوة المسلحة قائم، وقبلنا بالمخاطرة.

          وكانت أمامنا عوامل عديدة وطنية وعربية ودولية، بينها رسالة من الرئيس الأمريكي ليندون جونسون سلمت إلى سفيرنا في واشنطن يوم 26 مايو تطلب إلينا ضبط النفس وأن لا نكون البادئين بإطلاق النار، وإلا فإننا سوف نواجه نتائج خطيرة.

          وفي نفس الليلة فإن السفير السوفيتي طلب مقابلتي بصفة عاجلة في الساعة الثالثة والنصف من بعد منتصف الليل، وأبلغني بطلب ملح من الحكومة السوفيتية أن لا نكون البادئين بإطلاق النار.

          وفي صباح الاثنين الماضي، الخامس من يونيه، جاءت ضربة العدو. وإذا كنا نقول الآن بأنها جاءت بأكثر مما توقعناه، فلابد أن نقول في نفس الوقت وبثقة أكيدة أنها جاءت بأكبر مما يملكه، مما أوضح منذ اللحظة الأولى أن هناك قوى أخرى وراء العدو جاءت لتصفي حساباتها مع حركة القومية العربية.

          ولقد كانت هناك مفاجآت تلفت النظر:

أولها: أن العدو الذي كنا نتوقعه من الشرق ومن الشمال جاء من الغرب، الأمر الذي يقطع بأن هناك تسهيلات تفوق مقدرته وتتعدى المدى المحسوب لقوته قد أعطيت له.

وثانياً: فإن العدو غطى في وقت واحد جميع المطارات العسكرية والمدنية في الجمهورية العربية المتحدة. ومعنى ذلك أنه كان يعتمد على قوة أخرى غير قوته العادية لحماية أجوائه من أي رد فعل من جانبنا، كما أنه كان يترك بقية الجبهات العربية لمعاونات أخرى استطاع أن يحصل عليها.

<2>