(تابع) خطاب الرئيس جمال عبدالناصر، بمناسبة استقباله لأعضاء المؤتمر الثاني لاتحاد الصحفيين العرب

         إن مصر يجب أن تهتم بشئونها ولا يكون لها دخل في السياسات العربية أو في الأمور العربية- معنى هذا أننا سنسقط جميعاً تحت قبضة الاستعمار الجديد الذي يريد أن ينفرد بنا دولة دولة، ويسيطر علينا ويجعلنا داخل مناطق النفوذ- فيه ناس طبعاً بتقول إن عبدالناصر ومصر مسئولة عما حصل في 5 يونيه- ونحن لا ننكر مسئوليتنا ولكنا قمنا بالواجب- قمنا بالواجب الذي تحتمه علينا عروبتنا- والذي تحتمه علينا قوميتنا- إحنا ماكناش عرضة للتهديد- قبل 5 يونيه- يوم 14 مايو كان التهديد موجه إلى سوريا ووقف أشكول وقال إن إحنا سنتجه إلى دمشق، ووقف رابين وقال إن إحنا سنتجه إلى دمشق، إذا لم يتوقف الفدائيون- كنا ممكن نسكت ونسيب سوريا الشقيقة تواجه إسرائيل، ولكن هذا يتنافى مع مبادئنا ويتنافى مع عقيدتنا على أساس أن المصير العربي مصير واحد، وعلى أساس إن إذا بدأ العدوان بسوريا ولابد له بعد هذا أن يتجه إلينا ويتجه إلى بلد عربي آخر. إذن إحنا قمنا بالواجب وإحنا قمنا بما تمليه علينا عقيدتنا- مش عيب إن إحنا خسرنا معركة ولكن قمنا بواجبنا، كان العيب إن إحنا نتقاعس وإن إحنا نسكت وإن إحنا نسد ودانا ونغمض عينينا عن أي تهديد لأي بلد عربي آخر- النهاردة بعد 7 شهور من النكسة وسبع أشهر من الهزيمة نشعر بأمل كبير في المستقبل، ليه؟ لأن الشعب لازال متمسك بالمبادئ.

         لم تتمكن الضربة العسكرية ولم تتمكن الحرب النفسية من تفتيت إيمان الشعب- فالشعب يؤمن بالنصر والشعب يؤمن بالبناء الاقتصادي، الشعب يؤمن بالبناء العسكري، الشعب يؤمن بأن أي جهد منه يساعد في تحويل الهزيمة إلى نصر. وأنا من بلاد عربية كثيرة وصلتني تبرعات بـ5 دولارات و10 دولارات- ده ليه معنى كبير جدا- الشخص اللي بيكتب جواب ويحط فيه 5 دولارات ويبعثه ويقول إن هذا للمجهود الحربي- معناه إنه راجل مؤمن ومعناه إنه هوه بيعتقد إنه بيشارك بما يستطيع في سبيل المعركة القادمة وفي سبيل النصر النهائي- صمودنا الاقتصادي- بناءنا العسكري- بناءنا السياسي- وثقة الشعب بالنصر، الشعب اللي مؤمن بالمبادئ، واللي فرق بين المبادئ والأخطاء والانحرافات واللي عنده من الوعي الشيء الكبير اللي خلاه يفتكر في أحلك الأيام إن الدول كلها ممكن أن تتعرض للهزيمة كما يمكن لها أن تحوز على النصر- المهم ونحن نستعد لمواجهة المستقبل أن نراجع أنفسنا- نراجع أنفسنا حتى نستطيع أن ننتصر في المستقبل وحتى نستطيع أن نعوض الهزيمة التي حلت بنا- إحنا هنا في مصر نراجع أنفسنا مراجعة كاملة في جميع النواحي، النواحي السياسية والنواحي العسكرية والنواحي الاقتصادية، ونحن نراجع أنفسنا نفتح هذه المراجعة للشعب ليشارك، حتى يعرف كل شئ وحتى يعلم أننا ننقي هذه الثورة من كل الشوائب التي ظهرت. والدليل على ذلك محكمة الثورة.

         محكمة الثورة علنية لحكمة، كان من الممكن أن تكون محكمة الثورة سرية في جميع جلساتها- ولكنا أردنا أن تكون المحكمة علنية لأننا نعتبر أنها عملية سياسية يجب أن يعلم الشعب النواحي السياسية، ويجب أن يعلم الشعب أن هناك انحرافات علينا أن نقومها، ويجب أن يعلم الشعب أن هناك أخطاء لابد من تصحيحها- كان من الممكن أن نجعلها سرية، ولكنا جعلناها على أوسع قدر من العلنية. محكمة الثورة هي

<3>