(تابع) خطاب الرئيس جمال عبدالناصر في افتتاح المؤتمر القومي الأول للاتحاد الاشتراكي العربي

         إن أية دعوة تقول بأن الظروف الاستثنائية التي يمر بها الوطن الآن تضع أمام المؤتمر موضوعات محظورة وأخرى مباحة، هي دعوة مرفوضة من الأساس ومن البداية.

         إن المؤتمر يملك من أسباب الحرص على أمن الوطن وسلامة خط نضاله مثل ما تملك أجهزة الحكم الأخرى، بل إنه بحكم توليه الأمانة الشعبية الأولى والكبرى يتحمل من المسئولية أكبر من أية أجهزة غيره، وبالتالي فإن حقه لا ينبغي أن ينازع تحت أية دعاوى أو تقولات.

         والمؤتمر ولجانه والتنظيمات المنبثقة عنه تستطيع أن تزن الأمور وأن تقدر وأمامها الخيار في كل ما يوضع أمامها من الحقائق لها أن تذيعه خارج المؤتمر ولها أن تحتفظ به إذا وجدت من دواعي الحرص ما يقتضي ذلك داخل حدود المؤتمر أو لجانه أو تنظيماته.

         ولقد قلت للزملاء الذين يتحملون معي أعباء المسئولية إنه من الضروري أن تكون التجربة الجديدة في بناء الاتحاد الاشتراكي ناجحة، وأن نجاحها يجب ألا تعترضه أية عوائق مهما كان مصدرها.

         إن تكوين المؤتمر ليس ملهاة سياسية، وعمله ليس مجرد تنفيس لأي بخار محبوس، كما أن دوره ليس مجرد شكل مهيب.

         ولو كنا نريد شيئاً من ذلك، ولا أظننا نريد شيئاً من ذلك، لكانت هناك طرق أخرى لبلوغ ذلك، والوصول إليه.

         إننا في مرحلة لا تحتمل إلا ما هو جد ولا تحتمل إلا ما هو حقيقي ولا تحتمل إلا ما هو أصيل ولا تحتمل إلا ما هو أمين ولا تحتمل إلا ما هو صادق. وأول ما يكون الجد والحق والأصالة والأمانة والصدق مع النفس.

         إن هذا الجيل من شعب مصر لم يعبث، وإذا كانت العثرات قد اعترضت طريقه على مسار كفاحه، فلقد أثبت دائماً بجد وبحق وأصالة وأمانة وصدق إنه الأقدر على المسئولية والأجدر بتحمل تبعات الكفاح.

         إن هزيمة على الطريق لا ينبغي لها أن تضعف من ثقتنا بأنفسنا، وبما استطعنا تحقيقه على مسار نضالنا الحافل.

         إن هذا الجيل هو الذي تحمل مسئولية ثورة 23 يوليه وانتصر.

         هذا الجيل هو الذي تحمل مسئولية إجلاء الاحتلال البريطاني وانتصر.

<2>