إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



( تابع ) كلمة الرئيس عبدالناصر في افتتاح الدورة الخامسة للمجلس الوطني الفلسطيني

          وإنما هناك طرق متعددة نحو هذه الأهداف. واستعدادنا لاستعادة أراضينا الضائعة بالقوة لا يمكن أن يعطل عملنا السياسي لاستعادة ما ضاع منا إذا كانت للعمل السياسي وسيلة أو فرصة. إن الاستعداد بإمكانيات القتال لا ينبغي أن يعطل استعدادنا بإمكانيات السياسة.

          ولكن الخطر أن نجعل الاستعداد للسياسية يعطل الاستعداد للقتال. ذلك أنه في نهاية المطاف تبقى حقيقة واحدة على ساحة الشرق الأوسط، حقيقة لا شريك لها ولا بديل لها لا شبهة عليها ولا ظل يلحق بها. هذه الحقيقة هي ضرورة استعادة أرضنا وتطهيرها إلى آخر شبر منها تطهيراً كاملاً ونهائياً.

          وأريدكم أن تعرفوا أن تحضير أرض المسرح سياسياً لا يقل أهمية عن تحضير أرض المسرح عسكرياً.

          وفي ذلك فإن علينا أن نتسلح بوعي عميق مرن، ولكن بغير تفريط. متحرك ولكن بغير الاستسلام. قادر على كسب الأصدقاء على كل أرض بغير تضحية بالمبدأ. ساع إلى السلام مع إدراك قاطع بأن السلام ليس سلام العدو الذي يريد فرضه، ولكن السلام سلام العدل وسلام الحق لأنه بالعدل وبالحق يصبح سلام الحقيقة.

          إننا خسرنا معركة في يونيه 1967 ولكن العدو لم يكسب الحرب في يونيه 1967، لأنه عجز عن أنه يفرض أوضاعاً سياسية تتناسب في تقديره مع انتصاره العسكري. ولقد كان السبب الأساسي في ذلك أن انتصاره العسكري كان منافياً للطبيعة ومنافياً للمنطق ومنافياً لأي حساب من حسابات القوى. ولست أريد أن أستفيض في شرح أسباب انتصار العدو العسكري وهزيمتنا نحن عسكرياً في يونيه 1967- تلك مسائل تكلمت فيها في غير هذا المجال، وسوف يتولى التاريخ فيما بعد تحليلها وتقييمها بدقة لا تخطئ ونزاهة لا تتهم. لكن المهم أن العدو لم يستطع لأن أمتنا وحق أمتنا وصلابة امتنا وإمكانيات أمتنا طبيعياً وسياسياً ومعنوياً واقتصادياً كانت أكبر بكثير من كل ما لديه، وبالتالي فإنه استطاع أن يكسب معركة، ولكنه عجز عن أن يكسب حرباً وعلينا نحن أن نعيد توجيه إمكانياتنا وأن نعيد حشدها لتصحيح ما وقع ولتجاوزه.

أيها الأخوة من رفاق النضال والمصير المشترك

          يبقى موضوع أعرف أنه يدور في خواطركم ويلح على أفكاركم، فإنني أريد أن أطمئنكم إلى أن الجمهورية العربية المتحدة تعمل وتبني وتقوى ولا أقول أكثر من ذلك متأكداً من ثقتكم، راجياً من الله جل وعلا أن يكون معنا عوناً وهادياً وناصراً.

                   وفقكم الله، والسلام عليكم.


<4>