(تابع) خطاب الرئيس جمال عبدالناصر في مأدبة عشاء أقامها تكريماً للرئيس جوزيف بروز تيتو

الصادق وبإحساس المشاركة المصيرية وبكل جهد تصل إليه طاقتكم. ومنذ ذلك الوقت فإن التأييد اليوغسلافي العام لنضال الأمة العربية لم تَشُبهْ شائبة تَرَدَدْ ولم يتعثر في منزلق أية دعاوى مزيفة، مما يحاول العدوان به تغطية موقفه أمام الرأي العام العالمي.

          والدليل المؤكد على ذلك إن الموقف اليوغوسلافي، فضلاً عن تصوره الصحيح للأزمة كلها خطا خطوات نقدرها حق قدرها، ومنها بالذات موقفان:

الأول : تأييد يوغوسلافيا لحق المقاومة الفلسطينية وشرعية عملها.

الثاني : إدراك يوغوسلافيا الواعي بأن صميم المسألة ليس هو الحديث عن حل سلمي، ولكن صميم المسألة هو تحرير الأرض سلماً إذا كانت للسلم فرصة، وبالحرب إذا لم يكن للحرب بديل لتحقيق هدف التحرير.

أيها الصديق العزيز

          أنك خير من يعرف جوهر نضالنا وطبيعة هذا النضال ومقاصده، أنك خير من يعرف كم بذل هذا الشعب المصري من أجل السلام والحرية لجميع الشعوب وليس هناك أكثر من هذا المكان الذي نجتمع فيه وهو مدينة أسوان دليلاً على إيمان هذا الشعب بالعمل من أجل السلام والحرية.

          هنا في بلد السد العالي الذي تم بناؤه أكبر معني لمفهوم السلام والحرية في تقديرنا، هنا حلم من أعظم أحلام السلام والحرية، في العالم النامي كله، وهنا عمل من أضخم الأعمال تحقيقاً لهذا الحلم. وهنا شواهد كفاح تحمل بأكبر المسئوليات وأخطر التضحيات لكي يصل وينجز، وحتى تحت ظروف الحرب فإنك ترى أن العمل البناء مستمر بأقصى طاقته، ذلك بأن شعبنا يدرك بأصالة وبعد نظر إن العمل الإيجابي هو الحقيقة الباقية وهو الإسهام الفعال في دفع التطور.

          لكنك تعلم كما نعلم أن ذلك بالذات هو ما يأخذه أعداء السلام والحرية على المناضلين من أجلها- إنهم يحسبون عليهم نجاحهم في العمل من أجلها- ويفعلون كل ما تقدر عليه وسائل الشر وأساليبه العرقلة والتعويق.

          ومن هنا فإننا بصرف النظر عن أية حجج وتعللاً، نعتبر إن العدوان علينا هو شهادة لقيمة عملنا، ولحجم ما أنجزنا، وعلى هذا الأساس فنحن نقبل التحدي، وعلى هذا الأساس فنحن نتحمل تبعة المقاومة. وعلى هذا الأساس فنحن على استعداد لكل تكاليف النصر، لا توقفنا دونه حملات حرب نفسية، ولا تصرفنا عنه ضربات إرهاب جنوني. كذلك الذي تعرض له مصنع مدني قرب القاهرة.

<2>