إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس جمال عبدالناصر في افتتاح المؤتمر القومي الرابع للاتحاد الاشتراكي العربي

          إن الجيش المصري جنوده وضباطه وقياداته قام بجهد خارق لإعادة بناء نفسه، بعد ظرف من أسوأ الظروف التي واجهها نضالنا، وتمكن هذا الجيش الذي ظن العدو أن أمره قد انتهى إلى عشرات السنين من أن يعود إلى القتال مرة أخرى في سرعة سوف يعدها التاريخ المنصف لهذه الفترة ضرباً من المعجزات.

          وكما كان التعاون المخلص من جانب الاتحاد السوفيتي عاملاً رئيسياً في بناء السد العالي، فإن التعاون المخلص من جانب الاتحاد السوفيتي قد مكن هذا الجيش من أن يحصل على المعدات والخبرة اللازمة له لإعادة البناء.

          كما أن الجهد المتفاني الذي بذله مئات الألوف من رجال وشباب مصر ممن كان لهم في هذه الفترة العصيبة شرف الخدمة العسكرية حقق مستوى قتالياً لم يكن يخطر على بال صديق أو بال العدو قبل ثلاث سنوات. ويخوض الجيش المصري الآن هذه الأيام معركة لها أهمية خاصة هي المعركة ضد التفوق الجوي الإسرائيلي، هذا التفوق الذي مكنته منه وساعدته عليه الولايات المتحدة الأمريكية بعد عدوان 1967. إن العدو كان يريد أن تظل الجبهة المصرية مكشوفة لكي يستطيع بتفوقه الجوي أن يهدد مجال حركتها.

          إن العدو يقوم بغارات كل يوم من 20 إلى 150 غارة، ساعات ممتدة وطيران العدو يحلق فوق قواتنا.

          إن العدو في بعض الأيام يلقي ألف طن من القنابل، ما يساوي مليون جنيه إسترليني، ثمناً لما يلقى على الجبهة من المتفجرات. وكان تركيز العدو الأشد على عناصر الدفاع الجوي. وكان هدفه أن يمنع هذه العناصر من أداء دورها على الجبهة. لكن العدو لم يستطع، وكان اعترافه أخيراً بأن عدد بطاريات الصواريخ المصرية على الجبهة يتزايد ولا يتناقص، برغم ضراوة الغارات الجوية وشراستها. وبدأت طائرات الفانتوم الأمريكية تتساقط على أراضينا.

          وبدأ طيارو الفانتوم الصفوة المنتقاة من القوة العسكرية الإسرائيلية العدوانية يقعون أسرى في أيدي رجالنا.

أيها الأخوة المواطنون
          وبين هذا الخط عند الجنوب بعرض نهر النيل أمام أسوان وبين الخط الأخر عند الشمال بمحاذاة قناة السويس، فإن الوطن المصري كله صامد مؤمن عامل بالمجد كله وبالإخلاص والإيمان بالهدف. جبهة داخلية كان العدو وأصدقاء العدو ينتظرون أن تتشقق وتنهار ثم تتهاوى، فإذا هي تزداد صلابة وإرادة، كان العدو وأصدقاء العدو يتصورون إنها سوف تهتز وتضعف، فإذا هذه الإرادة في وقت الشدة أكثر ثباتاً وطاقة عمل بطولي يقوم بها الفلاحون والعمال من قوى هذا الشعب العامل.

<3>