إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



خطاب الرئيس أنور السادات، إلى الشعب السوداني الشقيق، 28 مارس 1971
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الأول 1971، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ص92 - 93"

         أيها الإخوة والأصدقاء والأحباب شعب السودان الشقيق الحبيب..

         أريد أن أتحدث إليكم في ثلاث نقاط أما النقطة الأولى فهى إنني أريد أن أتوجه إليكم بالشكر لكل فرد منكم على هذا الاستقبال الذى حييت به بالأمس وأخلص شكرى لأخى الرئيس جعفر ولمجلس قيادة الثورة الذين أتاحوا لى هذا اللقاء.. إنه لقاء الأهل ولقاء الأحبة ولقد نصرتمونا ولن ننسى لكم أبداً ما استقبلتم به جمال فى أغسطس 1967 بعد الهزيمة، ولن ننسى لكم وقوفكم معنا يوم فقدنا جمال. يومها وقف بجانبى بالقاهرة أخى جعفر.. بل إنه أكثر من ذلك تلقفنى وأنا أسقط على الأرض من فرط الاعياء..

         أذكر لكم في الشدائد أيها الأخوة والأحباب كل هذا ولكن بين الأهل هذا شيء طبيعي..

         أما النقطة الثانية فلابد أنكم تريدون مني حديثا عن المعركة وهو أمر طبيعى إنها شغلنا الشاغل فحديثى عن المعركة سيكون موجزا..

         إننى أفد إليكم وألتقى بكم فى ساعات حاسمة من تاريخ مصر.. فالأيام المقبلة هي الساعات الحاسمة بالنسبة للمعركة المصيرية وبالنسبة لنا جميعا كلنا.. فقد بذلنا فى الشهر الماضي كل ما نستطيع أن نفعل من أجل السلام وذهبنا إلى أقصى ما يمكن أن نصل إليه، فى سبيل سلام قائم على العدل.. وكنا فى هذا التحرك نسترشد بمبدأين أساسيين.

         المبدأ الأول: هو أنه لن نفرط مهما كانت الظروف فى شبر من الأرض ولا حبة رمل من ترابنا مهما كانت المعارك ومهما كانت الضغوط.

         أما المبدأ الثانى فهو أنه لاتفريط ولامساومة فى حقوق شعب فلسطين.

         من خلال هذين المبدأين تحركنا فى الفترة الماضية من أجل حل سلمى يقوم على العدل ولكن كما ترون وكما تسمعون الآن تعثرت كل هذه الجهود للغرور والصلف الاسرائيلى.. والشيء المؤلم حقا والذى يدعو إلى الدهشة حقاً أن الولايات المتحدة التى ترسل الفانتوم هى التى تتعرض للضغط الهائل من اسرائيل وليست اسرائيل هى التى تتعرض للضغط منها.

         على أية حال المعول فى هذه المعركة علينا نحن وعلى إرادتنا نحن وعلى تقديرنا نحن.
يبقى لى بالنسبة للمعركة شيء واحد وأنا فى طريقى إليكم تلقيت أخبارا مؤلمة ومؤسفة عما يحدث في الأردن.. ومن حقنا جميعا أن نتساءل لمصلحة من هذا الذى يقع فى الأردن اليوم..

         إن الشعب الفلسطينى لن يموت والمقاومة الفلسطينية لن يقضى عليها ولكن سيكون حساب الشعب العربى عسيرا لكل هذه الجرائم التى ترتكب الآن تحت شعارات وتحت أسماء لانستطيع أن نفهمها ولا نستطيع إطلاقا أن نوافق عليها.

         أما النقطة الثالثة: وهى ختام حديثى إليكم أيها الإخوة والأحباب فهي فى يوليو المقبل بعد شهرين أو ثلاثة شهور سنكون قد أتممنا 19 عاما فى عمر ثورتنا.. ثورة 23 يوليو 52..

         أريدكم أن تعرفوا أن ثورة 25 مايو 69 فى الظروف الذى قامت فيه المبادئ التى تنادى بها وفى الخط الذى تسير فيه جاءت ضربة حاسمة لمخططات الاستعمار التي كانت تريد أن تحتوينا في هذه المعركة التي نعيشها اليوم وظنوا أنهم يستطيعون أن ينفردوا بنا بعد أن يقيموا أنظمة من حولنا تأتمر بأوامرهم وظنوا أنه بعد هزيمة 67 لا قيام للتحرر ولا للحرية ولا للعرب.

         كانت ثورة 25 مايو 69 نقطة تحول خطيرة لأنها كما قلت أنا سابقا أعادت لنا المبادأة الاستراتيجية من أعدائنا وتلتها بعد ذلك ثورة أول سبتمبر فى ليبيا فقلبت مخططات العدو رأسا على عقب. استعدنا المبادأة الاستراتيجية منذ ذلك التاريخ وكان هذا طبيعيا أن يجلب علينا حقد وغضب أعدائنا المستعمرين والصهاينة.

         إلا أن ما أريد أن أقوله لكم اليوم إننا في يوليو المقبل كما بدأت حديثي فى النقطة الثالثة سنصل إلى العام التاسع عشر من عمر هذه الثورة.. ثورة 23 يوليو 1952.

         ومن اليوم الأول الذى بدأت فيه هذه الثورة أستطيع أن أحكى لكم أيها الإخوة والأحباب أننا خضنا معارك متصلة طوال الأربع والعشرين ساعة كاملة.. منذ يوليو 52 إلى يومنا هذا ولا زلنا في هذه المعارك ويعلمون أننا انتصرنا وأقمنا بناء ضخما لشمالكم فى مصر.. صناعة ولا يزال هذا البناء رغم المعارك التي خضناها ونخوضها إلى اليوم لا يزال هذا البناء مستمرا إلى هذه اللحظة.

         أريد أن أقول لكم أيها الإخوة إن سلاحنا طوال 19 عاما الماضية سلاحنا الأساسي لم يكن انتخابات ولم يكن أدوات صحافة ولم يكن أى شيء آخر إلا الوحدة الوطنية.. ومن خلال الوحدة الوطنية استطعنا أن نهزم حلف بغداد. واستطعنا أن نكسر احتكار السلاح واستطعنا أن ننتصر في معركة العدوان سنة 56 واستطعنا أن ننتصر في معركة البناء.

         واليوم سوداننا الحبيب يدخل هذه المعركة.. معركة البناء.. بناء السودان الجديد يدخلها من أوسع الأبواب.

         واستطعنا أن نواجه عدوان 67 ولن نواجه كل ما ترتب على الهزيمة من الام ومرارة.. ولكن بوحدتنا الوطنية تغلبنا عليها استطعنا أخيراً أن نواجه محنة فقد جمال أيضا بوحدتنا الوطنية.

         واليوم وأنا أتحدث إليكم الآن أقول لكم إن إخوتكم في الشمال من خلال هذه الوحدة الوطنية قد أقاموا بناء سواء من الناحية العسكرية أو في الناحية الاقتصادية بناء شامخا أساسه كله وسلاحنا كله كان هو الوحدة الوطنية.

         من أجل ذلك أيها الإخوة والأحباب أردت أن أقول لكم إنه فى معركتنا اليوم وفي معركتكم من أجل بناء السودان الجديد الذى تريدونه سودانا قويا عزيزا منيعا يتمتع كل فرد فيه بخيرات بلده وبالأمن وبالطمأنينة كما تريد ثورة 25 مايو. أريدكم أن تعلموا أننا لكم إخوة وأشقاء في كل الظروف ومهما كانت الصعاب ومهما كانت التضحيات.

         إنه ليسعدني أن أقرر أمامكم أن أخي جعفر ومجلس قيادة الثورة يشتركون معنا في المعركة وأصروا على أن يشتركوا في هذه

<1>