إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



خطاب الرئيس أنور السادات، في عيد العمال، 1 مايو 1971
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الأول 1971، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ص 104 - 113"

         بسم الله.

         قبل أن أبدأ حديثي إليكم من هذا المكان الذي تعودنا أن نستمع فيه إلى جمال أدعوكم إلى أن نقف دقيقة تحية لذكراه..

أيها الإخوة..

         أهنئكم وأهنئ فى شخصكم عمال جمهوريتنا كلهم، أهنئكم.

حلوان.. بين الأمس واليوم.

أيها الإخوة ..

         تمنيت لو أن مصر كلها كانت معنا ونحن ندخل حلوان اليوم ورأت ما رأيناه، وتمنيت لو أن الامة العربية كلها كانت معنا في هذه التجربة ورأت ما رأيناه، وتمنيت أيضا، لو أن العالم كله كان معنا: ليرى ويعرف، بل لا أخفى عليكم أيها الإخوة، إننى تمنيت لو أن الصديق والعدو كلاهما فى هذا العالم رأوا وعرفوا.. المنطقة التى كانت مشتى صغيرا، أصبحت قاعدة للصناعة الثقيلة، المنطقة التى كانت متروكة للاسترخاء والكسل، أصبحت بركانا من النشاط والعمل.. المنطقة الساكنة الهاجعة بين النيل والجبل، أصبحت قلبا يضخ الحياة، وقمة تطاول كل الذرى، هنا فى حلوان، اكبر قاعدة للصناعة الثقيلة فى مصر. وفى العالم العربى، وفى الشرق الأوسط، وفى أفريقيا..

         بل هنا أكبر تجمع صناعى على الاطلاق فى هذه الحدود من العالم.. هناك بني الآن مجمع الحديد والصلب بتكاليف كلية شاملة مقدارها 340 مليون جنيه، وهنا مصنع الحديد والصلب الذى كان من أول وأكبر مشروعات الثورة، هنا مصانع الطيارات، مصانع المطروقات، مصانع الكوك، محطات الكهرباء. الصناعات الكهربائية، مصانع الغزل والنسج، مصانع الأسمنت، مصانع للناقلات المائية، مصانع عربات السكك الحديدية، المصانع المختلفة المتنوعة للصناعات الحربية.. هنا حتى الآن 500 مليون جنيه استرلينى من الاستثمارات..

         وهنا حتى الآن 104 آلاف عامل صناعى وراء الآلات تصل أجورهم إلى 40 مليون جنيه سنويا، وهنا اليوم.. هذا المصنع الذى حضرنا افتتاحه اليوم، مصنع السماد الجديد، الذى قام على استخدام الغازات المتولدة من مصنع الكوك، ينتج 200 ألف طن من السماد الآزوتى 20.5 % أى 265 ألف طن من السماد العادى بنسبة 15.5%.

         هنا اليوم هذا المصنع الذى بنى بتكاليف قدرها 19 مليون جنيه، والذى يمثل قيامه تمثيلا حقيقيا فكرة التخطيط المتكامل، صناعة الحديد والصلب تستوجب صناعة الكوك، وفائض صناعة الكوك من الغازات لا يترك ليتسرب هباء ولكن يوجه لصناعة السماد.

         هنا أيضا أيها الأخوة. حيث مددنا البصر. مصانع قائمة، أومصانع تقوم، حياة جديدة لأمتنا، عصرجديد نتقدم نحوه، آمال تتحقق أمام عيوننا وبسواعدنا وآمال أخرى فى قلوبنا، أملا، أو فى عقولنا درسا واستعدادا. لكل هذه الحقائق التى ذكرتها لكم عن حلوان اليوم..

حلوان وتطويرها

         أريد أن أقرر أمامكم إننى أصدرت قرارا اليوم، على أن تنفذ خطة شاملة لتطوير منطقة حلوان، على أساس تخطيط شامل متكامل على غرار ما تم عمله فى منطقة شبرا الخيمة، ولذلك فقد وافقت على الآتى:

         أولا- أن تخصص حصيلة الـ 10% من الأرباح المخصصة للخدمات المركزية في الشركات الموجودة بحلوان، للمساهمة في تنفيذ المشروعات اللازمة لتطوير المنطقة.

         ثانيا- أن تشترك المؤسسات الصناعية والإدارة المحلية والأجهزة السياسية في وضع الخطة اللازمة لمنطقة حلوان..

         ثالثا- يتولى نائب رئيس الوزراء للانتاج، والمسئول عن الإنتاج، العمل والاشراف على تنفيذ البرنامج، بالنسبة لباقى المناطق الصناعية فى الجمهورية، فسيصير تطبيق نفس الشيء لكل منطقة تتكامل الدراسة فى لحظة تطويرها كما حدث فى حلوان هنا..

المعركة.. والبناء.. والحياة

         هذه أيها الأخوة هى مصر.. وهذا أيها الإخوة هو شعب مصر.. مصر التى تقاتل فى نفس الوقت، وشعب مصر الذى يحمل السلاح طول الوقت..

         كان أعداء مصر وأعداء شعبها وأعداء أمتها العربية المجيدة. يظنون أنهم بالقوة يأخذون منا ما يريدون، لكنهم أيها الإخوة لم يستطيعوا..

         صحيح أنهم قد احتلوا بعض أرضنا. ولكننا نناضل من أجل التحرير، ولكنهم لم يستطيعوا ولن يستطيعوا احتلال سنتيمتر واحد من إرادتنا..

         لقد بقيت إرادتنا. وستبقى دائما بعون الله، حرة مقاتلة بناءة، لأن الحرية بناءة فى الدرجة الأولى، وحتى عندما وصلت الى هذه المنطقة طائرات العدو اثناء غارات العمق الإرهابية فى بداية العام الماضي، فإن أحدا هنا فى هذه المنطقة لم تطرف له عين، ولا اختلج فيه عصب، وانما ظل كل واحد فى مكانه مدركا مؤمنا بأن الحرية هي البناء. وان معركة البناء هى السند الحقيقى لمعركة السلاح.. هذه هى مصر، وهذا هو شعب مصر.. هذه هى الأمة العربية، وهذه  قلعتها وقاعدتها.. هذا هو الوجه الآن لنضالنا.. هنا مصنع الحياة، وهناك على جبهة القتال ندافع عن الحياة.. لانريد غير أرضنا العربية، وكل مانريده هو أن نبنى الحياة على هذه الأرض العربية.. وللأمة التى تعيش عليها، وقتالنا كله له هدف، هو حرية الأرض وحرية الأمة وحرية البناء، والحياة، رباطا وثيقا بين الأرض والبشر..

<1>