إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



الملحق الرقم (7)

خطاب الرئيس السادات أمام مجلس الأمة
في 20 مايو 1971 (ثورة التصحيح) (*)

          لو أذنتم لي وأذن السيد رئيس المجلس، أريد أن أتحدث إليكم كما تحدثت إلى الأمة من قبل حديثاً من القلب إلى القلب. فالمجال في الحقيقة ليس مجال للخطابة. من أجل ذلك أرجو أن تأذنوا لي في أن أحدثكم من هذه المنصة.

          بسم اللهسورة آل عمران، آية 8 رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ.

          قبل ما أبدأ حديثي لكم وأكمل بقية القصة أريد أن أقول للشعب من خلالكم مانيش عايز أقول لكم أنتم بس أنا عايز أقول للشعب من خلالكم أن جلستكم اللي تحدث عنها السيد رئيس المجلس اللي عقتوها على الفور واتخذتم فيها قرارتكم، تاني يوم بوحي من إرادتكم ومشاعركم، عايز أقول لكم زي ما حايجي في كلامي علشان وأنا بأحكي عن بقية الحقائق عايز أقول لكم أنكم حققتم أمنية لعبدالناصر.

          صححتم وأنتم باحسيسكم التلقائي المستمد من إحساس شعبنا اللي لا يمكن أن يخطئ أبداً. صححتم ما كان عبدالناصر مصراً أن يصححه وسأحكي لكم عنه. ولكن اليوم وأنا جاي علشان أتحدث إليكم لابد أن يكون حديثنا على مستوى أحداث الساعة وعلى مستوى المسؤولية التي نحملها جميعاً تجاه شعبنا. شعب 23 يوليه شعب 9 و10 يونيه، وشعب 15 مايو.

          أيها الأخوة والأخوات: نريد الآن أن نتطلع إلى المستقبل. المستقبل هو الأولى باهتمامنا وحين نتطلع إلى المستقبل فلا شيئ إلاّ المعركة .. المعركة هي الأولى بتركيزي، ونريد أن نواصل مسيرة جمال عبدالناصر. فهي طريقه، ونريد أن نفتح الطريق أمام زحف تحالف قوى الشعب العاملة صانعة الحرب وصاحبة الاشتراكية ورائدة الوحدة.

القيادة للشعب
          لا نريد أن نتوقف طويلاً عند ما حدث خلال أربعة وعشرين ساعة في الأسبوع الماضي، ولو أنني سوف أتحدث إليكم فيه قليلاً ولكن يجب ألاّ نتوقف عنده.

          لقد تعرضنا ولساعات قليلة فقط لخطر الانحراف عن طريق عبدالناصر. ولكنكم وشعبنا كله قَوَّم هذا الانحراف وصححه ويجب أن يستقيم بعد ذلك خطنا، ويجب أن يزداد عمقاً وأن يزداد اندفاعاً، وأقولها للتاريخ أن عملية التصحيح التي قام بها الشعب في 15 مايو في الأسبوع الماضي، لا تصنع زعامة جديدة لأنور السادات، ولا تعطي قيادة جديدة لأنور السادات .. ولكن قيمتها وأصالتها أنها تعطي القيادة والزعامة، ويجب أن تعطي القيادة والزعامة لتحالف قوى الشعب العاملة.

          هذه بداية .. بغيرها نخطئ ولا يجب أن نخطئ أبداً .. وهذه علامة يجب أن نضعها أمامنا، بل هي علم يجب أن نرفعه فوق رؤوسنا حتى لا نخطئ أو نتوه .. أو يخطئ غيرنا ويتوه .. بكلمات بسيطة .. نحن على الطريق .. نحن على المسيرة .. نحن على الهدف استمراراً واتصالاً .. ارتباطاً وعهداً .. من يوم انتصار الثورة في يوليه 1952 إلى انتصار الوطنية في حرب السويس سنة 1956 .. إلى انتصار الاشتراكية في قوانين يوليه المجيدة سنة 1961 .. إلى انتصار ميثاق العمل الوطني في سنة 1962 .. إلى انتصار يومي 9 و10 يونيه 1967 .. إلى انتصار بيان 30 مارس سنة 1968 .. إلى انتصار إرادة الإنسان الحر .. إلى انتصار 15 مايو سنة 1971.

          هذه هي معالم الطريق وهي أعلامه لكي لا نخطئ أو يخطئ غيرنا .. لكي لا نتوه أو يتوه غيرنا .. ليس أمامنا من معركة اليوم ومن شاغل ولا يجب أن يكون أمامنا من شاغل اليوم إلاّ المعركة والمعركة وحدها.

          من أجل ذلك فإنني أريد أن أتحدث إليكم عن المعركة في بداية حديثي الذي سأقسمه إلى قسمين .. القسم الأول عن المعركة والقسم الثاني عن بناء الدولة الجديدة، ثم الختام.

أوراق الخريف
          زي ما قلت لكم في اجتماع الهيئة البرلمانية وزي ما قلت لكم أنا فخور بكم مرة أخرى دلوقتي باقولها ..كان مقرر زي ما أظهرت التحقيقات وأنا في هذا ما بتعرضش للتحقيق لأنه في يد النائب العام .. إنما كان مقرر أن اجتماع الهيئة البرلمانية اللي فات يكون صورة من صور التهريج اللي أنا حكيت لكم عنها وحصلت في اللجنة المركزية، واجتمعوا وقرروا ووزعوا الأدوار، كل ده ماشي في التحقيقات الآن، وبيتساقطوا زي ما تتساقط أوراق الخريف تماماً.

          ولكن شئ واحد منعهم زي ما قلت لكم في حديثي اللي فات عن التسجيل خافوا أن يثيروا شئ لأن إرادتكم كانت حتسحقهم .. قالوا كده.

          كل يوم بتظهر أشياء جديدة وبتفتح جوانب مؤلمة ورهيبة، ولكن إرادة الله سبحانه وتعالى وصلابة شعبنا وأصالته ووعيه.

البناء العسكري
          أعود إلى المعركة وزي ما حكيت لكم في الهيئة البرلمانية من أول يوم بعد 67 وإحنا بنسير في خطين متوازيين: الخط الأول هو البناء العسكري، والخط الثاني هو البناء السياسي .. هذا المجلس لما أتخذ قراره في 10 يونيه وفوض جمال عبدالناصر أن يعيد البناء العسكري والبناء السياسي .. ومن أول لحظة قرار المجلس كان يوم 10 يونيه 67، يوم 11 يوليه سنة 67 كان جمال بيبدأ في بناء البناء العسكري مرة أخرى. وأمكن لنا في خلال خمسة أشهر فقط أي في 23 نوفمبر 67 أن نقدم أول خط دفاعي كامل بدراسة من بلدنا، أي شئ خمسة أشهر فقط جهد وعرق قاموا به أبناءنا في القوات المسلحة حنفضل نزكر لهم عبر التاريخ، مش بس هذا، لا في خلال الشهور الخمسة دي وإحنا في مرارة الهزيمة وآلامها عملوا معركة رأس العش، ولما تذكر لكم تفاصيل معركة رأس العش حانفخر كلنا برغم ألم ومرارة الهزيمة ونفخر بجيشنا أبنائنا أولادنا. وقبل مايقوم الخط في 23 نوفمير في أكتوبر انضربت أكبر مركب حربي عند اليهود الإسرائيليين وهي إيلات لأول مرة في تاريخ البحرية في العالم بصاروخ سجل لنا هذا في تاريخ العالم.

البناء السياسي
          كان ماشي البناء العسكري، وضع له جمال الله يرحمه الجدول الزمني لإعداد القوات في 23 نوفمبر زي ما قلت لكم كان انتهى أول خط وقام وقف من إدارة النقض بدأ إعداد القوات ولازم أذكر هنا لكم في بيت الشعب وكممثلي للشعب وحملة رسالة عبدالناصر اللي أدعى البعض أنهم حملتها وطردتموهم من صفوفكم لأزم أذكر لكم هنا أنه ما كان حايتيسر لنا أن ندبر في هذا البناء إلاّ بمعونة صديق شريف وهو الاتحاد السوفيتي.

          مضينا سنة 68 وحصلت الأحداث اللي حصلت فيها وكان الرئيس فرغ من وضع الجدول الزمني علشان البناء العسكري، وبدأ يخطط علشان البناء السياسي، وكانت الأحداث اللي وقعت في 68 واللي حاول بعض العناصر استغلالها وجه بيان 30 مارس وحصل انتخابات من القاعدة إلى القمة بالاتحاد الاشتراكي. في نفس هذا الوقت وبالتوازي تماماً كان ماشي البناء العسكري. البناء السياسي ماشي والبناء العسكري ماشي بأقوى وبكل قطرة دم في أبنائنا أبناء القوات المسلحة. 24 ساعة شغل تدريب وتلقى الأسلحة الحديثة والتدريبات العنيفة. وعمل مستمر وتفرغ وروح كلنا في يوم من الأيام حنقرى تفاصيلها إن شاء الله بإذن الله يعد المعركة لأن ولادي مش عاوزين يقولوا حاجة إلاّ لما يخلصوا معركتهم.

أخطاء الانتخابات
          لما حصل البناء السياسي من القاعدة إلى القمة وقعت فيه أخطاء ـ وأذكروا دي لأني أنا جاي لكم فيها وأنا بأتكلم في الجزء الأخير من كلامي ـ وقعت أخطاء وسجلها عبدالناصر عنده، ومشينا ما توقفش المسيرة. البناء العسكري ماشي البناء السياسي ماشي. جت سنة 69 دخلنا حرب الاستنزاف. قواتنا المسلحة كل دقيقة بتتقدم خطوة إلى الأمام وبتدعم وبتزداد فاعلية ومقدرة وثقة وإيمان. إلى أن قامت ثورة السودان المجيدة في أول سبتمبر 69 بعد ما كانوا متصورين أعدائنا أن الخط التحريري انتهى وأننا على وشك أن نحاصر ونبقى وحدنا للإجهاز علينا استمرينا ومشينا. وجت سنة 70 وقلت لكم هنا في الهيئة البرلمانية بالتفصيل أزاي بدأت غارات العمق وانكشفت خطة إسرائيل بمساندة أمريكا في أواخر سنة 69 للإجهاز علينا عن طريق تفوق الطيران الإسرائيلي في الستة أشهر الأولى من سنة 70 وبدأت إسرائيل وتذكروا أن أنا حكيت لكم عن بدء هذه الإستراتيجية الجديدة والخطة الجديدة فهم في يوم 25 ديسمبر 69 جم بـ 264 طيارة مع أن يوم 5 يونيه كانوا بـ 210 أو 220 طيارة، يوم 25 ديسمبر 69 جم بـ 264 طيارة وغارات استمرت من 8 صباحاً إلى آخر ضوء 30,4 مساءً، ومطلتش منا شئ أبداً ولا قللت من قوتنا ولا من خطنا ولا من روح قواتنا المسلحة ولا من أبطالنا شئ أبداً.

مواقع البطاريات
          في هذا اليوم كان الرئيس الله يرحمه في الرباط ولما انتهت الغارات في الساعة 30,4 مساء. وكانوا طوال الوقت من 8 صباحاً إلى 30,4 مساء بيقذفوا بكل أحجام القنابل وأنواعها الزمنية وغير الزمنية وبتركيز بـ 264 طيارة. تذكروا إن أنا قلت لكم أن أنا أصدرت الأمر يومها أن تخلى بطاريات الصواريخ وتغير أماكنها قبل صباح اليوم التالي، وفوجئ اليهود لأنهم رامين قنابل زمنية لسه قدامها وقت على ما تنفجر. وجم في اليوم التالي يدوروا لم يجدوا البطاريات في أماكنها واضطروا يغيروا خطتهم على ما يستطيعوا تاني ويعودوا تاني للغارات. يعني ماقصروش ولادنا أبداً بل واجهوا كل هذا ومن وسط القنابل الزمنية. من 8 صباحاً إلى 30,4 مساء كملوا طول الليل وغيروا الأماكن ووضعوا البطاريات في الأماكن الجديدة، وفوجئ اليهود تاني يوم .. ماقصروش ولادنا أبداً.

الصديق الشريف
          وما شيين. وجت سنة 70 زي ما قلت لكم وابتدوا غارات العمق وسافر الرئيس الله يرحمه إلى الاتحاد تلسوفيتي وزي ما قلت ويجب أننا نحفظ له دائماً مكان الصديق الشريف .. قدموا لنا صواريخ سام 2 علشان حماية العمق، وقامت هنا أجهزتنا في بلدنا خلال 40 يوماً تم عمل لا يمكن أن يتمه إلاّ دولة من الدول العظمى، كانت شركاتنا كلها مهندسينا كلهم بيشتغلوا في المواقع الجديدة، في خلال 40 يوم تم عمل كان تمنه 40 مليون جنية، يعني كل يوم بينصرف فيه مليون جنية، تم انجازها ودخلت الصواريخ سام 2 وتوقفت غارات السحق في أواخر فبراير 70.

          كل ده تحملناه ومع ذلك وحرصاً على السلام تذكروا أن الرئيس جمال في أول مايو سنة 70 وفي خطابه من شبرا وجه للرئيس نيكسون رسالة وقال له فيها إما أنك مش قادر تضغط على إسرائيل وأنا مستعد أصدقك إذا قلت لي هذا، مع أني لي رأي في هذا. وإما أنكم أنتم بتقديمكم المساعدات لإسرائيل من سلاح ومساعدات اقتصادية وكل ألوان المساعدات بتريدوا احتلال أراضينا وبعتبر ده مشاركة منكم في العدوان علينا. بعدها جت مبادرة روجرز وحصل إيقاف النار وحكيت لكم بالتفصيل في الهيئة البرلمانية هنا المرحلة دي اللي انتهت بإيقاف النار للمرة الأولى، ثم للمرة الثانية في نوفمبر بعد وفاة الرئيس، ثم امتناعنا شهر في فبراير بقرار من عندنا إحنا، امتنعنا عن إطلاق النار وفي خطابي أمامكم هنا في مجلس الأمة في 4 فبراير طلبت من المجتمع الدولي ومن أمريكا بوصفها اللي بتمد إسرائيل بكل من رغيف العيش إلى الطائرة الفانتوم. طلبت أنها تقوم بدورها كقوة كبرى وتحدد موقفها.

شروط المبادرة
          في نفس هذا الخطاب وقدامكم تقدمت بمذكرة بمبادرة .. وقلت إن إحنا بنتقدم بمبادرة علشان ندفع بالقضية .. إحنا مستعدين نفتح قناة السويس الملاحية الدولية .. علشان نحرك القضية قصاد ما إسرائيل تبدأ المرحلة الأولى من الانسحاب داخل الجدول الزمني بتاع الانسحاب الكامل بإشراف يارنج والأمم المتحدة. حاولوا يأولوا الكلام .. وحاولوا أن يفسروه أن ده حل جزئي .. أو ده حل منفصل أو ده اتفاق لوحده. وضحت موقفنا في أبريل اللي فات بصراحة وقلت .. وبأقول قدامكم النهاردة ولأول مرة علشان يسمع العالم كله. إحنا لما بنقول نفتح قناة السويس للملاحة الدولية، مش معناها إن إحنا حريصين نفتحها بأي تمن .. لا .. ده إحنا بنسهل للعالم ولأوروبا الغربية بالذات. وبنوري حسن نوايانا نحو السلام .. وعاوزين نحرك القضية .. ولكن إذا كان يفهم أن ده حل جزئي أو أن ده حل منفصل .. أو أن ده حل إحنا عايزينه بأي ثمن ما بنفتحهاش. بنردمها أحس.

          مر الشهر بتاع الامتناع عن إطلاق النار، وردينا على يارنج وإسرائيل ما ردتش على يارنج. وتعنتت. وتحركنا السياسي ده بالمبادرة بتاعاتنا. وقبولنا للورقة اللي بعتها لنا يارنج، وامتناع إسرائيل ووقوعها بالشكل اللي وقفته فضح موقفها أمام العالم كله. ولما جاني روجرز هنا، وأنا حكيت لكم في الهيئة البرلمانية أول كلمة قالها .. قال أن جاي وأقول إني لن أطلب من مصر شئ .. مصر فعلت كل ما عليها .. أنا باقول هذا الكلام والعالم كله سامعني الآن ومستر روجرز سامعه .. لن أطلب من مصر شئ. مصر فعلت كل ما عليها .. طيب نتكلم في المبادرة .. المبادرة في أول مايو أنا أعلنت شروطنا لها .. مستعدين، وباعلن أمامكم الآن إن إحنا لازلنا مستعدين ولكن بالشروط اللي أعلناها .. اللي هي ماهياش شروط حقيقية إنما هي اختيار السلام. وإذا كانت النوايا صحيح نحو السلام .. يبقى كلا منها يفهم وينفذ. أما إذا كانت النوايا غير كده للمراوغة أو لمحاولة تمييع القضية، واتخاذ من فتح قناة السويس أسلوب لتجميد القضية لسنين جاية .. أنا قلت لكم إحنا نردمها أحسن .. أبداً إحنا لا نقبل هذا .. وكلامنا واضح.

الأربعة الكبار
          موقف الأربعة الكبار بأعيده امامكم وأنا قلته أمامكم في الهيئة البرلمانية .. فرنسا موقف شريف يقوم على العدالة .. ويقوم على إيمانها بأنها قوة كبرى لها التزاماتها نحو سلام العالم وليس نحو سيادة شريعة الغاب في هذا العالم .. الاتحاد السوفيتي أنا في غير حاجة أن أشرح موقفه لكم لأن إحنا كل واحد فينا لمسه .. الاتحاد السوفيتي من بدء القضية سياسياً .. اقتصادياً .. عسكرياً واقف معانا .. الاتحاد السوفيتي في الأيام السوداء بتاعة الهزيمة لما حتى زي ما قلت لكم في الهيئة البرلمانية هنا شمت فينا بعض قرايبنا .. لا هو ما شمتش قينا .. قدم السلاح .. قدمه وماقلش تعالوا أمضوا معانا العقد، وحاسبوني .. قدم علشان يوقفنا على رجلينا .. زي ما قلت لكم سياسياً .. عسكرياً .. اقتصادياً .. بشرف وأمانة وبدون أي قيد أو شرط.

          بريطانيا أمامكم هنا قررت في الهيئة البرلمانية أن موقفها تَحَوَلَ تحول جزري بقبولها الاشتراك في قوة الأمن الدولية، وهي تعلم أن إسرائيل تقاوم هذا .. بل أكثر من هذا قررت أمامكم هنا أن إحنا بنرحب بهذا الموقف الشجاع الذي أخذته حكومة المحافظين ووضع سياسة مستقلة لبريطانيا. باقي أمريكا .. جه ليه روجرز وأنا حكيت لكم هنا تفاصيل ما جرى .. وزي ما قلت لكم بدأ حدبثة أنه ليس هناك ما أطلبه من مصر .. فقد أدت مصر كل ما عليها .. وباحط قدامكم الحقيقة ومن خلالكم للشعب. إحنا بنشتغل في حدود هدفين أساسيين. لا تفريط في شبر من أرضنا .. ولا مساومة على حقوق فلسطين.

قلت لروجرز
          شرحت لروجرز كل هذا بمنتهى الصراحة، وزي ما قلت في أول مايو أن أنا قابلته بعقل مفتوح. وقلب مفتوح مع ما في ذهني وما في رأسي من غارات السبع عشر ساعة، لأن القنابل كانت أمريكية .. طيارات أمريكية .. زي ما قلت للطيارين نصفهم جنسية نصفها أمريكي ونصفها إسرائيلي. كل هذا برغم كل هذا ومن أجل السلام ومن أجل أن أثبت للعالم كله وأرضي ضميري نحو أبنائي الأبطال اللي على القنال اليوم، واللي لما قابلتهم ماسكهم بالعافية باحوشهم بالعافية من أجل أن أحفظ روح واحد فيهم. وأنا قابلت روجرز بعقل مفتوح وقلب مفتوح وأنا مش من أنصار التشنج. أنا ما بتشنجش.

شرطان أساسيان
          أنا عارف أنا عاوز أيه. لا تفريط في شبر واحد من أرضنا، ولا مساومة على حقوق شعب فلسطين. وباتكلم بصراحة بعقل مفتوح وبقلب مفتوح وتناقشنا طويلاً ساعتين ونص، كان معانا وزير الخارجية. قلت له أنا ما باطلبش منك شئ لأنك لسه ما سافرتش لإسرائيل. لكن لما تسافر أنا أريد انك بعد ما ترجع للولايات المتحدة أن تحدد أمريكا موقفها لأن الثلاثة الكبار مواقفهم متحدة النهاردة، فاضل موقف أمريكا عنصر أساسي في المشكلة، لأنها بتمون إسرائيل زي ما قلت وزي ما باقول من رغيف العيش إلى الفانتوم. وراح إسرائيل وأرسل لي كلام إسرائيل، وحللت هذا الكلام في اجتماع مع الدكتور محمد فوزي رئيس الوزراء ومع وزير الخارجية، وكان منضم لنا فيه السيد حسين الشافعي نائب رئيس الجمهورية، واديت تعليماتي للسيد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية أن يرسل ردنا اليوم بعد هذه الجلسة مباشرة إلى أمريكا وعلى الأسس التالية أمامكم وللشعب وللعالم: قضية فتح قناة السويس ليست قضية منفصلة ولا حل جزئي وإنما هي مرحلة من مراحل الانسحاب الكامل في الجدول الزمني. لن نقبل المناقشة في عبور قواتنا إلى الضفة الشرقية. لن نقبل مد وقف إطلاق النار إلى ما لا نهاية طالما أن هناك جندي أجنبي واحد على أرضنا. وأرضنا هي ما قبل 4 يونيه بالنسبة لنا وللأرض العربية كلها.

رد على روجرز
          السيد وزير الخارجية اعد الرد بعد هذه الجلسة مباشرة ليسلمه وبنطلب من أمريكا أن تحدد موقفها. كفى تبادل مذكرات روجرز جه عندنا وسمع كلامنا وشافنا وناقشنا في كل شئ بمنتهى الحرية والقلب والعقل المفتوح. راح إسرائيل وشافهم. الآن على أمريكا أن تحدد موقفها بوضوح. المسالة تخص الحرب أو السلام. والمسألة لا تحتاج مرة أخرى إلى تبادل المذكرات رايحة وجاية والمناقشات الفلسفية واللعب بالألفاظ والكلام ده انتهى. الكلام اللي حايروح النهارة وعلى الأسس اللي قلت لكم عليها هذا هو موقفنا ويجب أن تحدد أمريكا موقفها صراحة أمام العالم. ويجب أن تعلم أمريكا أن دولة من 2 مليون ونص ليس لها مقومات الدولة هي إسرائيل لأنها تعيش عالة على شيك بيجي بـ 500 مليون دولار أو بـ 1000 مليون دولار، وشوية لن نستطيع أن نقوم بمثل ما نقوم به بدون تأييد ومساندة ومساعدة أمريكا. يجب أن تعلم أمريكا وأنا قلت لروجرز ولعله لا يغضب إذا كنت بافتح هذا السر إنما لازم أقوله أمامكم وأنا لازم أقوله وأنا قلته يمكن في الهيئة البرلمانية، قلت له أنا لا أقل أنكم بتقولوا إن إحنا نضع إسرائيل وحتى لا أقول أنكم تمارسوا الضغط على إسرائيل، وإنما أن أطلب رسمياً أن يبلغ الرئيس نيكسون أن المطلوب اليوم ما دمنا نتحدث عن السلام وأننا جتنا عندنا جيشاً وشعباً أن إحنا جادين نريد السلام، وأنا اطلب من الرئيس نيكسون رسمياً أن يعصر إسرائيل عصراً إذا كان الكلام عن السلام. إذا كانوا يريدون السلام فنحن للسلام. أما الكلام اللي جه من إسرائيل فلا يعنيني في شئ اللي جابه سيسكو لأن إسرائيل لسه راكبها غرور الانتظار ولسه راكبها الغرور النازي وبيحاولوا لسه يعيشوا في أحلام وأوهام الماضي أنا ما يهمني ده كله. أنا بيهمني أن تحدد أمريكا موقفها، لأن أنا الآن أمام مواقف تاريخية لازم تتحدد تماماً لأنها مسألة السلم أو الحرب.

          ده الجزء الأول اللي أردت أن أتحدث لكم فيه عن المعركة، وزي ما قلت لكم عقب اجتماعنا مباشرة سيتولى السيد محمود رياض نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية تسليم الرد لأمريكا على الأسس اللي أنا قلتها وحكتها عليكم لكي تكون واضحة لكم وللشعب.

بناء الدولة
          أنتقل إلى النقطة الثانية: النقطة الثانية هي بناء الدولة، وأنا قلت في أول مايو انه جنب الخط البناء العسكري، وجنب العمل السياسي اللي متوازي مع العمل العسكري، واللي ظهرت نتائجه لنا ده واللي كان العمل العسكري وقواتنا دعم كبير له في المرحلة اللي فاتت. قواتنا العسكرية غيرت في العمل السياسي وخلت العمل السياسي يحسوا به ويحسوا بنا ويفهمونا أكثر. جنب ده انا باقول فيه خط أساسي لا يجب أن نهمله بل يجب أن نسير فيه تماماً بالتوازي مع الخطوط الاثنين، مع المعركة، مع العمل السياسي النشط في كل الجبهات لابد أن يسير بناء الدولة الحديثة على العلم والإيمان في نفس الوقت وبنفس القوة اللي إحنا ماشيين فيها على الخطين الاثنين دول.

          أنا بأعتبر بناء الدولة خدمة للمعركة وتدعيم للمعركة. لما نيجي عن بناء نتكلم عن بناء الدولة، لابد نأخذ في حسابنا كل ما وقع في الماضي، سواء قبل 67 أو بعد 67 أو يوم 14 مايو. عايزين نبني المجتمع الجديد اللي إحنا نريده لنفسنا. مجتمع الحرية مجتمع الكرامة، مجتمع يحس فيه كل فرد بالأمن والطمأنينة على يومه وعلى غده وعلى أبنائه من بعده، أما نيجي نبني هذا المجتمع في تقدير لابد أن يكون المدخل الصحيح له هو عمل الدستور الدائم. وقبل ما أقول وأشرح لكم رأي في هذا عايز أقول أنه يجب أن يكون دستورنا مستمد من واقعنا، ومن ترابنا من هنا. إحنا عندنا تجربة بقالها 19 سنة ثورة 23 يوليه ومرت بتجارب ومحن وأزمات وخرجت منها منتصرة قوية بفضل صلابة الشعب. عندنا تقاليد مبنية عبر آلاف السنين. عندنا فوق كل شئ وقبل كل شئ رسالة الإيمان.

علمتنا التقاليد
          تعلمنا أنه لو أراد البشر كلهم أن يصيبوا أي فرد بشئ لا يريده له الله لا يصيبوه به أبداً. تعلمنا رسالة الإيمان أن أرضنا طيبة وطاهرة، وأنها تستحق من أن إحنا نحبها ونقدسها وندافع عنها ونتفانى فيها .. أتعلمنا أيضاً أنه يحتاج العالم النهاردة درجات تحت اسم العلم جرفت الشعوب إلى مادية رهيبة تهاوت فيها القيم وضاعت فيها الأخلاق، إحنا ما نقدرش نعيش من غير قيم ولا أخلاق، لأن الإيمان في ديننا. عايز وإحنا بنحط الدستور وانتو اللي حاكلفكم بوضع الدستور زي ما حاقول لكم دلوقتي ـ عايز وإحنا بنحط الدستور نرجع للقرية أصلنا ونعرف إن فيه عيب، لأن في القرية هناك علمونا ونشأنا أن فيه حاجة اسمها العيب، نعرف أن فيه حدود لكل شئ ما هياش سايبة. مش كل شئ سايب. إحنا نعرف كلنا لما تبقى العيلة في القرية رب العيلة فيها راجل حازم تبقى العيلة محترمة في القرية وبنعرف كمان أن القرية كلها بتبقى روح واحدة لما بيحصل ميتم ممكن يأجلوا الفرح علشان ما يسمعوش الزغاريد. وبنعرف أن يوم ما بيحتاج واحد علشان بحرت أرضه بيقوم زميله يروح يودي بهايمه ومحراته ويروح يشتغل وياه ويساعده عايز الدستور يتفصل على كده، مش بالقرية .. لا .. أنا عايزه ينفصل علشان مصر كلها تبقى قرية واحدة في هذا الشان ما فيش مكان لا للعيب ولا للتسيب في القيم والوفاء لازم للوفاء. كل من يؤدي لهذا البلد خدمة ترد له بوفاه وكل من يسيئ إلى هذا البلد لأنه عامل!!

أملنا في الدستور
          أقول لكم عن نظرتي أو أملي باعتبار أنه قبل ما أمشي من هنا من جلستكم حا أبعث لكم التكليف بأن تقوموا بعمل الدستور الدائم للجمهورية فقط حاأضمها في في مكتبكم عند السيد رئيس المجلس علشان نكون تحت نظركم وانتوا بتضعوا الدستور. وبأضعها أمامكم كمواطن بيقول رأيه. انتوا لازم تستفيدوا بكل كفاءات في البلد من الجامعات ومن كل الفئات وانتوا بتحطوا صورة مستقبلنا اللي إحنا عايزينه في الدستور اللي جاي عايز ينص الدستور على تحقيق وتأكيد الانتماء المصري إلى الأمة العربية. عاوز ينص الدستور على حماية كل المكتسبات الاشتراكية وتدعيمها وخلق الظروف الملائمة لتوسيع نطاقها بما في ذلك النسبة المقررة من الميثاق للفلاحين والعمال في مجلس الشعب وفي المجالس الشعبية المنتخبة على مختلف المستويات 50% على الأقل. عاوز ينص الدستور على الصلة الوثيقة بين الحرية الاجتماعية والحرية السياسية. إن ماكانش الإنسان أمن على رغيف عيشه يبقى حيكون عنده حرية سياسية أزاي يجب أن يؤكد الدستور على أن الشرعية الاشتراكية هي أساس كل العلاقات بالمجتمع، وفي الدولة، وأن الدولة تخضع للقانون كما يخضع له الأفراد. ويجب ألاّ يكون هناك قرار أو إجراء مهما كانت السلطة المصدرة له بمنأى عن رقابة القضاء. عاوز الدستور ينظم الانتماء الشعبي بما يكفل أن يكون للشعب دائماً هو حامي ثورة وقيمه وأخلاقياته واشتراكيته.

محلفون للقضاء
          درس 15 مايو مش هاننساه أبداً الشعب كله هو الحامي وهو المدافع وهو اللي وقف وهو اللي أصلح وهو اللي صحح في 15 مايو. عايز الدستور ينص على أن القانون يكفل الحق واحد أن يلجأ للقضاء، وإذا ماكنش عنده فلوس لابد أن تتحمل الدولة هذا وتخليه يروح القضاء على حسابها. عاوز الدستور يعمل على أن يشترك الشعب في دائرة العدالة عن طريق المحلفين بما يكفل ديموقراطية القضاء. في كل مكان يبقى محلفين من أهل المكان يساعدوا القضاء ويساعدوا القاضي وبينوروه ويحطوا قدامه الظروف. وحكم الشعب وياه يضمن الدستور للشعب أن يكون هو السيد والأمر بحيث تكون رقابة حركة مستمرة على كل مؤسسات الحكم، وأن يرجع إليه في كل المسائل الهامة التي تمس مصالحه ومصالح العمل الاشتراكي كله عن طريق الاستفتاء الشعبي.

          زي ما حصل وزي ما حكيت لكم في خطاب الجمعة اللي فاتت لازم يبقى مبدأ حننوه ليه. كل ما تجرى حاجة تعالوا نحطها أمام الشعب وأحكم يا شعب على طول والشعب هو الحق والشعب بفطرته وأصالته بيعرف كل حاجة وبيميز كل حاجة. ومن زمان كان حاكم على الناس اللي حاولوا يحرقوا السيارات زمان كان حاكم عليهم. يجب أن يتضمن الدستور أن تنبع كل السلطة من الشعب ممثلاً في مجلسه المنتخب انتخاباً حراً ومباشراً، ومن المجالس المنتخبة على كل المستويات. ومن هنا يجب أن تتأكد سلطة مجلس الشعب. ماهو اتغير اسمكم وبقى مجلس الشعب. وأن تتسع دائرة رقابة على أعمال الحكومة والمؤسسات والهيئات العامة وأن يتحدد دوره في متابعة الخطة العامة للبناء السياسي وللتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأن هذا يقتضي أن يكفل الدستور لمجلس الشعب كل الضمانات بما فيها عدم حله خلال مدته الدستورية إلاّ في حالة الضرورة.

لا يحل المجلس إلاّ باستفتاء شعبي في حالة الضرورة .. أما قرار الحل كده مباشره .. لا.

سلطة الشعب
          أن ينص في الدستور على أن تباشر مسؤوليات الحكم بواسطة مؤسسات محددة الاختصاص، واضحة المعالم، وعلى أن ترتبط السلطة بالمسؤولية .. وأن تتحدد هذه المسؤولية تحديداً واضحاً وصريحاً لتأتى لقوى الشعب العاملة محاسبة كل مسؤول عن مسؤوليته. رئيس الجمهورية هو الحاكم الذي يختاره الشعب، سيتلقى الأمر من الشعب .. ويستمد الإرادة من الشعب .. وعليه حماية هذا الأمر وهذه الإرادة، وليس له من سلطة في الدستور إلاّ ما يكفل لإرادة الشعب أن تكون هي العليا باستمرار، وهو يتابع حركة مؤسسات الدولة والمؤسسات السياسية ليتأكد دوماً أنها في خدمة الشعب، مستجيبة لإرادته محققة لأهدافه.

          عايز ينص الدستور على حد زمني معين لتولي الوظائف السياسية والتنفيذية الكبرى، وذلك ضماناً للتجدد والتجديد باستمرار. بأبدأ بنفسي. أن أجدد، بأبدأ بنفسي في المرحلة اللي جاية عاوزين اللي يتكلم اللي يثبت ولاءه للشعب، يثبته بالفعل وليس بالكلام أو بالخطب، أنا بأقول مش حاجدد .. وعايزكم أنتم تتمسكوا بهذا علشان تجددوا الدم باستمرار في كل المناصب من أكبر منصب لأصغر منصب، عاوز يؤكد الدستور دور القطاع العام والقطاع التعاوني وكل الضمانات للقطاع الخاص للمشاركة في إطار الخطة .. وإحنا عندنا ثلاث ملكيات، ملكية القطاع العام .. الملكية التعاونية .. والملكية الخاصة .. ولازم ينص الدستور على حمايتهم وضمانة كل واحدة منهم تماماً، عاوز يؤكد الدستور مبدأ العمل الواحد للفرد الواحد.

لن أجدد
          أنا عن نفسي ابتداء من أول يوليه اللي جاي وبأعلنها كل من يشغل أكثر من منصب يجهز نفسه من أول يوليه اللي جاي مافيش غير منصب واحد لراجل واحد .. وعاوز يقرر الدستور حق كل مواطن يعيش على أرض هذا الوطن في تأمين معاشه في حالة عجزه عن العمل وذلك بتوسيع نطاق التأمينات الاجتماعية .. أنا هنا في الهيئة البرلمانية قلت لكم إن أنا أعلنت في سيدنا الحسين أنه لن تمضي سنة إنشاء الله إلاّ ويكون معاش لكل مواطن. بس قصاد دي أنا عاوز كل مواطن يبذل كل طاقته وكل إمكانياته في عمله. ووعدتكم أن كل بترول يطلع نصه نبني به والربع نبني به المصانع علشان عشرات الألوف من أولادنا وعمالنا ومهندسينا .. والربع بنسدد به ديوننا والربع يخش في صندوق التأمينات علشان ما يحتاجش مواطن ولا ينذلش مواطن أبداً في شيخوخته .. أن يؤكد الدستور على أهمية الحركة النقابية العمالية في دفع التطور باعتبار دور العمال الطليعي في تحالف قوى الشعب العاملة .. أن يكلف الدستور النقابات والمنظمات المختلفة، بوضع ميثاق شرف ينظم أداه أعمالها ويؤكد أخلاقيات مجتمعنا الجديد .. وعايز هنا أفسر شئ، لو تذكروا أيام ما كنت أنا في الترشيح وبتزروني الوفود قبل انتخابي كرئيس، ويزروني في فترة الترشيح، وزاروني الصحفيين .. وقلت لهم أنا في رأسي أمل كبير أنه لازم نعمل ميثاق شرف للصحافة .. أنا هدفي إية من هذا.

مواثيق الشرف
          أنا عايز أنص عليه في الدستور ده في الصحافة وفي الأطباء وفي المحامين وفي كل النقابات .. عايز أنص على ميثاق الشرف ده. مش حيكون من الحكومة ده أنا عايزه من أصحاب المهنة ذاتهم ميثاق الشرف يتعمل وهمه اللي يأخذوا الجزاء .. بمعنى أن الطبيب اللي يرتكب شئ ضد شرف المهنة همه نفسهم اللي يجازوه. الصحفي اللي يلجأ إلى التشهير أن خلاص وقفت حكاية الأشرطة والفضائح عن طريق الأشرطة، لكن مانيش عايز الصحافة بكرة تستقل علشان فضائح وحرب أعصاب وحرب أعصاب وابتزاز ومعارك تشهير فيها. لا .. لازم يقوم زي ما قلت لكم على أخلاقنا اللي أخذناها من القرية .. العيب نعرف العيب. ونعامل كل إنسان بعمله. أنا مابحبش، وجل من لا يخطئ وجل اللي ما عندوش أخطاء، إحنا بشر .. يقوم يجي راجل يخطئ في حياة خاصة له، نيجي مدخلينها في الحياة العامة وبقى مجتمعنا مجتمع تشهير، ومجتمع أشرطة تاني ومسك، مسائل ناس يمسكوا حاجات على ناس .. للأسف، الولد اللي جه بلغني عن الأشرطة وقلت لكم عليه، زارني امبارح وهو بيبكي وبيقول لي في مسائل في الأشرطة صحيح تمس مصلحة الدولة ودي في كل الدول موجوده اللي تمس مصلحة الدولة ماشية وموجودة وبتبقى بأمر قاضي .. قال لي إنما أنا باستحلفك بسرعة تيجي تحرق لأن فيه حاجات ستهدم بيوت في هذا البلد. هل دي أخلاق القرية عندنا يا رجالة؟ نمسك ذلة ونذل الناس ونستغل الناس وتقول له أنا ماسك لك، وطلع المتآمرين كل واحد فيهم ماسك على التاني: أيه ده علشان كده لازم دستورنا ينص على ميثاق أخلاقي ويقال كدة باب الحريات والأخلاق في الدستور .. حد حايسأل ويقول الله!! طيب أنا أتكلمت على مجلس الأمة وعلى الدستور وما تكلمش على الاتحاد الاشتراكي، ده ناوي يلغي الاتحاد الاشتراكي زي ما بيقول .. لا إحنا أرتضينا صيغة تحالف قوي الشعب العاملة داخل الاتحاد الاشتراكي، كالصيغة اللي حقيقة توصل إليها زعيمنا جمال الله يرحمه كأروع صيغة نمارس الديموقراطية من خلالها .. ولازم نتمسك به .. ولازم نتمسك في بناءه أن يكون نظيف، ومؤسسات نظيفة .. وكل مؤسسة عارفة حدودها في قانون الاتحاد الاشتراكي.

          أكثر من هذا كل اللي جرى ده وكل اللي بينكشف لي كل يوم العملية كانت زي ما جاءتني آخر التحقيقات بدون التعرض للتحقيقات اللي بيجربها النائب العام إنما ده الخط السياسي اللي أنا بيجيني كان مطلوب أن يتحقق إنهيار دستوري في البلد وبعدين اللي كانوا بيقولوا عليه التنظيم السري يقوم يروح طالع وعامل حالة فوضى وبعديه تروح البلد.

          كل يوم بتكشف وقائع أنا مذهول لها حقيقة. علشان كده أنا طلبت من السيد وزير العدل أن النائب العام يجي هنا ليكم بعد ما يخلص أمام مجلس الشعب ويقرأ لكم التحقيق كله ويطلعكم على الحقائق كلها.

صورة مفزعة
          بعد كده لازم نسجل كل ده ونشيلة كسجل في الاتحاد الاشتراكي علشان كل مؤسسة تعرف حدودها وتعرف أية اللي جرى، ونتجنب الوقوع في أخطاء من دي تاني، ويبقى تاريخ محطوط عندنا في الاتحاد وتبقى تجربة مرت ويعلم كل إنسان إن مفيش حد كبير أبداً على المؤاخذة ولا يفلت من العقاب إذا أخطأ.

          كانت صورة مفزعة لكن زي ما قلت لكم تركتها دلوقت لأن النائب العام وزارة العدل والنائب العام قايمين بكل شئ ولديهم كل شئ والمذهل أن الصور راحوا المخابرات العامة لقوها مكتملة لأن زي ما قلت لكم مخولين بعض واحد مجهزها علشان يشلها احتياطي عنده ما بعد ما تنجح يشيلها علشان الباقيين قاموا لقوا الحكاية كاملة كلها.

          يتبقى موضوع والله لأنه في الفترة الأخيرة سمعنا بقى نداء الناصرية وحماه الاشتراكية. أنا قلت هنا في أول كلامي المسيرة ماشية وخط عبدالناصر ماشي. وقلت لكم في أول كلامي إنكم صححتم حاجة عبدالناصر كان شايلها علشان يصححها. صححتم أنتم الجزء الأول منها.

          قصة التصحيح دي أية. لما حصلت الانتخابات من القاعدة للقمة حصل فيها أخطاء كلكم عارفينها، مش في حاجة أن أقولها لكم، شعبنا بره الصلب عارفها كويس لأنه شايفها بعينه، دونها الزمن وقرر أنه لابد من تصحيحها بس لأن المعركة والبناء العسكري وحرب الاستنزاف داخلين عليها كنا في 69 قال بتيجي مرحلتها إنما لابد من تصحيح كل هذا.

خزانة الرئيس
          كان فيه عند الريس في البيت خزنة شايل فيها نوته وأوراقه، وكان الله يرحمه نوته جنبه دائماً بجنب السرير ساعات يصحى في الليل ويجي له خاطر يكتبه جنب السرير. فالنوت دي كلها موجودة. إنما بعض اللي متعلق بتصحيح اللي وقع نوتين كانوا في الخزنة. الباقي كان هو بس اللي أنا عارف اللي فيهم اللي تحت واللي فوق. في يوم وبعد الأربعين بتاع الريس الله يرحمه بيومين ثلاثة فوجئت بتليفون هدى بنت الرئيس جمال. ما هما ولادي كلهم كانوا مربيهم وهم صغيرين. هدى بنتي ضربت لي تيلفون وقالت لي أنا عايزة أجيلك يا عمي أنا وخالد دلوقتي أهه. وكانت الساعة عشرة ونصف مساء. استغربت تعالوا يا ولادي .. تعالوا على طول.

          إحنا بعد الأربعين الحقيقة وأنا كنت رافض أفتح الخزنة لأنه يعني برضه نفسياً أنا كنت حتى في شارع الخليفة المأمون باتجنب المرور فيه لأن أنا كان لسه مش قادر أصدق. صعب كان على قوي. وزمالة كنا من 19 سنة وإحنا أخوان وأكثر من أخوان. فبعد الأربعين حكموا رأيهم إننا نفتح الخزنة، لأن الخزنة دي زي ما هية غالية على السيدة حرمه وأولاده، وقال لهم يا أولادي الخزنة دي بتاعة الدولة والأوراق اللي فيها بتاعة الدولة. فجم الأولاد لحوا على يا عمي تعال نفتح الخزنة رحنا فتحنا وعايناها، بصيت عليها بصة كدة حتى لقيت الطبنجة فيها اللي استعملها جمال يوم 23 يوليه لكن الخزنة ملك الدولة الحقيقة. قلت له لا يا بني دي طبنجة وماكنوش عرفين أيه الطبنجة دي لقوها طراز كدة مختلف وبيسألوني الولاد. قلت لهم يا ولادي دي اللي كان أبوكم شايلها يوم 23 يوليه. يا خالد الكبير خدها يا أبني من الدولة هدية لك لأن دي تذكار اللي أبوك خرج به يوم 23 يوليه علشان يعمل الثورة .. واديته الطبنجة. أما بقية الخزنة فقلت لهم ياولادي الأوراق الخاصة بتاعة الرئيس فيها أوراق خاصة وأوراق دولة. في هذا الوقت هدى كانت بتشتغل سكرتيرة للرئيس بتساعدة فوق في البيت لأنه كان أغلب الوقت جسمانياً كان تعبان. فكانت هدى بتساعده. قلت لهم يا أولادي الخزنة دي دلوقت فيها ورق رسمي وفيها ورق خصوصي، وأنا ما عنديش وقت حتى أنا مستأمنك يا هدى أنت وخالد اقعدوا يا ولادي أفرزوا الورق وأنت كنت سكرتيرته الورق الخصوصي احجزوه، مش عايز أشوفه والورق الرسمي بتاع الدولة حطيه لي في شنطة وابعتيه لي قالوا لي حاضر يا عمي. ده كان بعد الأربعين أنا عملتها وأنا بأتقطع الحقيقة أيامها.

من فتحها
بعدها باقول لكم باسبوع كده، جيت بتضرب لي تليفون هدي وبتقول لي أنا عايزه أجي أنا وخالد دلوقت اهه الساعة عشرة ونص مساء. خير يا بنتي تعالي يا بنتي، قالت لي أنا نزلت زي إنت ما قلت أنا وخالد نفتح الخزنة علشان نطلع الورق ونفرزه وأخد الأوراق الخصوصية والباقي أبعته لك وجدت الخزنة في غير الوضع اللي أنت شفتها فيه والخزنة وهي الخزنة دي في مكتب جمال عبدالناصر في بيته. بتذكريني بنتي هدى بتقول لي أنت قلت لي يومها، فقلت لها الموضوع ده لو صح يخليني أغير حساباتي كلها وده حصل فعلاً. مين اللي عنده المفاتيح، الخزنة لها مفتاحين مفتاح كان عند السيدة حرم الرئيس ومفتاح كان عند محمد أحمد وزير شؤون رئاسة الجمهورية. ولازم الخزنة تنفتح بمفتاحين ويوم ما فتحناها. جبت محمد وجبت سامي ووقفنا فتحناها. السيدة حرم الرئيس جابت المفتاح وفتحنا وقعدنا، يعني المفتحين عملوهم وفتحناها بدون المفتاحين دول فيه قفل لها لو حد حب يفتحها من غير عملية حسابية عايزة سبعة مليون عملية حسابية إلكترونية ماحدش يقدر يفتحها. فلما جاتلي قالت لي كده هدى. قلت لها طيب وعملتوا أيه يا ولاد، قالوا قفلنا وجينا نقول لك وعايزين نبلغ النائب العمومي قلت لهم يا ولادي ده مش انتم اللي تبلغوا دي الخزنة بتاعة الدولة ده أنا اللي أبلغ. تاني يوم الصبح ندهت لمحمد أحمد وسامي شرف ورحت بيت الرئيس وكانت السيدة حرم الرئيس موجودة وهدي موجودة وحاتم وخالد، فتحنا الخزنة وكان موجود محمد أحمد وسامي شريف، فتحنا الخزنة ولأول وهلة سألتني هدى سؤال، الورق اللي فوق الرف الفوقاني ده يا عمي وأنت شفته الدور اللي فات كان كده، قلت لها لا يابنتي إطلاقاً يستحيل طريقة جمال طول عمره مرتب ولما فتحنا الخزنة بعد الأربعين كان كل شئ مرتب فوق بعضه وبنظام هو طول عمره كان كده. المرة دي باين عملية. استدعيت النائب العمومي وأنا في بيت الرئيس وببلاغ من رئيس الجمهورية اللي هو أنا، والسيدة هدى وخالد أبلغنا النائب العمومي يحقق. اثنين اللي بيفتحوا الخزنة. فسامي قال الرئيس أمرني في سبتمبر الماضي أن افتحها وأرتبها ورتبتها. محمد عنده مفتاح واحد والمفتاح التاني فوق عند الهانم، لكن انفتحت مرة واترتبت جه النائب العمومي حقق ببلاغ مني أنا رئيس الجمهورية لأن الخزنة دي ملك الدولة ماهيش ملك عبدالناصر. حاططها وقايل ومنبه على الكل وهو كان دقيق طول عمره في كل حاجة.

لماذا فتحها؟
          سألت النائب العمومي عن التحقيق قال مفيش حاجة أبداً الخزنة دي كان فيها اللي كان مطلوب من الخزنة دي كانت حاجة واحدة بس زي ما قلت لكم أنا عارف الورق كله وكل شئ كنت على بينة منه خصوصاً في السنة الأخيرة، ما كنش فيه شئ خافي على الدولة خالص. كان فيها المخالفات اللي تمت في الانتخابات واللي كان مصر على تصحيحها والمسؤولين قمتوا فاجئتوني أنتم تاني يوم ورحتو مصححين الجزء بتاعكم هنا. باقي علينا والشعب برة تصحح الجزء الثاني وهو إعادة بناء الاتحاد الاشتراكي من القاعدة إلى القمة. بانتخاب حر وباللي عايزهم الشعب مش اللي جابوهم وهو عارفين نفسهم اللي جابوهم عارفين نفسهم.

          أنا بأحكي الواقعة دي علشان تستنتجوا منها ما تستنتجوه إنما علشان أقول لكم أنه رداء الناصرية ورداء الاشتراكية، الكلام دا كله حتى لم تسلم خزنة عبدالناصر في الأربعين يوم الأول من وفاته. انتهى كل هذا لنترك هذا ورائنا تماماً وزي ما حكيت لكم صححتم الجزء الأول اللي كان عايز يصلحوا جمال عبدالناصر، وخليكو صاحيين فيما بينكم. اليوم قبل ما اخرج من مجلسكم من هنا هاأمضي في الصالون قراراً بإعادة بناء الاتحاد الاشتراكي من القاعدة إلى القمة على أن يجتمع المؤتمر القومي إن شاء الله يوم 23 يوليه وعلى أن يقوم مجلس الشعب ـ اللي هو انتم ـ بمهام اللجنة المركزية وانتخاب اللجنة المركزية المقبلة. لازم تبني وتبني عسكرياً. ونكافح سياسياً ونبني بلادنا من الداخل ونبني أجهزتنا السياسية على تقاليد راسخة متينة. وتجارب الماضي نخليها قدامنا عبرة لكل واحد ونتطلع إلى المستقبل. وزي ما قلت لكم كل الشعب في الأمل بإذن الله سننتصر مهما كانت التضحيات. بإذن الله حاتخلصوا الدستور الدائم وحاتقدموا للشعب للاستفتاء بكل ما نحلم به من أماني وضمانات وحماية. بكل آمالنا في مستقبلنا ماحدش أبداً حايعارضكم في شئ. حطوا كل الضمانات حطوا كل الأمن والطمانينة عايزين نخش معركتنا نبني وإحنا أمل وبنضحك. بنحارب ونموت وإحنا بالأمل وبنضحك بنعمل بنبني بناء اقتصادي، وإحنا مليانين أمل وبنبتسم. عايز حياتتنا كلها أمل وعمل وإيمان. ربنا يوفقكم والسلام عليكم.

----------------


(*) الأهرام اليومي بتاريخ 21 يناير 1971.