إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات أمام مجلس الشعب حول وجوب الاستعداد لنشوب القتال

         كنت أترك كل شيء يسير في مجراه الطبيعي تحت شعار "فلنمارس" . ولم تكن بي خشية من أية ظواهر تبدو على السطح. ولكن ما شعرت به من أسف كان مبعثه إنني حذرت منه في وقت مبكر، بل وكان تحذيري قاطعاً هنا في هذا المجلس الموقر حين التقيت بكم قبل شهور عند افتتاح دورتكم.

         لقد قلت أمامكم بالحرف الواحد:

         إن شعوباً قبلنا واجهت مثل ما نواجه اليوم، وسمعت صيحة النذير تقول لها ليس أمامكم إلا العرق والدم والدموع، والصيحة التي يجب أن تملأ آذاننا نحن اليوم هي أنه ليس أمامنا إلا العرق والدم والأمل. لأنه لم يعد هناك مجال في نضالنا للدموع، فالذي نخوضه اليوم ليس حرباً بالمعنى القديم للحروب، وإنما الذي نخوضه هو صراع الحياة والموت نفسه، ونتيجته ليست مجرد النصر والهزيمة، وانما نتيجته، كم قلت أمام حضراتكم وأمام شعبنا أكثر من مرة، هي: نكون أو لا نكون.

         وقلت أمام حضراتكم بالحرف الواحد:

         إن الخطر كبير من حيث إن العدو الذي يتربص بنا لا يشتبك معنا على نزاع حدود أو مغانم تكون له أو تكون لنا، إنما الصدام على أرضنا لكل ما فيها ومن فيها.

         وقلت أيضاً:

         ولكن الخطر على جسامته ليس هولا لا يقهر، وانما على العكس من ذلك تماماً فان هزيمته ممكنة ويساعد عليها أن هذا الخطر رغم جسامته مضاد لمنطق الطبيعة، مضاد لمنطق التاريخ.

         واستطردت أمام حضراتكم:

         أي أن الخطر جسيم، ولكن هزيمته ممكنة. وقلت لكم بالحرف الواحد:

         إن هزيمة الخطر ليست معجزة مستحيلة، وانما هي مسألة قابلة للتحقيق عندما يتوافر المناخ الملائم لها، والمناخ الملائم لها هو مناخ الوطنية التي تجعل من كل إنسان كتله حية من أرض وطنه، وتجعل من كل كتله أرض حياة تنبض وتهب وتقاتل.

         وقلت أيضاً: والوطنية بهذا المعنى ليست مجرد نبره حماسية وإنما هي وبهذا المعنى رباط مقدس بين الأرض والإنسان في كل شيء في الحياة، وفي الحرية، وفي الكرامة، وفي الشرف.

<8>