إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



الملحق الرقم (4)

كلمة الرئيس السادات في لقاءه مع رجال الصحافة
والإعلام والفكر يوم 2 يناير 1971

* "الشهور الستة القادمة .. حاسمة"
* السادات يدعو لتعبئة الجبهة الداخلية لمواجهة متطلبات المرحلة القادمة من المعركة
* "لن نلتزم بوقف إطلاق النار ما لم يكن هناك تنفيذ لقرار مجلس الأمن"

* "قواتنا أجرت مناورة بالأسلحة الإلكترونية التي زودنا بها الاتحاد السوفيتي أخيراً"
* السادات يحدد أبعاد المعركة ودود الجبهة الداخلية في لقاء كبير مع رجال الصحافة والإعلام    والفكر
* المعركة ستكون شاملة وسيشارك فيها كل مواطن
* الموقف يرتب علينا مسؤوليات كبيرة في ضوء تطورات المعركة

          أعلن الرئيس أنور السادات أن الشهور الستة القادمة من المعركة المصيرية سوف تكون حاسمة: ودعا إلى تعبئة الجبهة الداخلية لمواجهة متطلبات المرحلة المقبلة من المعركة.

          وأوضح الرئيس أن إستراتيجية الجمهورية العربية تقوم على أساس عدم السماح على الإطلاق بأن يتحول وقف إطلاق النار إلى وقف دائم "ولذلك لن نلتزم بوقف إطلاق النار ما لم يكن هناك تنفيذ لقرار مجلس الأمن".

          وأشار في هذا الصدد إلى أن إستراتيجية العدو التي تؤيده فيها الولايات المتحدة تقوم على أساس عدم تنفيذ قرار مجلس الأمن وجعل وقف إطلاق النار وقفاً دائماً.

          كما أوضح أن تطورات المعركة واحتمالاتها القادمة "توجب علينا مسؤوليات كبيرة، إزاء الحرب الشاملة التي يتعين على كل مواطن أن يشترك فيها من موقعه، ودعا في هذا المجال إلى تعبئة الجبهة الداخلية تماماً مثل حشد القوات المسلحة على خط المواجهة، وأوضح في هذا الصدد عدة حقائق:
* إن قواتنا ضربت في صمودها أروع الأمثلة وأنها تمكنت خلال 3 سنوات ونصف سنة أن تعبر    مرحلة طويلة من الحطام إلى قوة تمكنت من كسب معركة الطيران في النصف الأول من عام    1970.

* أن قواتنا لم تضيع لحظة واحدة من فترة وقف إطلاق النار إلاّ استفادت بها في تعزيز مواقعها    ورفع الروح القتالية.

* إن المصريين هم اللذين يشرفون بأنفسهم على إدارة جميع الأسلحة.

* أن لدى مصر الآن الكوادر اللازمة لجميع أنواع الأسلحة الإلكترونية "وقد أجرت قواتنا مناورة    بالأسلحة الإلكترونية التي زودتنا بها الاتحاد السوفيتي أخيراً".

          وقد ركز الرئيس السادات على هذه الحقائق في لقائه مع 300 من رجال الإعلام والفكر والفن والثقافة، الذي تم في قاعة المسرح بقصر عابدين قبل الظهر.

          وفي هذا اللقاء حدد الرئيس أبعاد المعركة ودور الجبهة الداخلية فيها، كما تناول بالتحليل التطورات التي حدثت منذ يونيه عام 1969، ومهمة بناء القوات المسلحة التي تكفل بها القائد جمال عبدالناصر منذ يوم 11 يونيه في أعقاب وقفة الشعب الذي يصر على رفض الهزيمة ويصر على بقاء الزعيم في موقعه.

          ومنذ بداية أحداث عام 1967، عسكرياً وسياسياً، انتقل الرئيس من مرحلة إلى أخرى يلقي الأضواء على معناها ومغزى الأحداث التي تخللتها ورد على الأسئلة المتعلقة بها. وكان للصحافة والفن نصيب كبير في حديثة.

          وكان الرئيس قد وصل إلى قصر عابدين في الساعة الحادية عشرة قبل الظهر لحضور الاجتماع وقصد إلى القاعة التي عقد فيها اللقاء وجلس معه على المنضدة الرئيسية حسين الشافعي وعلي صبري نائبا رئيس الجمهورية والدكتور محمود فوزي رئيس مجلس الوزراء والعميد عبدالمحسن أبوالكور الأمين العام للاتحاد للاشتراكي العربي.

          التقي الرئيس أنور السادات برجال الصحافة والإعلام والفكر قبل ظهر أمس ضمن سلسلة لقاءاته التي تستهدف شرح تطورات المعركة والاحتمالات المتوقعة فيها. وعلى مدى ساعتين كاملتين، شرح الرئيس أبعاد المعركة ودور الجبهة الداخلية فيها.

          وقد حضر اللقاء السادة محمود رياض وشعراوي جمعة نائبا رئيس الوزراء ومحمد فائق وزير الإعلام وسامي شرف وزير شؤون رئاسة الجمهورية وحافظ بدوي وزير الشؤون الاجتماعية وأمين لجنة المواطنين من أجل المعركة وبدر الدين أبو غازي وزير الثقافة وعبدالحميد فريد أمين الاتحاد الاشتراكي كما حضره 300 من ممثلي الصحافة والإذاعة والتلفزيون والأدباء والفنانين.

          بدأ الرئيس السادات هذا اللقاء بالإشارة إلى أن آخر لقاءاته له مع رجال الإعلام قد عقد في بداية عام 70 ضمن سلسلة اللقاءات التي بدأت وقال لقد كنت حريصا منذ ذلك الوقت على أن تكون هذه الاجتماعات دورية باعتبارنا في معركة، وبحكم التطورات اليومية بل وكل ساعة وهي تحتاج إلى أن نلتقي من حين لآخر لتقييم الموقف.

وأضاف قائلاً: أنه يريد أن يتحدث اليوم في جملة نقاط .. وهي:
1. الموقف العام وتقيمه.
2. الصحافة.
3. الإذاعة والتليفزيون
4. الكتاب والمؤلفون.
5. الفن بصفة عامة.

          واستعرض الرئيس الموقف العام منذ يونيه 67. وقال أننا نريد أن تربط المعركة مع بعضها .. وتربط تحركنا  كله منذ عام 67 حتى اليوم لأنها كلها موافق مرتبطة ببعضها.

          في 6 و10 يونيه 67 خرج الشعب رغم قسوة الهزيمة والمرارة والمهانة التي كنا فيها .. خرج الشعب برغم هذا كله وصمم على أن يكمل المعركة. وفرض على جمال أن يبقى في مكانه ليقود المعركة ولا يستسلم أبداً .. ودخلنا بعد 67 في مراحل كثيرة. وكما سبق أن قلت ـ كان أمام الرئيس واجبان أساسيان

الأول:

هو إعادة بناء القوات المسلحة.

الثاني:

هو إعادة البناء السياسي من الآلف إلى الياء على ضوء ما جد بعد 5 يونيه .. وكما قلت ـ بدأ جمال بالبناء العسكري، وعقد أول اجتماع مساء يوم 11 يونيه لوضع جدول زمني لإعادة بناء القوات المسلحة حضره الفريق أول محمد فوزي والمرحوم الفريق عبدالمنعم رياض وسار الجدول الزمني على النحو الذي خُطط له .. بل كان الإنجاز باستمرار سابقاً للجدول الزمني إلى الآن.

توقعات عبدالناصر
          وانتقل الرئيس إلى الحديث عن نهاية عام 69 .. وقال إن الرئيس جمال عبدالناصر، رحمه الله، عقد اجتماعاً مع السياسيين والعسكريين في أوائل ديسمبر 69 لإعادة تقييم الموقف بالنسبة لعام 70 .. وانتهى الاجتماع في تقدير الموقف إلى حقيقة كان له الفضل فيها .. حيث علل أنه في الستة أشهر الأولى من عام 70 سيستخدم العدو تفوقه في الطيران لحسم المعركة.

          ومضى يقول:
          إن الرئيس عبدالناصر سافر إلى الرياض في 30 سبتمبر .. وفي 25 ديسمبر 69، بدأ اول تحرك إسرائيلي مدعم من أمريكا لحسم المعركة عن طريق تفوق الطيران .. وهاجمنا في هذا اليوم 364 طائرة في حين أم طائرات إسرائيل التي هاجمتنا في 5 يونيه لم تكن تزيد على 220 طائرة .. واستمر عدوان إسرائيل أكثر من ثماني ساعات من 8 صباحاً حتى الرابعة والنصف بعد الظهر مع آخر ضوء. وقذفوا بآلاف الأطنان من القنابل الزمنية وغير الزمنية على مواقعنا على الخط الأول على القناة مباشرة.

          وفي عام 1970، انتقل العدو إلى المرحلة الثانية ونقلوا المعركة من الخط الأول إلى الخط الثاني في الداخل، كان هدف إسرائيل هو الانتقال من خط لآخر في سبيل أن يجعلوا من سياستنا سياسة مكتوفة حتى تكون لهم السيطرة كاملة يتحكمون كيف شاءوا ويفرضون الحل الذي يريدونه والذي لم يستطيعوا أن يفرضوه أو يلحقوه بهزيمة 5 يونيه 67.

          ولهذا السبب كانت إستراتيجية العدو عام 70 على ضرب الجبهة الداخلية لكسر الروح المعنوية للشعب .. وهذه قالها بارليف مرتين .. حين قال "لابد وأن تحطم مقاومة الشعوب العربية من الداخل حتى نستطيع أن نحقق الأهداف السياسية لحرب 67.

          وقد رد القائد الخالد جمال عبدالناصر، على هذا الكلام حينما كان في الخرطوم يحضر احتفالات استقلال السودان في يناير الماضي.

ازدياد صلابة الشعب
          
وعاد الرئيس جمال عبدالناصر في يناير 70 والعدو قد ضرب الخط الأول .. ثم الخط الثاني في التل الكبير وأنشاص ودهشور ووادي حوف حلوان ـ ـ وبدأت عملية حرب نفسية مع الغارات تصاحب الضرب .. كانوا يقولون أن سماء مصر مفتوحة وانهم ضربوا على بعد 10 كيلومترات من القاهرة .. كانت عملية ضغط نفسي شديد ولا يعود هناك سبيل إلاّ التسليم.

          واستمر الحال على هذا النحو حتى حدثت الغارة على أبوزعبل .. ولم تؤثر الغارات على الخط الأول والخط الثاني على معنويات الشعب .. ولقد قصد العدو من غارة أبوزعبل أحداث خسائر جسيمة في غارة واحدة على المصنع لعله يضرب الروح المعنوية للشعب من الداخل .. وبذلك يستطيعون أن يحققوا أهدافهم التي تمكنهم تحقيقها بهزيمتنا في يونيه 67 .. وكان لغارة أبوزعبل أثر عكسي حيث زادت من عناد الشعب وصلابته وكراهيته .. وزادت من صلابة الجبهة الداخلية على عكس ما أراد العدو.

          وقال الرئيس أن إسرائيل لجأت إلى أمريكا عندما أتضح لها عدم جدوى هذه الغارات .. وفي 3 فبراير 70 بعثت لنا أمريكا نصيحة على شكل إنذار لوقف حرب الاستنزاف والعودة لوقف إطلاق النار وإلاّ فإن إسرائيل ستستمر في غارات العمق وضرب المنشآت والمرافق الحيوية ولن تستطيع ـ أي أمريكا ـ أنت تعمل شيئاً لوقفها.

          كان هذا الإنذار في ثوب نصيحة هامة ـ وقف إطلاق النار الدائم ـ وإما استمرار ضرب العمق ومنشآتنا الحيوية.

          وأشار إلى أن الرئيس عبدالناصر قام برحلته السرية إلى موسكو في أواخر يناير 70 قبل غارة أبوزعبل وقبل أن يرسل الأمريكان إنذارهم .. واتفق الرئيس عبدالناصر مع السوفيت على الصواريخ الجديدة من أجل الدفاع في عمق الجمهورية.

أرواح الأعمال وأعظم الإنجازات
          ووصف الرئيس السادات رحلة الرئيس جمال عبد الناصر بأنها كانت في أمجد الأعمال السياسية للرئيس الراحل وقال أنه عندما تذاع التفاصيل في الوقت المناسب ـ يتضح أنها من أروع ضرباته السياسية.

          وقال الرئيس السادات أنه بعد عودة الرئيس عبدالناصر من موسكو طوال 40 يوماً امتدت إلى 15 مارس 1970 ظهرت معجزة أخرى من معجزات شعبنا .. وأقيمت مواقع الصواريخ الجديدة في العمق كان ينفق عليها بمعدل مليون جنية يومياً .. وتم إقامة الصواريخ في أقصر وقت ممكن حتى لا تعطي للعدو التصرف في سمائنا .. وفعلاً في 15 مارس كانت الصواريخ في مواقعها بالتدريج وتوقفت غارات العمق . وبدأ العدو يعيد حساباته مرة أخرى فوجد خسارته من غارات العمق جسيمة .. وجد العدو أن الشعب في الجبهة الداخلية بدلاً من أن يصاب بشرخ أو انهيار .. حدث العكس و كانت نتيجة تدعيم صلابة الجبهة الداخلية وزيادة الكراهية لدى الشعب.

          أعاد العدو حساباته مرة أخرى وحدث ما توقعناه وتحقق .. وكان التصعيد الثالث وضربوا أبوزعبل وبحر البقر ووصلوا قرب القاهرة وكانوا مستعدين يكملوا ...

          واستطعنا أن ننقل تركيز العدو الأمامي على القناة واستطعنا في النصف الأول من عام 70 أن نكسب معركة الطيران.

          وشبه الرئيس السادات هذه المعركة بمعركة إنجلترا التي أراد فيها هتلر أن يحسم الموقف بضرب لندن وقال لقد حاولت إسرائيل بالضبط حسم المعركة في يناير بالذات .. وقبل أن يبدوا في استكمال خطتهم كانت مبادرة الرئيس وسفره إلى الاتحاد السوفيتي والإنجاز الكامل من شعبنا بصورة لا تصدق ولا تحدث حتى في دولة أخرى حيث أنجزت الموقع في 40 يوماً وتم إدخال الصواريخ.

بطولات أبنائنا في الجبهة
          وركزت إسرائيل مرة أخرى بعد ذلك على الخط الأمامي وتركوا العمق حيث ركزوا على الخط بغارات تراوح فيها عدد الطائرات بين 60  و80  و120 طائرة في اليوم صعوداً وهبوطاً لمدة تزيد عن شهرين. وبحسبة بسيطة فإنهم كانوا يلقون القنابل يومياً أي رمي بكميات كبيرة بدافع الغيظ .. وبدافع هدم الروح المعنوية.

          وحسبنا ثمن القنابل فوجدناه يتراوح بين نصف مليون ومليون دولار يومياً .. هذا ومن القنابل وحدها بخلاف الطائرات واستهلاكها ونفقات الحرب الأخرى وهذا مالا تقدر عليه سوى دولة كبرى.

          دخلنا هذه المعركة .. وكتب أولادنا على خط القناة أروع بطولات بتصورها عقل في مواجهة كثافة الطيران والغارات التي كانت تستمر 17 ساعة يومياً بين الأربع وعشرين ساعة لقد صمدوا وصمدوا.

          واستطرد الرئيس السادات قائلاً في عيد الفطر الماضي كنت في الجبهة .. وحاولت أن أعبر لهم نيابة عن الشعب كله عن تقديرنا نحن هنا في القاهرة وفي المدن وهم في الخنادق ثلاث سنوات ونصف السنة تحت وابل من آلاف الأطنان من القنابل العادية والزمنية التي تحتاج إلى وقت لإزالة مفعولها .. ولم ينزلوا إلى الخنادق .. لم يترك إنسان موقعه .. بل الأروع من هذا أن رجال الدفاع الجوي لم يتركوا مدافعهم أبداً واستمروا في مواقعهم أمام المدافع .. وكان أروع ما سجل من بطولات أنه بعد أن تنتهي الغارة نجد الجندي محروقاً على مدفعه ... وهو ممسك به لا يتركه إذا احترق المدفع احترق هو معه .. بطولات رائعة ضربها أولادنا في صيف 70.

          وفي أغسطس 70 تم وقف إطلاق النار بعد قبولنا للمبادرة.

          "وكان وقف إطلاق النار فرصة ممتازة لنا لبنا وتدعيم مواقعنا مرة أخرى .. ليس فقط مواقع الصواريخ بل كل المواقع على الجبهة وفرصة لإعادة التنظيم والتدريب ورفع الكفاءة القتالية ولم تضيع قواتنا لحظة واحدة من فترة وقف إطلاق النار الأولى".

          وقال الرئيس: "ثم فوجئنا بأحداث الأردن في سبتمبر عام 70، ووضح بعدها أن الجبهة الشرقية قد انهارت ولقد صور بارليف الموقف فقال أن الجبهة الشرقية تفتتت وأن المقاومة الفلسطينية خرجت من الميدان وحدث في سوريا ما حدث في ذلك الوقت والعراق نفس الشىء وفي مصر مات جمال .. كان بارليف يتحدث في حفل تخرج إحدى الكليات العسكرية وقال لطلبته أن المستقبل مشرق أمامهم .. آمال زائفة".

          "كانت هذه الصورة في أواخر سبتمبر 70".

وفاة المسيرة وأمانة المعركة
          وأضاف أن موت الرئيس جمال عبدالناصر وتركه لمكانه في القيادة بيننا كان صدمة كفيلة بأن تطيح بأي شعب من الشعوب خصوصاً في مثل هذه الظروف، ولكننا نحمد الله أن شعبنا عنيد وأصيل وصلب .. شعب عمره كبير، عمره آلاف السنين .. شعب صمم على استكمال الخط الذي بدأه جمال عبدالناصر وان يكمل المعركة التي عاش ومات فيها جمال.

          ودفعنا الشعب جميعاً وهذا أفضل والشعب الذي رسم لنا الخط الذي سرنا ولازلنا نسير فيه .. وتغلبنا على الجراح الأليمة وكان لابد ان نشعر قواتنا المسلحة ونحس أن الشعب أستوعب الصدمة ويكمل بأمانة ووفاء مسيرة الرجل الذي أفنى عمره ليحقق كل ذلك للشعب.

          وقال الرئيس أن أمريكا انتهزت فرصة وقف إطلاق النار وأحداث الأردن وما بعدها في الأيام السوداء ونحن في مأتم فضغطوا ضغطاً عنيفاً كعادة التجار الذين لا خلق ولا ضمير لهم .. واستطاعت في مرحلة من المراحل أن تقنع العالم بأن القضية هي أن مصر خرقت وقف إطلاق النار وركبت صواريخ وليست قضية إسرائيل واحتلالها للأرض وأن قراراً قد صدر من مجلس الأمن ونسى .. استطاعت أن تصور ذلك للعالم في محاولة للضغط علينا.

          وكانت آمالهم في أن ينهار الوضع في مصر بعد موت جمال عبدالناصر ثم نبدأ الصراعات وندخل في فرعيات .. ولم يخففوا آمالهم .. ولكن شعبنا كان أصلب من كل شئ والفضل الأول والأخير لشعبنا.

الرد على أمريكا
          "كان لا بد من الرد عليهم .. وذهب محمود رياض وخاض معركة ولأول مرة منذ 25 سنة تهزم أمريكا في الأمم المتحدة بقرار بفضيحة ولم يكن أكثر المتسائلين يتصور أننا سنخرج بقرار، ولكن رياض في الواقع بزل مجهوداً جباراً برغم معارضة سبع دول عربية" ...

          "وفي العيد الخامس والعشرين للأمم المتحدة استطاع رياض استصدار قرار بأغلبية ويهزم الولايات المتحدة بل لقد سحبت أمريكا مشروع قرار كانت قد أعدته".

          وكان هدفنا أن نثبت للعالم حقيقة أبعاد القضية .. فالمسألة ليست صواريخ .. وليست وقف إطلاق النار وكان يراد تصويرنا على أننا قد ارتكبنا جريمة في حق السلام".

          ويسأل الرئيس السادات: على حين ندافع عن أرضنا نكون قد ارتكبنا جريمة. ثم قال. ولأول مرة يطلب من مندوب السكرتير العام للأمم المتحدة "يارنج" تقرير لمجلس الأمن عما تم خلال الشهريين.

وكما توقعنا تثبت لإسرائيل في آخر لحظة للاتصال "بيارنج" على آمل المناورة والتصويت ...

الموقف اليوم
          وقال الرئيس أن الموقف اليوم يتلخص فيما يلي:
          بعد ثلاثة أيام لابد أن يقدم "يارنج" تقريره لمجلس الأمن وسيقول بالطبع أن الأطراف اتصلت به لأن اباإيبان بعث إليه يقول إن إسرائيل ستتصل به وسيقول أيضاً أننا والأردن متصلون به.

وبدأت نغمة طلب مد وقف إطلاق النار بدعوى أن تسير الاتصالات في جو هادئ من أجل السلام ولازال هدف وإستراتيجية أمريكا في عام 71 تشكل هدفين:

الأول:

عدم تنفيذ قرار مجلس الأمن الذي ينص على أول كلمة منه على عدم شرعية الاستيلاء على الأراضي بالقوة "يعني الانسحاب".

والثاني:

هو جعل وقف إطلاق النار وقفاً دائماً لأن هذا هو أنسب وضع يمكن أن تعيش فيه أمريكا وإسرائيل ليخلوا القضية في الحرب الباردة وتبقى عشرين سنة أخرى حيث يكون العدو موجوداً بالضفة الشرقية ومن ثم يفقد العالم اهتمامه بالقضية.

استراتيجيتنا لعام 71
          وأضاف الرئيس أن إستراتيجيتنا في عام 1971، وفي الستة أشهر الأولى من هذا العام هي: إلاّ نسمح على الإطلاق بأن يكون وقف إطلاق النار وقفاً دائماً لقد حصلنا على اعتراف من الرأي العام العالمي بأن يتحول وقف إطلاق النار هو وقف مؤقت كما جاء بقرار مجلس الأمن وإلاّ فلن نلتزم بقرار وقف إطلاق النار.

          وهذا ما جعلني أقوم بزيارة قواتنا المسلحة في عيد الفطر وأبلغهم بذلك وهذا الكلام يترتب عليه مسؤوليات كبيرة ولابد أن نكون متيقظين لها.

          وأضاف الرئيس السادات يقول أن الحرب اليوم لم تعد بين جانبين من القوات المسلحة .. بل أصبحت حرباً شاملة .. كل إنسان مشترك فيها .. كل مواطن في الدولة مشترك في الحرب الشاملة وكل إنسان عليه واجبات لابد وان يقوم بها تجاه المعركة التي أصبحت حرباً شاملة.

حشد الجبهة الداخلية
          وأجاب الرئيس السادات بعد ذلك عن الأسئلة التي وجهت إليه فأوضح رداً على سؤال بشأن الجبهة الشرقية أننا نسعى بكل ما نستطيع مع سوريا والأردن والمقاومة على هذا الشأن.

          وبشأن الجبهة الداخلية أكد الرئيس على ضرورة حشد كل القوى وقال أم كل مواطن يجب أن يأخذ مكانه الصحيح على خط المواجهة في الجبهة الداخلية لأن حشد الجبهة الداخلية لا يقل أهمية وخطورة عن حشد قواتنا العسكرية على خط النار وقد حان الوقت الذي نبدأ فيه هذا الحشد .. وعلى كل منا أن يأخذ مكانه الصحيح على الجبهة الداخلية مثلما تأخذ قواتنا المسلحة واجبها على خط المواجهة في ميدان المعركة.

          وأجاب على سؤال عن احتمال قيام إسرائيل بعمل عسكري مفاجئ قبل 5 فبراير فقال إن هذا احتمال قائم ومحسوب في قواتنا المسلحة. فقد تلجأ إسرائيل إلى ما اعتادت أن تسمية بالحرب الوقائية وقد تلجأ إلى ذلك فعلاً في عام 1956.

          ثم أكد الرئيس أن القوات المسلحة جاهزة لمواجهة مثل هذا الموقف ولابد أن تكون الجبهة الداخلية جاهزة أيضاً.

موقف الاتحاد السوفيتي
          ورد الرئيس السادات على سؤال بشأن موقف الاتحاد السوفيتي يقول أن السوفيت أصدقاء شرفاء كما أن الاتحاد السوفيتي يِشَكِّل قوة كبرى من القوتين الكبيرتين في العالم وهو صديق فهو كقوة كبرى لابد أن يعمل للسلام وهو يعمل فعلاً بشرف من أجل السلام القائم على العدل وكصديق سوف يأتي الوقت الذي يتضح فيه أمامكم وأمام الشعب كل الحقائق التي هي ملك الشعب وللأجيال وسنعرف كيف وقف بجانبنا الاتحاد السوفيتي وكيف وفىَّ بتعهداته من غير قيد أو شرط.

          وأشار الرئيس إلى ما يُرَوَّجْ أحياناً من ادعاءات تقول أن أمريكا قد تستطيع أن تساندنا .. وقال أن هذه مغالطة ونوع من الدعاية يعملون على تسريبها إلى بلدنا.

          فقد أثبتت التجربة أن أمريكا لم تبني مصنعاً واحداً ولن تقدم بناءً واحداً لهذا البلد دائماً هم مستعدون لأن يهدوا موارد استهلاكية فقط أما بناء الاقتصاد فلا .. وهذه سياسة معروفة.

          وأكد أن هناك اختلافاً كبيراً في طبيعة العلاقات بين إسرائيل وامريكا من جهة والجمهورية العربية المتحدة والاتحاد السوفيتي من جهة أخرى.

          وقال أن وزراء إسرائيل أنفسهم يصرحون جهاراً نهاراً بأن إسرائيل تمثل خط الدفاع الأول عن مصالح أمريكا الإمبريالية بالمنطقة وأنهم يحاربون معركة أمريكا وأن الإسرائيليين يموتون دفاعاً عن مصالح الأمريكيين بالمنطقة.

          أما عن علاقتنا بالاتحاد السوفيتي فنحن لا ندافع عن مصالحه وإنما تقوم علاقتنا على هدف مشترك هو مقاومة الإمبريالية وهو يقف معنا لأنه يرى الظلم واقع علينا .. وبيننا صداقة متينة .. ومن أجل هذا يقدم لنا الاتحاد السوفيتي المساعدات.

          ووصف الرئيس سياسة أمريكا بالمغالاة وقال أن الأمريكيين مغرورين بطبعهم غرور القوة والغنى ـ الذي تحدث عنه قوليرايت رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الخارجية الأمريكي. الذي قلب بازعمهم وجعلهم يتصورون أم كل شئ يحل عن طريق القوة أو الدولار.

معركتنا .. أولاً وأخيراً
          وقال أن المعركة ليست معركة امريكا والاتحاد السوفيتي ولكنها معركتنا نحن وأن من يقرر سياسة هذا البلد هم قيادات وأبناء هذا البلد على ضوء مصلحتهم.

          ودعا الرئيس إلى اليقظة في المرحلة القادمة .. وقال أن هدفاً أساسياً من أهداف كسر جبهتنا الداخلية هو الإيقاع بيننا وبين الاتحاد السوفيتي ومن ثم لا نجد من يعطينا السلاح ونصبح تحت رحمة أمريكا وإسرائيل.

          وقال إن 23 يوليه حفظت وستحافظ على سياستها المستمدة من روح الشعب الذي لا يخضع لأوامر أحد ولا يقبل إملاء شروط أحد ولا يقبل تعالياً من أحد وأشرف لنا أن نموت ونحن واقفون على أن نقعد في مياه ساخنة والدفئ والرفاهية ونسلم أرضنا لأمريكا وإسرائيل أو أي أحد.

          وأضاف الرئيس أن المعركة معركتنا والأرض المغتصبة أرضنا وسنقبل كل ما تطلبه المعركة من تضحيات.

          ثم أعلن أن الاتحاد السوفيتي قد زودنا بأسلحة الحرب الإلكترونية .. وقال "إن لدينا الان قادة لجميع أفرع الحرب الحديثة بما فيها الحرب الإلكترونية .. ويسعني ويشرفني أن أقول أن جميع القائمين على هذه الأجهزة مصريون أولادنا .. وقد أتموا تدريبهم على هذه الأجهزة مما أدهش السوفيت أنفسهم.

          وأضاف الرئيس أن قواتنا بالجبهة قامت بأكثر من مناورة بهذه الأسلحة.

          وتحدث بعد ذلك عن واجبات الصحافة فأوجزها في واجبين: أحدهما "عاجل وهو أن تقدم للناس صورة واعية عن المعركة ودعا إلى عقد اجتماعات أسبوعية بين رؤساء تحرير الصحف وبين وزير الإعلام على أن يعقد هذا الاجتماع بين حين وآخر بحضور نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية لتتضح الخطوط السياسية وأبعاد المعركة في كل مرحلة.

          أما الواجب الآخر للصحافة فهو "آجل" ويتعلق بالإعداد لبناء صحافة المستقبل .. وطالب بان يشارك كل بفكره وجهده ودعا إلى إعداد "ميثاق شرف للصحافة" لا تعده الحكومة بل تعدونه انتم .. بحيث يوفر الضمانات ولا تعود صحافتنا للوراء.

الفن في معركة المصير
          وقال الرئيس أن هناك عناصر ذات كفاءات عالية في الإذاعة والتليفزيون .. ودعا الجهازين إلى بذل المزيد من الجهد من أجل خدمة المعركة الشاملة .. وتحدث عن دور الفنانين والكتاب والمؤلفين "فقال الآن عليهم أن يزودوا الشعب بالزاد الفكري، حتى نحارب ونحن نبتسم".

          وأكد مرة أخرى أن الستة أشهر القادمة لن تكون حاسمة فحسب بل ستكون مصيرية.

          وقال أن هناك قضية خطيرة وهي أن ثورة الشعب في 23 يوليه قامت على ركيزتين هما المادة والروح .. وواجبنا المزج بين الاثنتين لنخلق الإنسان الجديد الإنسان الصحيح الذي ترضى عنه هذه البيئة ويتجاوب مع الأرض الطيبة التي أنجبته.

عودة للتراث والتاريخ
          ودعا الرئيس الفنانين والكتاب إلى زيارة جبهة القنال ليروا عن كثب البطولات التي يسجلها جنودنا، قال أنه في الوقت الذي يدير فيه جنودنا أدق الأسلحة الإلكترونية وأعقدها، فليس هناك ما يمنع أن يقرءوا أبياتاً من الشعر حتى ليفقدوا الجمال.

          ثم قال أننا نتحدث من قاعة كان يجلس فيها من قبل الخديوي والملوك من بعده ويجب أن نتذكر أن جمال كان أول مصري يتولى الحكم في مصر منذ ألفي عام .. وأشاد بجهود كل من يعمل .. وقال أننا يجب أن نتأمل ذلك بالوفاء الذي هو من اكبر خصائص شعبنا.

          وأفاض الرئيس في الحديث عن معنى الوفاء وخاصة لكل من أفنى عمره في سبيل تحقيق رسالته .. وأشار بنوع خاص في هذا الصدد إلى كبار الفنانين الذين تقدم بهم العمر ودعا إلى ضرورة تكريمهم على نحو ما يحدث في كل الدول المتقدمة.

          كذلك دعا إلى العودة إلى التراث والتاريخ ليكونا منهلين للأعمال الفنية .. ودعا أيضاً إلى أن يشعر الجميع بالترابط والإحساس بشعور أعضاء الأسرة الواحدة .. وأن يقرر كل منا للآخر جهده وعمله وتاريخه.

------------------------