إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



خطاب الرئيس أنور السادات، أمام المؤتمر المشترك للجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي العربي ومجلس الشعب، حول اتفاقية سيناء، 4 /9 /1975
المصدر: "قال الرئيس السادات ، الجزء الخامس 1975، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ط 1982، ص260-265"

بسم الله..

أيها الأخوة والأخوات اعضاء المؤتمر المشترك..

         يسعدنى فى اول لقاء التقى فيه بأعضاء اللجنة المركزية بعد انتخابهم ان اهنئهم على ثقة الأمة فيهم، وكأنما كنتم على موعد مع القدر فيشاء الله سبحانه وتعالى ان يكون اول انعقاد رسمى للجنة المركزية بعد اعادة انتخابها من المؤتمر القومى العام بالاشتراك مع مجلس الأمة الذى انجز فى دورات اربع انجازا رائعا وتبقى له دورة أرجو أن يضع فيها كل الأسس واللبنات التى نريدها لمجتمعنا الجديد ان شاء الله.

         أهنئ الأخوة والأخوات أعضاء اللجنة المركزية بانتخابهم وكما قلت فكأنهم كانوا على موعد مع القدر، لأن اول اجتماع رسمى للجنة يأتى ونحن نجتاز مرحلة اعتبرها بحق كما قلت وسمعتمونى، اعتبرها نقطة تحول فى الصراع الذى يدور فى منطقتنا هنا منذ سبعة وعشرون عاما على الأرض، ومنذ ثلاثة أرباع القرن بالتدمير.. بالتآمر.

         ولقد أعددت خطابا لكى ألقيه عليكم فى هذه المناسبة، واصارحكم واصارح شعبنا وامتنا العربية، كما تعودت ان اصارحكم جميعا. ولكن ساءنى ان تتخذ قرارات وان تعلن مواقف حتى لم ينتظروا خطابى وانما اتخذت قرارات، وصدرت تصريحات ، وقامت مظاهرات من قبل ان القى بحديثى عن هذا الاتفاق الأخير الذى تم .. من اجل ذلك اجد لزاما على ان احدثكم بحديث نفسى الذى اعددته لهذه المناسبة فيما بعد ذلك لابد لى من ان اعود الى بعض الخلفيات حتى لا نضلل رجل الشارع العربى لا بالمزايدات ولا بالشعارات.

         أيها الأخوة والأخوات اعضاء المؤتمر المشترك ..

         لقد أردت من اجتماعنا هذا أن أشرككم كعادتى في تفهم كل موقف من المواقف الهامة التى نمر بها وان أتحدث أيضا من خلالكم إلى شعبنا وإلى الأمة العربية كلها حديثا لا تنقصه الصراحة الكاملة لقد توصلنا بعد جهد جهيد الى تحقيق اتفاق ثان للفصل بين القوات على الجبهة المصرية فى سيناء..

         وأقول بعد جهد جهيد، لأن هذا الفصل الثانى قد استغرق التوصل اليه شهورا من المناقشات المضنية والمناورات المستمرة ومحاولات التهرب والتأجيل وراهن كثيرون على ان هذا الفصل الثانى لن يتم، او انه اذا تم فسيكون مقابل ثمن اساسى هو اتفاقية سلام منفرد وهو ما عبرت عنه بأنه تعبير مستورد من خارج المنطقة العربية وأصر أيضا أنه تعبير مستورد من خارج المنطقة العربية.

          وأقول أو أنه اذا تم فسيكون مقابل ثمن أساسى هو اتفاقية سلام منفرد أو في القليل قبولنا باعلان إنهاء حالة الحرب. كان التعنت الاسرائيلى بالغا والتصريحات الصادرة من تل ابيب تؤكد انه لا خطوة الى الوراء دون هذا الثمن وللأسف وبرغم ما حذرت وبرغم ما قلته لأخوتى الملوك والرؤساء العرب فى الرباط بهذا الشأن من ان لا نأخذ تصريحات اسرائيل لكى نتعامل او نتساءل بيننا عنها او ان نضعها محل اتهام لبعض. لأقول للأسف.. سار بعض العرب وراء هذه التصريحات الاسرائيلية على انها حقيقة رغم أننا نفيناها مراراً، ذلك ان البعض ما زالوا أسرى الواقع الذى ساد المنطقة ربع قرن قبل حرب اكتوبر حين كانت كلمة اسرائيل هى القانون وارادتها هى العليا وكنت خلال هذا كله اكرر اننى متفائل وكان الصراع السياسى يدور حول كل كلمة وكل حرف من حروف هذا الاتفاق.

         ولكن كان مصدر تفاؤلى ما شرحته مرارا وما زالت بعض العقول لا تدركه من أن حرب أكتوبر المجيدة قد غيرت الموقف تماما وان موقف المفاوض العربى قد اختلف جذريا بعد هذه الحرب. كان موقف المفاوض العربى طوال ربع قرن هنا فى المنطقة او هناك في الأمم المتحدة والمحافل الدولية كان موقفه دائما قائما على مجرد الرجاء والاستجداء تارة والمذكرات القانونية والمرافعات والحصول على قرارات ورقية لا قيمة لها فى التنفيذ اما بعد حرب اكتوبر المجيدة  والمحافل الدولية كان موقفه دائما قائما على مجرد موقف الند للند، وصارت سياستنا تستهدف التوصل الى وثائق مشفوعة بالتنفيذ غير الوثائق الورقية التى تراكمت بالمئات خلال ربع قرن.

         من هنا كان تفاؤلى المستمر دون استهانة طبعا بالصعوبات الضخمة التى نواجهها..

         ثم إن هذا الاتفاق الثانى للفصل بين القوات يختلف فى مغزاه اختلافا جذريا عن الاتفاقين الأولين للفصل بين القوات على الجبهتين المصرية والسورية..

         كان الاتفاق الأول فك اشتباك بين قوات متحاربة رغم انه اعطانا ما اردنا كهدف عسكرى لحرب اكتوبر وهو استعادة قناة السويس وتحطيم خط بارليف وايجاد موضع قدم راسخة لنا فى سيناء..

         اما هذا الاتفاق الثانى فهو قبول صريح من اسرائيل بالانسحاب واكرر كلمة انسحاب.. تلك الكلمة التى كانت اسرائيل تأبى مجرد ذكرها بحجة انها ستقرر مبدأ وتكون سابقة لانسحابات اخرى تالية..

         وكان الانسحاب هذه المرة ايضا من مواقع استراتيجية هى منطقة الممرات ومنطقة آبار بترول ابو رديس..

         ولعلكم تتذكرون أننا بعد حرب أكتوبر قلنا أن الحرب كانت انجازا رائعا للأمة العربية كلها . فمن الناحية العسكرية حققت ما ذكرته لكم منذ قليل .. ومن الناحية السياسية والاقتصادية فانها جمعت الموقف العربى كما لم يحدث من قبل. وحركت سلاح البترول، الذى لم يستخدم قط، وزادت الثروة العربية بالصورة التى تعرفونها.

         ومن الناحية الدولية تغيرت نظرة العالم الينا كلية، بلى تغيرت موازين كثيرة للقوى العالمية واصبحت الأمة العربية هى القوة

<1>