إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



خطاب الرئيس أنور السادات، أمام أعضاء الكونجرس في الولايات المتحدة الأمريكية، 5 /11 /1975
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الخامس 1975، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ط 1982، ص 402 - 404"

         السيد رئيس مجلس الشيوخ

السيد رئيس مجلس النواب

السادة اعضاء الكونجرس

         اود ان ابدأ بشكركم على توجيه هذه الدعوة واتاحة الفرصة لى لكى التقى بكم على هيئة مؤتمر مشترك. وأواصل معكم المناقشات التى دارت بينى وبين عدد كبير منكم ممن زاروا مصر. تلك المناقشات التى وجدتها دائما مفيدة وممتعة. وانا اومن بأنه لا بديل عن الاتصال المباشر بين الناس الذى يتعمق الى لب المسائل التى تثير اهتمامنا المشترك وتشغل تفكيرنا. فليس هناك طريق افضل للتوصل الى فهم دقيق لهذا العالم المعقد الذى نعيش فيه والنفاذ الى المشاكل الجسيمة التى نواجهها اليوم او يحتمل ان نواجهها فى المستقبل. وفى اتصالنا هذا قد تختلف آراؤنا وتتباين وجهات نظرنا بين الحين والحين وليس فى هذا من بأس لان حضارتنا تقوم على التنوع والتعدد كمدخل التوصل الى الاجماع والتجانس وليس المطلوب هو تماثل وجهات النظر بل هو تقبل كل طرف لحق الطرف الآخر فى الاحتفاظ بآراء وأفكار مختلفة.

السيد رئيس مجلس الشيوخ

السيد رئيس مجلس النواب

         اننا- شأننا فى هذا شأن سائر الامم- مواجهون بواحد من اعتى تحديات العصر وهو اقناع هذا الجيل وتلك الاجيال التى تليه اننا نستطيع فى النهاية ان نبنى نظاما دوليا سليما قادرا على الوفاء بمتطلبات الغد ولحل مشاكل العصر المقبل ومن البديهى ان الأساليب القديمة لم تعد صالحة للتطبيق وانه لم يعد ممكنا ان نواجه المشاكل الجديدة بأفكار عتيقة وحلول بالية لذلك فانه يتعين استغلال تراث الماضى كمصدر للالهام لا كعنصر معوق يشدنا الى الوراء ويجب علينا الا نفت فى عضد العالم والا نكبت روح الثائر. صحيح ان حجم مشاكل اليوم وتعقيدها يجعلها تستحوذ على كل جهدنا فى سعينا الى الوصول الى بر الامان والطمأنينة الا انه لا يسوغ أبدا ان نسمح لضغط المشاكل اليومية الملحة بأن يحجب قدرتنا على الرؤية والتفكير فى المستقبل.

         ولكى نحقق هذا يجب ان نقيم نظاما دوليا جديدا يكون فيه الحكم بين الشعوب ليس مجرد القوة والجبروت بل الولاء للشرعية والخضوع لسيادة القانون ويجب ان نتوصل الى نظام اقتصادى دولى جديد يقضى على مظالم الماضى ويمهد الطريق امام تحديد اكثر عدلا للحقوق والواجبات . وها هى ذى الدول النامية تشهد نموا مطرد ا فى شعورها بانه قد آن الآوان لان يتحقق لشعوبها مستوى للمعيشة يقترب من ذلك الذى تنعم به شعوب الدول الصناعية وتلك آمال يجب ان تتحقق طالما اننا نسعى الى التقريب بين الانسان واخيه فى كل ارجاء العالم وان يحكم العلاقات الانسانية ايمان بالسلام والعدالة والاخاء الانسانى العالمى.

         وانا اذكر لكم كل هذا لأننى أومن ان هذا البلد يتحمل مسئولية خاصة فى عملية ادخال التعديلات اللازمة وتسهيل التحول الى البنيان الدولى الجديد وأومن كذلك انه ليس هناك من سبيل امام الولايات المتحدة الا قبول التحدى وتحمل مسئوليتها بعزيمة وقدرة على الرؤية لان امتكم هذه كسائر الامم فى تاريخ الانسان سوف يحكم عليها فى النهاية لا بالقوة التى تمارسها او الثروة التى تجمعها وانما بالقيم التى توجدها والمبادىء التى تحترمها ومن حسن الحظ ان تاريخكم حافل بالامثلة المشرفة بالاخلاص لقيم عليا ونواميس سامية. فعندما اراد ابراهام لنكولن أن يصف هذا الشعب اختار ان يقول انه شعب انبثق عن الحرية والتجرد لعقيدة ان الناس جميعا متساوون كما ان ودرو ولسون ذكر فى خطاب له امام اسلافكم في الكونجرس ان الشعوب الحرة وحدها هى التى تستطيع ان توجه طاقتها ومجدها نحو غاية واحدة وان تفضل مصلحة الجنس البشرى على مصالحها الأنانية الضيقة. أما كيندى فقد حث الجميع على الترابط من اجل اقامة صرح جديد لا يكون توازنا للقوى وانما عالم جديد يسوده حكم القانون ويكون فيه القوى عادلا والضعيف امنا والسلام مصونا.

         وقبل هذا بكثير حث اول رئيس امريكى "جورج واشنطن" مواطنيه فى خطاب وداعه التاريخى " ان يراعوا النية الطيبة والعدل تجاه جميع الامم وحذر من الوقوع في شرك الاحساس بعداء كامن ضد شعوب معينة وتوهم وجود رابطة عاطفية مع شعوب اخرى " وأضاف " ان هذه الرابطة العاطفية لها مخاطر عديدة منها توهم وجود مصلحة مشتركة حيث لا توجد ثمة مصلحة مشتركة".

السيد رئيس مجلس الشيوخ
السيد رئيس مجلس النواب

         اننى لم احضر الى بلدكم سعيا وراء مساعدة او طلبا للوعود والتعهدات، بل جئت لكى امد لكم ولكل ابناء الولايات المتحدة يد الصداقة والتفهم المتبادل ولست أخاطبكم كحليف وانما كصديق مخلص على استعداد لتأييدكم عندما تكونون على حق ويكون مستعدا بنفس القدر للفت نظركم عندما تكونون على خطأ ولن احاول ان اخدعكم بايهامكم ان مصالحنا ومصالحكم واحدة، فالواقع انها قد تتفق حينا وتختلف احيانا وهذا  امر طبيعى ولكننا فى كل تعاملنا معكم نبدأ من منطلق الرغبة فى تقوية روابط الصداقة والتعاون بين بلدينا. يهدينا فى هذا التزامنا الكامل بمبادىء عدم الانحياز وحرصنا المخلص على تحسين علاقاتنا مع جميع الدول على اختلافها.

         وليس هناك حد نقف عنده فى سعينا الى تحسين علاقاتنا وتوثيق روابطنا فكثيرا ما شعرنا بالاعجاب ازاء عديد من الامور فى امريكا وتطلعنا الى اليوم الذى يتحقق فيه تفهم افضل بيننا وبينكم ونحن لا نألوا جهدا فى هذا الصدد وقد تجاوبتم معنا وتعاونتم

<1>