إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



البيان الذي أدلى به السيد عبد الرحيم أ. فرح (الصومال)، رئيس اللجنة الخاصة المعنية
بسياسة الفصل العنصري التي تتبعها حكومة جمهورية جنوب أفريقيا،
في الجلسة 138 للجنة المعقودة في 24 حزيران/ يونيه1970

A/AC. 115/L.277، 25 حزيران/ يونيه1970

          إن بيان مقررنا الموقر عن ترسانة الأسلحة في جنوب أفريقيا واستمرار انتهاك عدة دول غربية للحظر يعكس الطابع الخطير والمؤسف للانتهاكين الخطيرين اللذين طال أمدهما لميثاق الأمم المتحدة  وهما: استخدام حكومة جنوب أفريقيا قوة السلاح لحرمان الشعب من حقوقه الإنسانية الأساسية، والأعمال التي لا تغتفر أيضا لبعض الدول المتورطة في تجارة الأسلحة لدعم ذلك النظام والتي تقدم المكاسب المادية على مبادئ الأخلاق الدولية التي تعهدت بتأييدها.

          وفي عامي 1963 و1964 عندما اتخذ مجلس الأمن قرارات تدعو إلى فرض حظر على توريد الأسلحة إلى حكومة جنوب أفريقيا، علقت آمال كبيرة على الدور الذي تعهد الأعضاء الدائمون الأربعة في مجلس الأمن بالاضطلاع به. وأدركنا أنه إذا أبدت هذه الدول الأربع تعاونها التام، فإن الدول الأخرى ستحذو حذوها وستسنح فرصة كبيرة لنجاح الحظر.

          فقد أيد الاتحاد السوفياتي هذا الاقتراح دون تحفظ. وتعهدت الولايات المتحدة باتباع "سياسة تحظر أن تباع لحكومة جنوب أفريقيا أسلحة أو معدات حربية، سواء من مصادر حكومية أو تجارية،  يمكن أن تستعمل لتعزيز الفصل العنصري". وأعلن الوفد الفرنسي أن حكومته "ستتخذ جميع الخطوات التي تراها ضرورية لمنع بيع أية أسلحة إلى حكومة جنوب أفريقيا يمكن أن تستخدم لأغراض القمع". وأعلن ممثل بريطانيا أن موقف حكومته هو "عدم تصدير أية أسلحة إلى جنوب أفريقيا من شأنها تعزيز سياسية الفصل العنصري". وتمسك بالموقف البريطاني فيما يتعلق بإمداد جنوب أفريقيا بالمعدات لأغراض الدفاع عن النفس بموجب المادة 51 من الميثاق.

          ودعونا نسرد بإيجاز ما حدث منذ اتخاذ قرار حظر توريد الأسلحة. فالاتحاد السوفياتي هو الدولة الوحيدة التي اضطلعت بمسؤولياتها كاملة. أما فرنسا فقد احترمت حظر توريد الأسلحة في مجال خرقه أكثر مما احترمته في مجال التنفيذ به، وشجعت بما قامت به من أعمال عدة دول أوروبية غربية على خرق هذا الحظر. فقد تضمن كل تقرير تقريبا بشأن حالة الأسلحة أصدرته هذه اللجنة منذ بدايتها أدلة على توريد أسلحة ومعدات عسكرية فرنسية إلى جنوب أفريقيا تحديا لقرار مجلس الأمن.

          وحتى ننصف المملكة المتحدة والولايات المتحدة حق الإنصاف، لابد من أن نذكر أن هاتين الدولتين بذلتا جهودا كبيرة لاحترام التزاماتهما على الرغم من ظهور ما يشير في بعض الأحيان إلى وجود تناقض في سلوكهما. وترجع هذه التناقضات إلى تفسيرها الفضفاض للغاية فيما يتعلق ببعض الأسلحة والمعدات العسكرية التي تقع في نظرهما ضمن فئة أسلحة الدفاع الخارجي وبعقود الأسلحة التي أبرمت قبل فرض الحظر على توريد الأسلحة. ولا يمكن إنكار أن هناك أسلحة ومعدات تم توريدها على حد زعمهما لأغراض الدفاع الخارجي استخدمت على نطاق واسع لأغراض الأمن الداخلي.

          ولكن على الرغم من هذه الثغرات، لابد من التسليم بأن الالتزام الرسمي في الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة والمملكة المتحدة باحترام حظر توريد الأسلحة كان له أثر كابح على توريد الأسلحة إلى جنوب أفريقيا. والمشكلة الآن هي: كيف يستطيع مجلس الأمن إقناع تلك الدول القليلة التي لا تزال تقوم بتوريد الأسلحة إلى جنوب أفريقيا في تحد لحظر الأسلحة بالإقلاع عن ذلك، وكيف نستطيع تشجيع الدول الأخرى على مواصلة الامتثال الصادق لحظر توريد الأسلحة. ومهما تكن التدابير التي يتخذها مجلس الأمن، فإن النتيجة ستتوقف في واقع الأمر على ما يتخذه الأعضاء الدائمون من إجراءات.

          وفي الأسابيع الأخيرة، وخاصة منذ إجراء الانتخابات في المملكة المتحدة، أثيرت تكهنات كثيرة بشأن الموقف الذي يحتمل أن تتخذه الحكومة الجديدة تجاه حظر توريد الأسلحة. وقد أصيب كثيرون منا بالانزعاج إزاء بعض البيانات التي نسبتها الصحافة إلى شخصيات قيادية في حزب المحافظين بشأن ما سيتخذونه من موقف بشأن حظر توريد الأسلحة إلى جنوب أفريقيا وبشأن نوع العلاقات التي يودون إقامتها مع نظام إيان سميث المتمرد في روديسيا الجنوبية. ومن ناحية أخرى لاحظنا التأثير الكابح الذي حاول رئيس الوزراء البريطاني الجديد - الأونرابل ادوارد هيث- أن يمارسه على المجموعات العنصرية وغيرها من المجموعات المتطرفة في بلده. ونأمل أن يكون هذا مؤشرا واضحا على أن سياسات حكومته لن ترضخ بأي شكل للعنصرية. وفي رأينا أن السماح من جديد بتدفق الأسلحة إلى جنوب أفريقيا واتخاذ موقف سلبي على الساحة الدولية إزاء سياسات جنوب أفريقيا العنصرية وإضفاء نوع من الاعتراف على النظام العنصري في سالزبوري إنما تعكس موقفا عنصريا.

          وفيما عدا الإدانات اللفظية لسياسات الفصل العنصري، والاستجابة المترددة وغير المقنعة للاحتياجات الإنسانية للموقف، فإن حظر توريد الأسلحة يمثل، أيا كانت قيمته، الإجراء الملموس الوحيد الذي اتخذه المجتمع الدولي  للتصدي لعدوان حكومة جنوب أفريقيا الإجرامي والمتواصل على حقوق غير البيض في جنوب أفريقيا.

          وأي إضعاف للحظر من شأنه أن يؤثر عكسيا لا على كفاح المظلومين في جنوب أفريقيا فحسب، ولكن أيضا على كفاح سكان روديسيا الجنوبية وناميبيا وإقليمي أنغولا وموزامبيق الخاضعين للاحتلال البرتغالي. وليس سرا أن الجزاءات المفروضة على روديسيا الجنوبية أحبطت بسبب التجارة التي تمارسها جنوب أفريقيا علنا وبحرية مع هذا النظام المتمرد. وقد استطاعت حكومة جنوب أفريقيا بفضل الأسلحة والأعتدة الحربية الهائلة التي اشترتها من الخارج أن تقيم وحدات تابعة لها في أراضي روديسيا الجنوبية. وتمكنت قواتها الجوية من القيام بعمليات استطلاع عسكرية وعمليات هجومية ضد حركات التحرير في أراضي بعيدة عن حدود جنوب أفريقيا. فإذا سمح لجنوب أفريقيا بزيادة مشترياتها من الأسلحة من الخارج، أو وفرت لها الوسائل اللازمة لزيادة تصنيعها في الداخل، فليتأكد المجتمع الدولي أن هذه الأسلحة ستأخذ طريقها إلى النظام المتمرد في روديسيا الجنوبية مما يزيد من تقويض الالتزام الدولي بالجزاءات.

          هذه هي الحالة إذن: وأقترح، لنظر اللجنة، أن نطلب أن يعيد مجلس الأمن النظر في الحالة بكاملها وأن يتخذ تدابير لتعزيز الحظر، وذلك في ضوء الأدلة التي جمعت على مدى السنوات وفي ضوء ما يحدث من تطورات جديدة.