إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



البيان الذي أدلى به الأمين العام كورت فالدهايم أمام اللجنة الخاصة المعنية بالفصل العنصري، في اجتماع عقد بمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لإنشاء اللجنة

نشرة الأمم المتحدة الصحفية SG/SM/1837-GA/AP/317، 2 نيسان/ أبريل 1973

...

          أنشأت الجمعية العامة هذه اللجنة لتمكين الأمم المتحدة من متابعة الحالة في الجنوب الأفريقي على نحو مستمر وليس فقط أثناء الدورات السنوية للجمعية العامة. وكان الرأي الصائب حينذاك أن الاهتمام بالتطورات المستجدة في جنوب أفريقيا يجب أن يكون متواصلا. وقد اضطلعت هذه اللجنة بدور مهم في ذلك النشاط الحيوي وأسهم عملها إسهاما كبيرا في زيادة الوعي الجماهيري على نحو مستمر بالظروف التي للأسف، ما زالت قائمة بعد مرور أكثر من 10 سنوات على شاربفيل.

          وأود أن استخدم أمامكم نفس العبارات التي استخدمتها في اليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري:

          "إن التمييز القائم على العرق هو ممارسة وحشية وحقيرة وجديرة بالازدراء ووصمة عار في جبين كل القائمين بها. وما دامت هذه الممارسة قائمة، فإن الضغينة والمرارة اللتين تولدهما ستعرضان السلم الهش الذي نعيشه الآن للخطر".

          وكان أهم جانب من جوانب عمل هذه اللجنة خلال السنوات العشر الماضية هو التصميم على وضع مقترحات إيجابية للقضاء على الفصل العنصري. وقد حثت اللجنة بنشاط ونجاح على أن ينفذ عدد كبير من الدول الأعضاء والمنظمات قرارات الأمم المتحدة؛ وشجعت التحرك صوب فرض حظر الأسلحة ضد جنوب أفريقيا؛ ووجهت مرارا انتباه الجمهور إلى السياسات القمعية وإساءة معاملة السجناء؛ وبدأت مناقشات وإجراءات في مجال حقوق الإنسان؛ وكانت القوة الدافعة وراء صندوق الأمم المتحدة الإستئماني لجنوب أفريقيا، وهي مهتمة بعمل اللجنة الاستشارية المعنية ببرنامج الأمم المتحدة التعليمي والتدريبي لجنوب أفريقيا؛ وشجعت الوكالات المتخصصة على اتخاذ إجراءات؛ واقترحت إنشاء وحدة معنية بالفصل العنصري كان عملها ذا أهمية كبيرة؛ مؤتمرات وحلقات دراسية أدت إلى زيادة توجيه الاهتمام الدولي نحو هذا الموضوع.

          ولا يشكل هذا بطبيعة الحال قائمة شاملة للأنشطة التي اضطلعت بها هذه اللجنة خلال السنوات العشر الماضية، ولكنه يشير إلى ما تحلت به اللجنة من قوة إبداع لدى اضطلاعها بعملها المهم. والمؤتمر النقابي الدولي المقبل لمناهضة الفصل العنصري المزمع عقده في جنيف في حزيران/ يونيه هو مثال آخر على السياسة التي تتبعها اللجنة الخاصة والمتمثلة في حشد جميع فئات المواطنين المعنيين في حملة مناهضة للفصل العنصري تغطي العالم كله.

          وأنا أعلم أن اللجنة تريد منى أن أشير بوجه خاص إلى المساهمة التي قدمتها المنظمات غير الحكومية والأفراد الذين لديهم تجربة شخصية مع سياسة الفصل العنصري ويساورهم شديد القلق إزاء هذه السياسات. وقد استفادت الوحدة المعنية بالفصل العنصري التابعة للأمانة العامة أيضا بدرجة كبيرة من هذه المساعدة وتلك النصيحة. ولى آمال عريضة في أن يستمر حصول اللجنة على هذه المساعدة التي نقدرها أيما تقدير. وهي تؤكد على الدور الرئيسي للمنظمات غير الحكومية في المجالين الإنساني والسياسي وتذكرنا بأن الميثاق مستهل بالعبارة التالية، "نحن شعوب الأمم المتحدة". والمساعي الجادة التي بذلها ممثلو الحكومات وحركات التحرير ومنظمة الوحدة الأفريقية والوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والخبراء من الأفراد، لم يقف دورها عند تزويد اللجنة بكثير من المعلومات الحيوية بل إنها أدت أيضا إلى ترسيخ دورها المهم في الكفاح ضد الفصل العنصري.

          ونحن على مشارف عقد مناهضة العنصرية والتمييز العنصري. وهناك من يتشككون في جدوى إعلان سنوات وعقود خاصة لقضايا معينة. ومن المؤكد أن هذه السنوات والعقود وحدها لن تحقق هدفنا بيد أنها عندما تستخدم استخداما فعالا في توجيه الرأي العام العالمي وفي التثقيف وتعزيز الاهتمام والمواقف الإيجابية أيضاً ـ يمكن آنذاك أن يكون لها دور حيوي.

          وسينعقد المؤتمر الدولي لدعم ضحايا الاستعمار والفصل العنصري في الجنوب الأفريقي في أوسلو من 9 إلى 14 نيسان/ أبريل. وإني آمل في أن يؤدى هذا المؤتمر البالغ الأهمية إلى وضع مقترحات بناءة لاتخاذ مزيد من الإجراءات على جميع الصعد، لمساعدة ضحايا الاستعمار والفصل العنصري وكذلك لإلغاء السياسات التي تؤدى إلى وجود هؤلاء الضحايا. ويمكن أن يكون مؤتمر أوسلو، الذي أوليت له أهمية كبيرة، خطوة بالغة الأهمية في الكفاح ضد الفصل العنصري.

          وأنا أعلم أن هناك كثيرا من الأشخاص يثبط عزيمتهم استمرار بقاء سياسات الفصل العنصري رغم جميع الجهود الجادة التي بذلتها الأمم المتحدة. غير أنني لا رأي أننا بحاجة إلى أن ننقاد لدواعي تثبيط الهمم. فالوعي الدولي بالفصل العنصري والإدانة الدولية له اللذان يتزايدان باطراد قد بعثا أملا حقيقيا في شعب الجنوب الأفريقي المضطهد وشجعاه في كفاحه. فالتبرعات الحكومية المقدمة إلى صناديق الأمم المتحدة الخاصة بأنشطتنا في هذا المجال تزيد هذا العام عما كانت عليه في أي وقت مضى. ومن المحتم الآن أكثر من أي وقت مضى أن نضع إجراءات دولية أكثر فعالية للقضاء على الفصل العنصري.

          وقد كانت الحالة في الجنوب الأفريقي أحد شواغلي الرئيسية منذ أن توليت منصبي كأمين عام. قد حصلت في هذه المهمة على التعاون الكامل من منظمة الوحدة الأفريقية ومن مختلف لجان الأمم المتحدة، بما فيها اللجنة الخاصة لمناهضة الفصل العنصري برئاسة السفير أوغبو من نيجيريا. وحصلت في الأمانة العامة أيضا المساعدة المخلصة التي لا تقدر بثمن من منغالان شاكو الذي يعرفه كثيرون منكم جيدا. ولقد كانت وفاته المفاجئة صدمة شديدة للأمم المتحدة وللمجتمع الدولي كله ولى شخصيا. ولا أجد شيئا أفضل لتخليد ذكرى حياته وعمله من القضاء على هذا المرض البغيض المتمثل في التمييز العنصري وخاصة الفصل العنصري. ونحن جميعا في أسرة الأمم المتحدة نكرم ذكراه وسنواصل عمله.

          وما دام الفصل العنصري قائما، فستواصل اللجنة الاضطلاع بدور حاسم في جهود الأمم المتحدة الجادة للقضاء على هذه الآفة.

          وأشكركم على إتاحتكم الفرصة لي للتحدث أمامكم وأتمنى لكم التوفيق في عملكم البالغ الأهمية.