إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



مقدمة للسجل الأول للاتصالات مع جنوب أفريقيا في مجال الألعاب الرياضية،
الذي نشرته اللجنة الخاصة لمناهضة الفصل العنصري

مركز الأمم المتحدة لمناهضة الفصل العنصري، المذكرات والوثائق، الرقم 18/81، أيار/ مايو 1981

مقدمة

          تولي اللجنة الخاصة لمناهضة الفصل العنصري اهتماما خاصا منذ سنوات عديدة لحملة مقاطعة لحملة مقاطعة الفصل العنصري في مجال الألعاب الرياضية في جنوب أفريقيا، وذلك كجزء من الحملة الدولية لمناهضة الفصل العنصري. ولقد كانت المقاطعة في مجال الألعاب الرياضية جديرة باهتمام خاص لعدة أسباب.

  1. فالألعاب الرياضية توصف بأنها شبه ديانة ثانية يعتنقها مجتمع الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا. ولذلك فإن مقاطعة الرياضيين والفرق الرياضية التابعة لجنوب أفريقيا تثبت لهم على نحو فعال البغض الذي يلقاه الفصل العنصري عالميا.
  2. ولقد كان الفصل العنصري مفروضا في مجال الألعاب الرياضية في جنوب أفريقيا، وازداد التشدد في تطبيقه منذ أن تولى نظام الحزب الوطني السلطة في عام 1948، واستخدمت في ذلك طائفة من القوانين واللوائح، فضلا عن التخويف. ولا يزال تطبيق الفصل العنصري جاريا، رغم عدد من التعديلات السطحية أجريت في السنوات الأخيرة لخداع الرأي العام العالمي.

          والتمييز العنصري في مجال الألعاب الرياضية يتصل اتصالا مباشرا بتدابير قمعية عديدة يفرضها النظام العنصري، من قبيل: الفصل بين الأجناس في الأحياء السكنية؛ والعزل والظلم في مجال التعليم؛ وعدم المساواة في تخصيص الموارد للأنشطة الرياضية؛ ونظام البانتوستانات ونظام اليد العاملة المهاجرة؛ وسيطرة البيض على جميع المناطق والمرافق الحضرية؛ وعدم كفاية الخدمات الصحية، والاستغلال الوحشي للسود الأمر الذي يكتب عليهم سوء التغذية والمرض، بل وجميع ألوان الحرمان التي يتعرض لها السود في ظل نظام السيطرة والاستغلال العنصريين.

          وهذا هو الذي جعل الاتحادات غير العنصرية للألعاب الرياضية في جنوب أفريقيا تعلن أنه لا يمكن "مزاولة الألعاب الرياضية السوية في مجتمع غير سوى".

  1. إن ممارسة الألعاب الرياضية تحدوها روح نظافة اللعب وتحكمها مجموعة من المبادئ، في مقدمتها المبدأ الأولمبي القاضي بعدم التمييز.

          ولقد اتخذ الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 2775 دال (د-26) المؤرخ 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 1971، في أثناء "السنة الدولية لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري"، الذي أعلنت فيه مساندتها المطلقة للمبدأ الأولمبي الذي يقضي بعدم السماح بأي تمييز على أساسا العرق أو الدين أو الانتماء السياسي"

          وهذا المبدأ ينتهك انتهاكا صارخا في جنوب أفريقيا.

  1. إن الرياضيين السود وغيرهم من المناهضين للعنصرية هم الذين بدأوا الحركة من أجل القضاء على الفصل العنصري ومقاطعته في مجال الألعاب الرياضية. وقد نادوا بطرد الهيئات الرياضية المقصورة على البيض من الاتحادات الدولية للألعاب الرياضية.

          وفي عام 1955 تشكلت رابطة جنوب أفريقيا للألعاب الرياضية، وهي رابطة غير عنصرية. والهيئات غير العنصرية للألعاب الرياضة تضم عشرات الآلاف من الأعضاء، رغم حرمانها من المرافق وإرهابها من جانب نظام الفصل العنصري ومؤسساته. وهي تتجمع الآن تحت مظلة مجلس جنوب أفريقيا للألعاب الرياضية الذي يتحمل العبء الأكبر من الكفاح ضد الفصل العنصري في مجال الألعاب الرياضية وهذا الاتحاد عضو في المجلس الأعلى للألعاب الرياضية في أفريقيا.

  1. وبفضل جهود العديد من المنظمات والأفراد، اجتذبت حملة مناهضة الفصل العنصري في مجال الألعاب الرياضية تأييدا جماهيريا واسعا في جميع أنحاء العالم، فهي حملة بوسع كل رجل وكل امرأة من أصحاب الضمير الحي المساهمة فيها مساهمة شخصية.

          إن مئات الآلاف من الرياضيين والمتفرجين في بلدان عديدة يشاركون في إجراءات مقاطعة الفصل العنصري في مجال الألعاب الرياضية، الأمر الذي عمل بدوره على بيان حقيقة الفصل العنصري للملايين من الأفراد الآخرين. وقد أصبح الكفاح ضد الفصل العنصري في مجال الألعاب الرياضية قضية قومية في بعض البلدان- ولا سيما البلدان التي تظاهرت حكوماتها ببغضها للفصل العنصري ولكنها واصلت التعاون مع نظام الفصل العنصري- وأكد اقتناع اللجنة الخاصة بأنه متى ظهرت حقيقة الفصل العنصري فإن الغالبية العظمى من الناس لن تتخلف عن معارضته.

          وكان مما له مغزاه الخاص أن الشباب كانوا في مقدمة صفوف حركة مناهضة الفصل العنصري في الألعاب الرياضية.

التقدم المحرز في حملة مناهضة الفصل العنصري في مجال الألعاب الرياضية

          سجلت حملة مناهضة الفصل العنصري في مجال الألعاب الرياضية إنجازات كبيرة في العقدين الماضيين.

          وكان أبرز انتصار هو تعليق مشاركة جنوب أفريقيا في المباريات الأولمبية في عام 1964 وطردها عام 1970. وعلى مر السنوات ظلت مشاركة جنوب أفريقيا تعلق أو أنها كانت تطرد من مجموعة من نظم الألعاب الرياضية، منها: ملاكمة الهواة والتربية البدنية والبادمنتون وكرة السلة وقوارب النزهة والشطرنج والكريكت وركوب الدراجات وكرة القدم والسباحة وتنس الطاولة والانزلاق على الماء ورفع الأثقال والمصارعة. وقد رفض طلب جنوب أفريقيا الانضمام إلى ألعاب رياضية مثل الجودو وكرة اليد.

          ولم يتسن حتى الآن الحصول على الأغلبيات المطلوبة لاستبعاد جنوب أفريقيا من بعض اتحادات الألعاب الرياضية التي تسيطر عليها قلة من البلدان الغربية عن طريق نظام الأصوات المرجحة، أو من ألعاب لا تشارك فيها البلدان الأفريقية وبلدان عدم الانحياز مشاركة تذكر ويقل فيها عدد أصوات البلدان الاشتراكية. ومن أمثلة ذلك: النبالة والشيش والجمباز والبنتاثلون الحديث والتجديف والرماية وسباق القوارب.

          والواقع أن تلك الألعاب شهدت سلسلة من المقاطعات الانفرادية من جانب بلدان أو فرق أو رياضيين احتجاجا على مشاركة فرق من جنوب أفريقيا العنصرية، وجعلت الضغوط تتزايد من أجل طرد جنوب أفريقيا.

          وعلاوة على ذلك، فإن مقاطعة الألعاب الرياضية التي يمارس فيها الفصل العنصري لقيت التأييد من الغالبية العظمى من حكومات العالم. ولئن كانت أغلبية الحكومات - ولاسيما في أفريقيا ودول عدم الانحياز والدول الاشتراكية- قد اتخذت تدابير حازمة لمنع الاشتراك في مباريات مع الفرق التي تنتمي إلى نظام الفصل العنصري، فإن عددا غيرها، ولا سيما من الغرب، اتخذ تدابير جزئية للثني عن الاشتراك في مثل هذه المباريات. ويمكن الإشارة بوجه خاص في هذا الصدد إلى الإجراءات التي اتخذتها في الآونة الأخيرة استراليا والدانمرك والسويد وفرنسا وكندا واليابان لمنع دخول فرق رياضية من جنوب أفريقيا.

          وقد أعلنت الحكومة الأيرلندية على جميع مواطنيها معارضتها القوية والصلبة للفصل العنصري في مجال الألعاب الرياضية. وحظرت في عام 1979 دخول فريق الرغبي المسمى "البرابرة" التابع لجنوب أفريقيا، وعارضت بشدة قيام فريق الرغبي الأيرلندي بزيارة إلى جنوب أفريقيا في أيار/ مايو1981.

          وقررت الحكومة الأرجنتينية في 30 أيلول/ سبتمبر 1980 أن مواطني جنوب أفريقيا إذا زاروا الأرجنتين فإنه يجب عليهم أن يعلنوا أنهم لن يشاركوا في أية مباراة رياضية ولن تكون لهم صلة بأية أنشطة رياضية أخرى، من قبيل تقديم المشورة الفنية والتدريب.

          كما أن ما يصدر من إعلانات دولية يعبر عن معارضة الحكومات لإجراء اتصالات مع جنوب أفريقيا في مجال الألعاب الرياضية. ففي أعقاب مقاطعة مباريات مونتريال الأولمبية من جانب الدول الأفريقية والعراق وغيانا، أعلن رؤساء حكومات بلدان الكمنولث "اتفاق غلينيغلز" لعام 1977 الذي اتفقوا فيه على "اتخاذ كل الخطوات العلمية الممكنة لعدم تشجيع الاتصال أو المنافسة من جانب مواطنيهم مع المؤسسات أو الفرق الرياضية أو الرياضيين من جنوب أفريقيا".

          أما برنامج العمل المشترك بين دول الشمال لمناهضة جنوب أفريقيا، الذي أعلن في أذار/ مارس 1978، فقد تضمن توصية بقطع الاتصالات مع نظام الفصل العنصري في مجال الألعاب الرياضية. وفي الاجتماعين اللذين عقدهما وزراء شؤون الألعاب الرياضية في أوروبا الغربية في عامي 1979 و1981، طلبوا من المؤسسات الرياضية والرياضيين عدم الرضوخ لاستغلال البلدان التي تمارس التمييز العنصري.

          وقد كان لتضحيات الكثيرين الفضل في تحقيق هذه الإنجازات في عزل ومقاطعة الفصل العنصري في مجال الألعاب الرياضية.

          وجرى الحال باستمرار على تعرض قادة الألعاب الرياضية غير العنصريين في جنوب أفريقيا نفسها للسجن وتقييد حركتهم والحرمان من جوازات السفر والتخويف والمضايقة.

          وفي خارج جنوب أفريقيا، اضطر رياضيون عديدون إلى تضييع فرص ثمينة للمنافسة الدولية لأن بعض الهيئات الرياضية أصرت على السماح باشتراك فرق نظام الفصل العنصري. والتضحية التي قدمها رياضيون من أفريقيا والعراق وغيانا اضطروا إلى مقاطعة مباريات مونتريال الأولمبية مثال واحد فقط من أمثلة عديدة. بل إن بعض الاتحادات الرياضية اتخذت إجراءات تأديبية ضد رياضيين رفضوا، على أساس المبدأ، الدخول في مباريات مع رياضيين وفرق رياضية من جنوب أفريقيا.

          وقد كرس عشرات الآلاف من الناس، وخاصة من الشباب في البلدان الغربية، وقتهم وطاقاتهم للقيام بمظاهرات لإبداء معارضتهم لمجيء فرق تابعة لنظام الفصل العنصري؛ وتعرض كثيرون منهم للسجن والاعتداء أثناء هذه المظاهرات. ولابد من الإشارة أيضا إلى التضحيات المالية الباهظة التي قدمها رياضيون محترفون مثل السيد محمد على والسيد جون ماكنرو والسيد فيفيان رتيشاردز والسيد جون كونتي وغيرهم من اللذين رفضوا على أساس المبدأ، اللاعب في جنوب أفريقيا العنصرية.

مناورات نظام الفصل العنصري

          عندما واجه نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا هو ومسؤولوه عن شئون الألعاب الرياضية وأصدقاءه في الخارج تزايد مقاطعة الفصل العنصري في مجال الألعاب الرياضية، فإنهم بدءوا القيام بسلسلة من المناورات والأعمال الخسيسة من أجل خداع العالم والخروج من عزلتهم.

          ذلك أن مسؤولي الشئون الرياضية في جنوب أفريقيا اللذين يتولون أمر تنفيذ التمييز العنصري الفاضح، فضلا عن المسؤولين ومتعهدي المباريات في الخارج الذين نظموا تبادل الفرق الرياضية مع جنوب أفريقيا متحدين في ذلك جميع الاحتجاجات والنداءات، أصبحوا يدعون الآن أنهم يعارضون الفصل العنصري في مجال الألعاب الرياضية وأن زيادة الاتصالات في مجال الألعاب الرياضية مع جنوب أفريقيا هو أفضل وسيلة لهذا الغرض. وقد شجعهم نظام الفصل العنصري وساعدهم في ذلك سلسلة من التغييرات زعموا إدخالها على سياسة الألعاب الرياضية ترمي إلى إقناع غير العارفين بأنه يجري تحرير الألعاب الرياضية من أغلال الفصل العنصري.

          إن اللجنة الخاصة وكذلك الاتحادات الرياضية غير العنصرية في جنوب أفريقيا والمجلس الأعلى للألعاب الرياضية في أفريقيا، قد قاموا بتحليل هذه التغييرات المزعومة فوجدوا أنها مجرد مناورات مخادعة من جانب نظام ملتزم التزاما لا رجعة فيه بالهيمنة العنصرية.

          فهذه التغييرات تتألف أساسا من بعض التعليمات الخاصة التي تقضي بالسماح بضم بضعة سود إلى بعض الفرق "الوطنية"، وحضور متفرجين من أعراق مختلفة بعض مباريات الرياضية ودخول الرياضيين السود بعض النوادي وقت إقامة بعض المباريات الرياضية. أما ممارسة الألعاب الرياضية فلا تزال في معظمها خاضعة للفصل العنصري. فلا يتم اختيار الرياضيين على أساس الجدارة. والعمل ينتهي فورا بتلك التعليمات الخاصة بعد تلك الأحداث الرياضية الخاصة. ويجرى تنسيق وتعزيز نظام الهيمنة العنصرية برمته الذي يمنع المساواة في مجال الألعاب الرياضية.

          لقد رفضت الهيئات الرياضية غير العنصرية في جنوب أفريقيا رفضا تاما تلك التعليمات المهينة التي أصدرها نظام الفصل العنصري ومسئولو الشئون الرياضية فيه، لأنها ترمى تحديدا إلى تمكين الهيئات الرياضية العنصرية من العودة إلى ميدان الألعاب الرياضية الدولية.

          وقد لقي موقفهم التقدير من السيد توني وارد، لاعب الرغبي الذي رفض الانضمام إلى فريق الرغبى الأيرلندى الذي ذهب إلى جنوب أفريقيا في أيار/ مايو 1981، حيث قال:

          "ولكن في نهاية اليوم تذهبون وأذهب للمشاركة في مباراة وبعدها نذهب إلى البار لاحتساء شئ من البيرة ولن يتسنى لكم أن تفعلوا ذلك إذا كنتم من السود في جنوب أفريقيا. فأنا أذهب إلى البار أما أنتم فتذهبون إلى بلدتكم أو سموها ما شئتم... ثم إنني أجلس في البار بمفردي وبيدي قدحي. وليس ذلك هو الرغبي أو الألعاب الرياضية أو هو من الأخلاق في شئ.

          غير أن بعض مسئولي الشئون الرياضية في بضعة بلدان أبدو تبلد الإحساس المطبق إزاء مشاعر المضطهدين في جنوب أفريقيا، وضلعوا مع نظام الفصل العنصري في مناوراته. فهم يتظاهرون بأنهم مهتمون بالألعاب الرياضية وحدها في حين انهم أصبحوا أدوات دعاية لنظام الفصل العنصري.

          لقد أوفدوا البعثات إلى جنوب أفريقيا لعقد وشائج الأخوة مع نظام الفصل العنصري ومسئوليه لشئون الرياضة، فضلا عن قلة من الهيئات البهلوانية الذليلة التي أنشئوها. وتدعى هذه البعثات أنه يجرى إحراز تقدم في سبيل التعددية العنصرية في جنوب أفريقيا وأن زيادة الاتصالات، لا العزلة، هي الكفيلة بتشجيع بلوغ هذه الغاية. وبعد ذلك يجرى نشر النتائج التي خلصت إليها على أوسع نطاق لتشجيع إقامة المباريات الرياضية في جنوب أفريقيا.

          ونظام الفصل العنصري من جانبه ينفق أموالا عامة وسرية لتشجيع الزيارات من جانب أمثال هؤلاء المسئولين الرياضيين، وللإساءة إلى الحملة المناهضة للفصل العنصري في مجال الألعاب الرياضية. وهو يكرس، بالتعاون مع المصالح التجارية في جنوب أفريقيا، أموالا طائلة لإغواء الرياضيين للمشاركة في مباريات تقام لهذا الغرض في جنوب أفريقيا. وبعض شبكات التليفزيون تقدم لهم المساعدة في هذا الشأن، ليس بمجرد الدعاية على نطاق واسع وإنما أيضا بتقديم مدفوعات سخية لقاء حقوق إذاعة المباريات.

          ويجب التأكيد على أنه لا يمكن الوثوق بالنتائج التي خلصت إليها بعثات "تقصى الحقائق" المزعومة التي أوفدتها بعض الهيئات الرياضية الغربية بالتعاون مع نظام الفصل العنصري واتحاداته الرياضية. لقد أعلن الرياضيون السود الذين يعانون من التمييز مواقفهم بوضوح، وكذلك فعلت حركات التحرير الوطنية، إنهم وحدهم الذين يمكن أن يقدموا شهادة موثوق بها عن الحالة وان يحددوا وسائل القضاء على الفصل العنصري في مجال الألعاب الرياضية.

عمليات تبادل الفرق الرياضية التي تمت في الآونة الأخيرة مع جنوب أفريقيا

          بالتعاون مع بعض الشخصيات الرياضية ومسئولي الشئون الرياضية في بضعة بلدان، تمكن نظام الفصل العنصري من تنظيم عدد من الأحداث الرياضية الكبرى في جنوب أفريقيا ومن إرسال بعض فرقه إلى المباريات الدولية.

          وكان معظم هذه العمليات في مجال الملاكمة للمحترفين والغولف والتنس حيث كان الإغراء الرئيسي للاعبين هو المكافآت المالية الطائلة التي قدمتها جنوب أفريقيا . بالإضافة إلى ذلك، تم تبادل الفرق في مجال الرغبي بفضل التعاون الوثيق بين مسئولي الشئون الرياضية في بضعة بلدان يمثل الرغبي فيها رياضة شعبية.

          وفي تلك الحالات لم يكتف متعهدو المباريات ومديرو الشئون الرياضية بتحدي قرارات الأمم المتحدة والاحتياجات من جانب منظمات وطنية ودولية عديدة، ولكنهم استخفوا أيضا باحتياجات حكوماتهم وشعوبهم نفسها. وجعلهم التهافت على ملاعبه فرق جنوب أفريقيا العنصرية لا يترددون في المغامرة بسمعة بلدانه وسلامة النظم الرياضية الأخرى في بلدانهم.

          وكانت المكافآت المالية من أهم الاعتبارات التي حدت بهم إلى تجاهل المبادئ الأولمبية، وإلى  احتقار أماني أغلبية سكان جنوب أفريقيا المضطهدين، وإلى تحدى الرأي العام الأفريقي والعالمي.

          ويمكن الإشارة إلى أن بعض عمليات التبادل في مجال الألعاب الرياضية.

          فقد عقدت الرابطة العالمية للملاكمة مباراة بين السيد جون تيت من الولايات المتحدة الأمريكية والسيد جيرى كويتزى من جنوب أفريقيا على بطولة الملاكمة الثقيلة في بريتوريا في تشرين الأول/ أكتوبر 1979. وشجع ذلك بوب أروم متعهد المباريات الرياضية من الولايات المتحدة على تنظيم مباراة البطولة التالية بين السيد مايكل ويفر من الولايات المتحدة والسيد جيري كويتزى في ولاية بوفوثاتسوانا المزعوم "استقلالها" في تشرين الأول/ أكتوبر 1980.

          وقام فريق الليونز البريطاني الايرلندي للرغبي بجولة في جنوب أفريقيا في حزيران/ يونيه 1980. وقد تمت هذه الجولة حين كان نظام الفصل العنصري يمارس القتل والتشويه عشوائياَ ضد الطلبة السود الذين يعبرون عن احتجاجهم على الظلم والفصل العنصري في مجال التعليم، فأثارت الشعور القوى بالامتعاض لدى مجتمع السود.

          وقام فريق سبرينغبوك للرغبى التابع لجنوب أفريقيا بجولة في باراغواي وأوروغواي وشيلى في تشرين الأول/ أكتوبر 1980 وقام فريق الرغبي القومي الفرنسي بجولة في جنوب أفريقيا في تشرين الثاني/ نوفمبر. وكانت تلك الجولات مقدمة لقيام فريق الرغبي الايرلندي بجولة في جنوب أفريقيا في أيار/ مايو 1981 ولقيام فريق سبرينغبوك بجولة في نيوزيلندا في تموز/ يوليه 1981.

          وسمح لجنوب أفريقيا بالمشاركة في المباريات العالمية لبطولة الغولف التي عقدت في الولايات المتحدة في تشرين الأول/ أكتوبر 1980.

          ورغم أن تلك المناسبات الرياضية كانت مقصورة على فئة قليلة من الألعاب الرياضية فقد تمت الدعاية لها على نطاق واسع ونَحت إلى حجب التقدم المستمر الذي يحرز في استبعاد جنوب أفريقيا من المجال الدولي للألعاب الرياضية. وقد أطمع ذلك نظام الفصل العنصري وأعوانه وجعلهم يتأهبون لمزيد من خرق المقاطعة في مجال الألعاب الرياضية.

بعض أهم المتعاونين مع نظام الفصل العنصري في مجال الألعاب الرياضية

          ينبغي الإشارة إلى أن بعض الهيئات الرياضية ومتعهدي المباريات والمديرين في مجال الألعاب الرياضية دأبوا على ممارسة الانتهاك الصارخ لقرارات الأمم المتحدة، بما في ذلك الإعلان الدولي لمناهضة الفصل العنصري في مجال الألعاب الرياضية، وعلى إسباغ الارتياح على نظام الفصل العنصري.

          وكان المجلس الدولي للرغبي من أنشط العاملين في تشجيع وتيسير تبادل الفرق الرياضية مع جنوب أفريقيا، رغم أن التمييز العنصري كان يمارس على أشده في لعبة الرغبي في جنوب أفريقيا.  ويتألف هذا الاتحاد من ثمانية أعضاء كاملي العضوية ـ اتحادات الرغبي في استراليا وانكلترا وايرلندا وجنوب أفريقيا وسكوتلندا وفرنسا ونيوزيلندا وويلز. وقد دأبت تلك الاتحادات ـ باستثناء الاتحاد الأسترالي للرغبي ـ على دعم تبادل الفرق مع جنوب أفريقيا، متحدية في ذلك الاحتجاجات العددية من حكومات بلدانها، فضلا عن الاحتجاجات الجماهيرية.

          وفي فرنسا، نظم السيد ألبير فيراس، رئيس الاتحاد الفرنسي للرغبي، جولة لجنوب أفريقيا في عام 1980، ضاربا عرض الحائط بنصيحة الحكومة واحتجاجات منظمات عديدة.

          وفي أيرلندا، تجاهل السيد روبرت (بوبي) غانلى، رئيس الاتحاد الايرلندي للرغبى، والسيد رونالد داوسون، نائب رئيس ذلك الاتحاد، النداءات العديدة من الحكومة والبرلمان وأغلبية كاسحة من الرأي العام وقاما بتنظيم جولة لفريق الليونز للرغبي التابع لجنوب أفريقيا في عام 1980 وجولة لفريق الرغبي الأيرلندي في جنوب أفريقيا في آيار/ مايو 1981.

          وكان السيد بادي ماديغان، مدير فريق الرغبي الايرلندي الذي قام بجولة في جنوب أفريقيا في عام 1981، مشجعا نشطا آخر لإقامة صلات مع جنوب أفريقيا في مجال الألعاب الرياضية.

          وفي نيوزيلندا، كان السيد ج.غ. فريزر، رئيس الاتحاد النيوزيلندي للرغبى، والسيد سيس بليزي، رئيس اتحاد الرغبي، والسيد رون دون، رئيس اتحاد أوكلند للرغبي والعضو في مجلس الاتحاد النيوزيلندى للرغبي، هم أنشط المروجين لجولة فريق سبرينغبوك للرغبي التابع لجنوب أفريقيا.  وقد تحدوا في ذلك نداءات الحكومة والأحزاب السياسية والكنائس والجماعات المناهضة للفصل العنصري، ومنظمات الطلبة والشباب، بل والأغلبية الكاسحة من الرأي العالم في نيوزيلندا.

          وفي بريطانيا العظمى، كان اتحاد ويلش للرغبي، بقيادة رئيسه كليف و.جونز، شديد النشاط في التعاون مع جنوب أفريقيا. وقد ضم ثلاثة لاعبين من جنوب أفريقيا إلى فريق ويلش في المباراة التي عقدت للاحتفال بالذكرى المئوية لإنشاء الفريق في 25 نيسان/ أبريل 1981.

          والاتحاد العالمي للملاكمة اتحاد دولي آخر عمل بنشاط على مساعدة نظام الفصل العنصري في تبادل الفرق الرياضية. ولجان هذا الاتحاد تضم أعضاء كثيرين من جنوب أفريقيا.

          وقد تجاهل السيد بوب أروم، وهو من متعهدي مباريات الملاكمة في الولايات المتحدة الأمريكية، احتجاجات عديدة على قيامه بتنظيم عدة مباريات عالمية على اللقب تضم لاعبين من جنوب أفريقيا، ليس فقط في جنوب أفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية، وإنما أيضا في ولاية بوفوثاتسوانا المزعوم "استقلالها".

          وفيما يلي أسماء بعض مشاهير مديري شئون الألعاب الرياضية الذين يشتركون بنشاط في الترويج لتبادل الفرق الرياضية مع جنوب أفريقيا.

          السيد ريتشارد (ديك) جيبز، رئيس المجلس البريطاني للألعاب الرياضية، وقد ترأس في بداية عام 1980 بعثة تابعة للمجلس "لتقصى الحقائق" ذهبت إلى جنوب أفريقيا وأعربت عن التأييد لتبادل الفرق الرياضية مع جنوب أفريقيا. كما قام بزيارة جنوب أفريقيا للتكلم أمام احتفال رياضي ولحضور مباراة رغبي بين جنوب أفريقيا وفريق الليونز البريطاني. وقد نادى مرارا لتبادل الفرق الرياضية مع جنوب أفريقيا بل قام في تشرين الأول/ أكتوبر 1980 بالدفاع عن نظام جنوب أفريقيا عندما رفض السماح للسيد بول ستيفنسون، عضو المجلس البريطاني للألعاب الرياضية، بزيارة جنوب أفريقيا.

          السيد ويليام (بيل) هيكس، رئيس لجنة الإعلام التابعة للمجلس البريطاني للألعاب الرياضية، وهو مدافع نشط آخر عن إقامة اتصالات مع جنوب أفريقيا في مجال الألعاب الرياضية.

          وقد قال إبان زيارته في جنوب أفريقيا في آذار/ مارس 1981 ما يلي:

          "أعتقد أنه ينبغي لمجلس الألعاب الرياضية أن يحاول إقناع الحكومة بأن تحاول إقناع مؤتمر رؤساء وزراء الكومنولث في آب/ أغسطس بإرخاء قبضة اتفاق غلينيغلز على الألعاب الرياضية

لا بشدها".

          السيد هارم هندريكس، مدير فريق المحاربين القدماء الهولندي للألعاب الرياضية في المباريات العالمية للمحاربين القدماء، التي عقدت في كرايستشيرش بنيوزيلندا في كانون الثاني/ يناير 1981. وقد أدخل عشرة من لاعبي جنوب أفريقيا كأعضاء في الفريق الهولندي للتحايل على الحظر المفروض على لاعبي جنوب أفريقيا.

          السيد جون هـ. مكدونالد النيوزيلندى، رئيس اللجنة التنظيمية للمباريات العالمية للمحاربين القدماء المعقودة في كرايستشيرش بنيوزيلندا في كانون الثاني/ يناير 1981. وقد ساعد على تيسير مشاركة لاعبين رياضيين من جنوب أفريقيا.

          السيد وولتر هادلي، الرئيس السابق للمجلس النيوزيلندي للكريكيت والعضو الحالي في مجلس إدارته. وقد كان له نشاطه في الجهود التي بذلت لإعادة قبول جنوب أفريقيا في المؤتمر العالمي للكريكيت.

          السيد ب.ج. بوترايت، رئيس رابطة الولايات المتحدة الأمريكية للغولف. وقد قام، متجاهلا احتجاجات عديدة، بتمكين فرق جنوب أفريقيا من المشاركة في المباراة العالمية للغولف في باينهيرست، نورث كارولينا، في تشرين الأول/ أكتوبر 1980.

قرار اللجنة الخاصة بفتح سجل

          في كل الحالات المشار إليها أعلاه، قامت اللجنة الخاصة مرارا بمناشدة الهيئات الرياضية والرياضيين وسائر المعنيين الآخرين بالكف عن التعاون مع نظام الفصل العنصري، وطلبت إلى حكوماتهم اتخاذ إجراء حازم لمنع تبادل الفرق الرياضية. على أن متعهدي المباريات والهيئات الرياضية تجاهلوا كل النداءات. ولم تتخذ بعض الحكومات أي إجراء على أساس أن النشاط الرياضي في بلدانها يتمتع بالاستقلال، وأنها اقتصرت على مجرد التعبير عن المعارضة.

          وفي هذه الأثناء زاد نظام جنوب أفريقيا من اضطهاده للهيئات الرياضية غير العنصرية. مثال ذلك قيامه بمصادرة جواز السيد م.ن. باثر، أمين سجل جنوب أفريقيا للألعاب الرياضية، في حزيران/ يونيه 1980 عشية سفره من دوربان لإجراء مشاورات مع اللجنة الخاصة.

          وفي ضوء ذلك رأت اللجنة الخاصة أن من الضروري مضاعفة جهودها للفت الأنظار على نطاق واسع إلى عمليات تبادل الفرق الرياضية مع جنوب أفريقيا حتى يتسنى للمجتمع الدولي تنسيق جهوده لتحقيق الوقف الكامل لجميع هذه العمليات. وتحقيقا لهذه الغاية، قررت القيام، بالتعاون مع جميع المنظمات المعنية، بإعداد سجل للاتصالات التي تتم مع جنوب أفريقيا في مجال الألعاب الرياضية، فضلا عن إعداد قائمة دورية بالرياضيين والمديرين ومتعهدي المباريات الضالعين في عمليات التبادل المذكورة لكي تصبح الانتهاكات التي تتم لقرارات الأمم المتحدة معروفة على نطاق واسع.

          وقد لقي بدء هذا السجل تأييدا حاسما من المجلس الأعلى للألعاب الرياضية في أفريقيا، واللجنة الأولمبية غير العنصرية لجنوب أفريقيا، ومن منظمات عديدة أخرى. كما لقي الترحيب من منظمات تقع في جنوب أفريقيا قررت إعداد "قوائم مقاطعة" لتيسير اتخاذ إجراءات وطنية ودولية.

          وعقد المجلس الأعلى للألعاب الرياضية في أفريقيا اجتماعا تنفيذيا في فريتاون بسيراليون في الفترة 17-20 كانون الأول/ ديسمبر 1980، حث فيه جميع البلدان الأعضاء في المجلس على اتخاذ إجراءات ضد المتعاونين مع نظام الفصل العنصري في مجال الألعاب الرياضية، الذين يحددهم سجل الأمم المتحدة، وبالأخص لحرمانهم من الدخول إلى أراضي كل منها.  وشرعت اللجنة الأولمبية غير العنصرية لجنوب أفريقيا في إعداد قوائم ربع سنوية بأسماء الرياضيين الذين يشتركون في مباريات في جنوب أفريقيا وذلك لمساعدة اللجنة الخاصة والمجلس الأعلى، فضلا عن سائر المنظمات المهتمة بالأمر.

          وقد أدى تعميم قوائم اللجنة إلى حفز عدد من البلدان على اتخاذ إجراءات. فقد منعت كينيا أربعة لاعبي تنس من المشاركة في مباريات رياضية في ذلك البلد. ومنعت نيجيريا عددا من اللاعبين من المشاركة في المباريات النيجيرية على الجائزة الكبرى للتنس. ورفضت حكومة السنغال السماح لناد جامعي فرنسي، هو ناد تولوز المنتسب إلى الاتحاد الفرنسي للرغبي، مع اللعب في داكار. وأصدرت حكومة زمبابوي تعليماتها إلى الاتحاد الزمبابوي للرغبي بألا يدعو نادى غرايستونز الأيرلندي بسبب تعاون ايرلندا مع فريق الرغبي التابع لنظام الفصل العنصري. وأعلن عدد من المنظمات الأفريقية اتخاذ إجراءات في هذا الشأن.

          وقد عمد لاعبا الرغبي بيل بومونت وجون كارلتون، ولاعبا التنس تيم غليكسون وجيمي كونرز، ولاعب الغولف نيك فالدو، وكلهم بريطانيون، إلى إلغاء سفرهم المزمع إلى جنوب أفريقيا في أية جولات أخرى.

          وكان من العسير على بعض المناسبات الرياضية التي عقدت في جنوب أفريقيا اجتذاب متبارين أجانب.

          كما أن للرياضيين ومديري شئون الألعاب الرياضية الذين لم يأبهوا بقضية الفصل العنصري أو وقعوا في شراك المكافآت المالية التي عرضتها الهيئات الرياضية التابعة لنظام الفصل العنصري وجدوا من الضروري أن يتدبروا النتائج. وقد تلقوا تحذيرا بأنهم إذا عقدوا وشائج الأخوة مع نظام الفصل العنصري واستفادوا منه ماليا فليس لهم أن يتوقعوا أن يتسنى لهم عقد مثل هذه الوشائج مع رياضيين من بلدان عديدة أخرى أو أن يحققوا أية مكاسب في تلك البلدان.

النتيجة

          إن اللجنة الخاصة، إذ تقوم بنشر العدد الأول من "سجل الاتصالات مع جنوب أفريقيا في مجال الألعاب الرياضية"، تكرر تأكيد أهمية وقف جميع عمليات تبادل الفرق الرياضية مع نظام الفصل العنصري وذلك كمساهمة في الجهود الدولية من أجل القضاء على الفصل العنصري ودعما لتحرير جنوب أفريقيا.

          وهي تأمل أن يعمل هذا السجل على تيسير اتخاذ الإجراءات المناسبة من جانب الحكومات والمنظمات والأفراد في إطار حملة مقاطعة الفصل العنصري في مجال الألعاب الرياضية.

          واللجنة الخاصة تطلب إلى جميع الحكومات والمنظمات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية، فضلا عن وسائط الإعلام، التعاون في الدعاية للسجل وممارسة نفوذها لتحقيق العزل التام للفصل العنصري في مجال الألعاب الرياضية.

          ونظرا إلى أن الكثيرين ممن يشاركون في الاتصالات مع جنوب أفريقيا يكونون فريسة للإغواء من جانب نظام الفصل العنصري ومؤسساته عن طريق تقديم المكافآت المالية ـ المستمدة من الاستغلال الوحشي للسود ـ فإن اللجنة الخاصة تدعو جميع الحكومات والهيئات الرياضية الملتزمة بالحرية في جنوب أفريقيا إلى النظر في اتخاذ الإجراءات المناسبة لمنع هؤلاء الأشخاص من الاستفادة من المباريات التي تقام في بلدانها. إذ أن من شأن هذه الإجراءات أن تقدم دليلا فعالا على اشمئزاز المجتمع الدولي من جريمة الفصل العنصري، ومن التعاون مع نظام الفصل العنصري.