إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



التقرير الثالث للأمين العام عن تنفيذ الإعلان المتعلق بالفصل العنصري
ونتائجه المدمرة في الجنوب الأفريقي
A/47/574، 6 تشرين الثاني/ نوفمبر 1992

أولا- مقدمة

  1. طلبت الجمعية العامة إلى الأمين العام، فيما طلبته، بموجب مقررها 45/457 باء المؤرخ 13 أيلول/ سبتمبر 1991، وقرارها 46/79 ألف المؤرخ 13 كانون الأول/ ديسمبر 1991، أن يعزز كافة الجهود المفضية إلى استئصال شأفة الفصل العنصري عن طريق المفاوضات الجادة، وأن يواصل بنشاط متابعة تطورات الحالة في جنوب أفريقيا وأن يقدم تقريرا عما يحرز من تقدم في تنفيذ الإعلان المتعلق بالفصل العنصري ونتائجه المدمرة في الجنوب الأفريقي. وهذا التقرير مقدم استجابة لذلك الطلب.
  2. وبغية إعداد هذا التقرير، التمست الأمانة العامة آراء الحكومة، وكافة الأحزاب والحركات والمنظمات السياسية، فضلا عن عدة أطراف أخرى التقت بها وفود الأمم المتحدة وأجرت حوارا معها في جنوب أفريقيا خلال عام 1992. وقد طلب إلى هذه الجهات أن تقدم في موعد أقصاه 5 تشرين الأول/ أكتوبر 1992، ملاحظاتها بشأن مجمل الحالة في جنوب أفريقيا وبشأن أي تطور يحدث فيما يتعلق بتنفيذ الإعلان.
  3. ولقد أتيحت للأمين العام، في عدد من المناسبات خلال هذه السنة، فرصة بحث التطورات المتصلة بالحالة القائمة في جنوب أفريقيا، ولا سيما عملية المفاوضات الجارية في ذلك البلد مع وزير خارجية جنوب أفريقيا وممثلها الدائم لدى الأمم المتحدة، والتقى الأمين العام أيضا برئيس المؤتمر الوطني الأفريقي، السيد نيلسون مانديلا، ورئيس مؤتمر الوحدويين الأفريقيين لآزانيا السيد كلارنس ماكويتو، والزعيم مانغوسوتو بوتيليزى، رئيس حزب الحرية إنكاثا، الذين زودوه بتقييم للحالة وبينوا له موقف حركاتهم من التطورات الجارية في جنوب أفريقيا. وبالإضافة إلى ذلك، كان الأمين العام ممثلا بصفة مراقب في مؤتمر العمل على إقامة جنوب أفريقيا ديمقراطية (الأول والثاني) المعقودين في كانون الأول/ ديسمبر 1991 وأيار/ مايو 1992 على التوالي. كما قام الممثل الخاص للأمين العام، السيد سايروس فانس، في تموز/ يوليه 1992عملا بقرار مجلس الأمن 765/1992. وقام فيريندرا دايال، المبعوث الخاص للأمين العام، بزيارة جنوب أفريقيا في أيلول/ سبتمبر 1992، لإجراء مباحثات متابعة مع الأطراف ذات الصلة فيما يتعلق بتنفيذ قرار مجلس الأمن 772 (1992).
  4. وبالإضافة إلى ذلك، وجه الأمين العام اهتمام أجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة المعنية إلى بعض أحكام القرار 46/79 ألف المؤرخ 13 كانون الأول/ ديسمبر 1991. وستبين في تقرير مستقل إلى الجمعية تفاصيل الخطوات المتخذة من قبل منظومة الأمم المتحدة لتنفيذ هذه الأحكام.

ثانيا- ملاحظات الأمين العام

  1. بالرغم من التقدم المحرز في المفاوضات التي استهلت في المؤتمر الأول للعمل على إقامة جنوب أفريقيا ديمقراطية في كانون الأول/ ديسمبر 1991، فإن المؤتمر الثاني قد انتهى إلى طريق مسدود نظرا لعدم التمكن من التوصل إلى أي اتفاق بشأن الترتيبات الانتقالية بما في ذلك إقامة حكومة مؤقتة. وبعد قطع المفاوضات المتعددة الأطراف، أدى تصاعد العنف السياسي إلى تفاقم الحالة. وقد أدت المجزرة التي حدثت في بلدة بويباتونغ في 17 حزيران/ يونيو 1992، وما تلاها من أحداث عنف، بما في ذلك المأساة التي حدثت في بيشو بسيسكاي في 7 أيلول/ سبتمبر 1992، إلى تركيز الاهتمام على الضرورة الحتمية لإنهاء العنف، وتسهيل الانتقال السلمي نحو جنوب أفريقيا ديمقراطية وغير عنصرية وموحدة.
  2. وبعد الزيارة التي قام بها إلى جنوب أفريقيا ممثلي الشخصي، السيد سايروس فانس، في نهاية تموز/ يوليه 1992، عملا بقرار مجلس الأمن 765 (1992)، قدمت توصيات محددة، في إطار القرار للمساعدة في التوصل إلى إنهاء فعلي للعنف وتهيئة الأحوال اللازمة لاستئناف المفاوضات المتعددة الأطراف، وفي وقت لاحق طلب مجلس الأمن، فيما طلبه، بموجب قراره 772 (1992)، أن تقوم حكومة جنوب أفريقيا وجميع الأطراف في جنوب أفريقيا بالتنفيذ العاجل للتوصيات ذات الصلة الواردة في تقريري، وأذن لي بوزع مراقبين تابعين للأمم المتحدة في جنوب أفريقيا. وقد قام مبعوثي الخاص السيد فيريندرا دايال، بزيارة جنوب أفريقيا في الفترة من 16 إلى 26 أيلول/ سبتمبر 1992 لإجراء مباحثات متابعة مع الأطراف المعنية بشأن القرار المذكور أعلاه وكذلك بشأن التطورات السياسية في ذلك البلد.
  3. وبطلب من الأطراف، تم وزع 10 مراقبين تابعين للأمم المتحدة في جنوب أفريقيا في الأسبوع الأول من آب/ أغسطس 1992 لمراقبة العمل الجماهيري الذي نظمه المؤتمر الوطني الأفريقي. ومن المتفق عليه عموما أن وجود المراقبين العشرة التابعين للأمم المتحدة له أثر مفيد على الحالة السياسية في غضون تلك الفترة. وبنهاية تشرين الأول/ أكتوبر 1992، كان قد تم وزع 44 مراقبا تابعين للأمم المتحدة في جنوب أفريقيا وفقا لمقررات مجلس الأمن ذات الصلة. وقد لقي المراقبين استقبالا حسنا من خلال الهياكل التي تم إنشاؤها بموجب اتفاق السلم الوطني والتي يعمل معها المراقبون بشكل منسق بغية المعالجة الفعالة لمجالات الاهتمام المشار إليها في تقريري إلى مجلس الأمن. وقد رحبت حكومة جنوب أفريقيا، وكذلك الأطراف المعنية، بوجود المراقبين ومساهمتهم في عملية السلم. وبعثة المراقبين التابعة للأمم المتحدة ماضية قدما وبشكل سريع نحو إنجاز الولاية المسندة إليها، بالتعاون الوثيق مع المراقبين التابعين للكمنولث والجماعة الأوروبية وكذلك منظمة الوحدة الأفريقية.
  4. ويشكل الاجتماع الذي عقد بين الرئيس دي كليرك والسيد نيلسون مانديلا، رئيس المؤتمر الوطني الأفريقي، في 26 أيلول/ سبتمبر 1992، خطوة هامة إلى الأمام في اتجاه الخروج من الطريق المسدود الذي وصل إليه المؤتمر الثاني للعمل على إقامة جنوب أفريقيا ديمقراطية. وقد تم التوصل إلى اتفاق في الاجتماع بشأن المسائل الرئيسية المتصلة بتعزيز الأمن في دور الإيواء، والإفراج عن جميع السجناء السياسيين المتبقين وحظر حمل الأسلحة الخطرة وعرضها. كما تم التوصل إلى اتفاق بشأن الحاجة إلى وجود جمعية تأسيسية ديمقراطية/ هيئة لوضع الدستور وضرورة الاستمرارية الدستورية خلال الفترة الانتقالية الأولية. وهذه الاتفاقات تمثل تطورا مستحسنا غاية الاستحسان وينبغي أن توفر الأساس للمضي قدما في عملية التفاوض. بيد أنى مازلت قلقا بصفة خاصة بسبب رفض الزعيم مانغوسوتو بوتيليزي، رئيس حزب الحرية إنكاثا لهذه الاتفاقات. ومع مراعاة هذه العوامل شددت لجميع المعنيين على ضرورة بذل جهد مجدد وعازم لإنهاء العنف وإزالة أية عقبات متبقية يمكن أن تعيق استئناف المفاوضات.
  5. وينبغي للاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الرئيس دى كليرك والسيد مانديلا أن يؤدى إلى تسارع القوة الدافعة لإجراء تغيير بناء وأن يفضي إلى إحراز تقدم على الجبهة الدستورية. إلا أن هناك مخاطر هائلة لا تزال قائمة، وليس أقلها تقلب الجو السياسي والميل نحو اللجوء إلى التخويف والعنف. ومن الحتمي أن تفي الأحزاب السياسية بالالتزامات التي قطعتها على نفسها بوصفها موقعة على اتفاق السلم الوطني، وكذلك على الاتفاق المؤقت الذي تم التوصل إليه بين الأحزاب بشأن تنظيم المظاهرات العامة استنادا إلى المقترحات التي قدمتها لجنة غلودستون. وأود هنا أن أشدد مرة أخرى على مسؤولية سلطات جنوب أفريقيا عن المحافظة على القانون والنظام، وضرورة قيامها باتخاذ جميع التدابير اللازمة لإنهاء العنف وحماية حقوق جميع مواطني جنوب أفريقيا في ممارسة النشاط السياسي السلمي دون خوف من الإرهاب أو العنف. وينبغي لجميع الأطراف في جميع أفريقيا أن تتعاون في مكافحة العنف وممارسة أقصى درجات ضبط النفس من أجل المساعدة في الخروج من دورات العنف.
  6. وما برحت الأمم المتحدة تعمل بنشاط، من خلال مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومن خلال صناديقها الاستئمانية للجنوب الأفريقي وشبكة الوكالات المتخصصة، من أجل التوصل على التوالي، إلى عودة المنفيين من جنوب أفريقيا، وإعادة دمج السجناء السياسيين السابقين في مجتمع جنوب أفريقيا، وفي توفير المساعدة التعليمية والتدريبية لمواطني جنوب أفريقيا المحرومين. وبالإضافة إلى ذلك، تظل الأمم المتحدة مستعدة لتوفير استجابة منسقة على نطاق المنظومة لمعالجة التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن ممارسة الفصل العنصري التي اتخذت طابعا مؤسسيا والمستمرة منذ أمد بعيد.
  7. وبالطبع فإن دور المجتمع الدولي في تحويل جنوب أفريقيا إلى بلد ديمقراطي وغير عنصري لا يمكن أن يكون سوى دور مكمل لأدوار مختلف الجماعات السياسية في البلد.  فمشاركة هذه الجماعات وحسن نيتها وشجاعتها السياسية هي أمور أساسية لتحقيق النجاح، ويجب أن تلقى على عاتق مواطني جنوب أفريقيا أنفسهم مسؤولية التوصل إلى اتفاق عادل ودائم من خلال التفاوض.  أما الأمم المتحدة من جانبها فستواصل السعي إلى إيجاد سبل خلاقة لمساعدة شعب جنوب أفريقيا ككل في بلوغ الأهداف التي حددها لنفسه والتي التزمت بها الجمعية العامة للأمم المتحدة في إعلانها الصادر في عام 1989 بشأن الفصل العنصري ونتائجه المدمرة في الجنوب الأفريقي.